“أكثر الناس انتقادًا أكثرهم نقصًا”، مقولة تغنيك عن قصيدة شعر.
المنتقدون هم شريحة من المجتمع تتربص بالناس عامة، وبالمبدعين والمتميزين خاصة، تتصيّد أخطاءهم الفعلية والوهمية لينشروها في كل حدب وصوب.
يطنطنون صباح مساء في كل مشروع خيري أو إنساني متخذين من العثرات الخفيفة أو المبررة، ومن اللا أخطاء وهجًا من نار يتذرعون به ليصلوا لمرادهم.
كثير من الطاقات الإيجابية، والإبداعات، والفنون والعلوم، والمعارف الإنسانية، والمشاريع الخيرية توقفت أو تعطلت أو تأجلت على أيديهم بقصدٍ أو بدونه.
يحذرُهم الناس قاطبة ويجاملونهم اتقاءً لشرهم المستطير الذي يصيب لهبه الحارق كل القلوب الطيبة المعطاءة.
عادة تكون بواعث المنتقدين شخصية أكثر منها واقعية أو علمية، بخلاف النقاد الفعليين الذين يعززون الحُسن بكل الوسائل حتى تصبح بذوره أشجارًا وارفة الظلال، ويعملون بكل السبل على تصحيح الأخطاء أو الاشتباهات بهدوء وحكمة وعلم وموضوعية.
المنتقدون يصرّون على مواقفهم في كل الأحوال، ومع كل البراهين العلمية والمنطقية، وعادة يتعدى صراخهم وانتقادهم حدودهم المكانية والزمانة، بخلاف النقاد الموضوعيين الذين لا يتجاوزون حدود المكان والزمان مطلقًا.
فارق كبير بين المتربص بالغير تحت مسمى ناقد وبين الناقد العلمي يفوق في أبعاده وتفاصيله حدود السماء والأرض.
المنتقدون يعيشون حالة من عدم القناعة بالذات وبالتالي فهم عديمو الثقة بأنفسهم وبالآخرين. شعورهم بالنقص يسقطونه في كلمات، أو مواقف، أو سلوكيات غير مقبولة قد تنطلي على بسطاء الناس ولكنها واضحة كالشمس في رابعة النهار عند أولي الألباب.
المجتمعات بشكل عام تزخر بالنفوس الطيبة والطاقات الإيجابية التي تملأ الحياة إشراقًا وجمالًا؛ وعليه فإن وجود هذه الفئة بينهم لا يعكس ثقافة المجتمع ولا سلوكه العام مطلقًا.
إن تسليط الضوء على هذه الفئة ووضعها تحت المجهر لا يعني تغليب الظواهر السلبية في المجتمع بأية حال، ولا ذيوعها؛ وإنما معرفة الكيفية التي نتعامل بها معها، ومداراتها في حدود معينة، ومسايرتها في حدود أخرى، وتغافلها أو تجاهلها في أحيان ثالثة.