هل تساءلنا يومًا لماذا يخصص اللون الأحمر في الإشارة الضوئية للتعبير عن التوقف التام، بينما يشير اللون الأخضر للانطلاق والسماح بالعبور، فيما يشير اللون البرتقالي إلى الاستعداد للتوقف التام.
الجواب عن السؤال، نجده عند علوم الهندسة المرورية، إذ إنّ اختيار اللون الأحمر تحديدًا تفسره الهندسة المرورية بأنه هو اللون الذي يمكن رؤيته على بعد أكبر مقارنة بالألوان، نظرًا لامتلاكه طولًا موجيًا هو الأكبر بين موجات الضوء المرئي، وبطبيعة الحال، فإن ذلك يساعد عيون السائق على فحص الحالة المرورية للإشارة.
وحيث إنّ أبشع الحوادث المرورية تحدث نتيجة قطع بعض السائقين للإشارة الضوئية الحمراء، فإنّ البلدان تعمل على تطوير الثقافة المرورية، كأساس وقائي، كما تفرض عقوبات وغرامات كبيرة على قاطعي الإشارات المرورية، والاستهتار بحياة الناس.
ومع أنّ القوانين المرورية تتعرض لعمليات التحديث اللازم لمعالجة السرعات الجنونية التي تصدر من بعض السائقين الذين يعرّضون حياتهم وحياة الآخرين للموت أو الإصابات المزمنة، إلاّ أنّ الوضع تتفاقم صورته كلّما ازدادت معدلات السرعة التي يمارسها بعض الطائشين أثناء قيادة مركباتهم.
إحدى الصديقات تعرضت قبل نحو عامين لحادث عنيف، حينما كان زوجها يستعد للانعطاف بعد أن أضاءت الإشارة المرورية لونها الأخضر، وصادف أحد السائقين من قاطعي الإشارة المرورية الطائشين يرتطم بعنف في السيارة التي تتحرك في مسارها الصحيح، وكانت النتيجة إصابات وكسور لم يتعاف من آلامها الزوج حتى اليوم.
في علوم الفقه، زادت المسائل التي يوجهها بعض الناس للعلماء، حتى طبعت بعض المصنفات الفقهية تحت عناوين «فقه المرور»، ولكن لا حياة لمن تنادي، فالمركبات ذات السرعات الفائقة تنتهك أجزاء الثواني في حياة الكثيرين من الناس.
والتفحيط كذلك هو ممّا يرادف مثل هذه الأوبئة التي تسلب أوجه الراحة من الأحياء السكنية التي صممت عمرانيًا وحضريًا لينعم أهلها بالراحة والهدوء والأمان، بل وصل الحال إلى الحفلات التي تفتك بالمتفرجين أولًا، والمشاهد العنيفة تخبر عن قماءة الوضع ودونيته.
ولعل العقوبة التي طالت إحدى السائقات التي قبض عليها نتيجة حفلة التفحيط التي عمرتها خرابًا، تكون علاجًا يوقف دخول المرأة على مثل هذا الخط الشبابي المتجاوز للأنظمة المرورية والأمنية، الذي تتلاقى في حلباته الصبيانية وجوه الشر والعدوان على اليافعين والمراهقين والشباب.
ويبقى ابتكار الإشارة المرورية يحمل عمقًا ومعنى يعين الملتزمين به على عدم الانشغال بالجوال والكتابة عبر تطبيقات الهواتف الذكية ونسيان الطريق، فالحديث الشريف يقول: أعطِ الطريق حقه، وهو توجيه يؤكد إلزامية الأمر للجميع، وهو دعوة لعقلنة الطريق وليس لنشر الجنون فيه.
المصدر: آراء سعودية