إلى أم موسى الخنيزي عائدة عشرين عامًا إلى سرير الولادة القديم مرممة أعوامها باحتضان وليدها المخطوف
مثل موسى غائب في يمهِ
حاملا تذكاره من رحمهِ
سرقته كفُّ فرعونَ ولكنْ
رددناه لعينَي أمِّهِ
وفؤادٌ فارغٌ لم يجدوا
منذ ذكرىً نبضَه في لحمِهِ
في الأغاني وترٌ غابَ ولم
تنتعش ألحانُه مِن ضَمِّه
وحمامٌ بين أمٍّ وابنها
نام مربوطًا بحبلي سُمِّهِ
بين شَكَّينِ فحضنٌ فضةٌ
سهرَت أوجاعُهُ في ختمِهِ
بينما الآخَرُ حضنٌ كاذبٌ
برئت أيْمانُه مِن وشمِهِ
فجأةً وهْيَ تُسمى أمَّهُ
تنظرُ اليومَ بعَيني خصمِهِ
كتبَ اللهُ بأن يُرجعه
فتخطَّى شارعًا من وهمِهِ
وعلى جسرِ بكاءٍ طاعنٍ
عادَ أفقٌ ضاعَ من أنجُمِهِ
ساعِدوها ساعِدوها، شوقُها
كسَرَ التردادُ ساقَي رقمِهِ
وبكاءٌ أم هطولٌ نبتت
زهرةٌ وانفتحت مِن غمِّهِ
وأحاسيسٌ بلا بوصلةٍ
طَعمَه تَخلِطه في شَمِّهِ
واحتضاناتٌ على شكل المدى
والمدى منذهلٌ مِن لثمِهِ
أنتِ مَن؟ قالت أنا روزنامةٌ
مِن قديم الفقدِ بل من ضمِّهِ
أنتِ مَن؟ لا وقت عندي
يا فتىً فجأةً عاد لذكرى أمِّهِ
قبُلاتٌ عاصفاتٌ والهوى
شهقت صحراؤه مِن غيمِهِ
ثم عشرونَ خريفًا باكيا
نبتَ الزهرُ بأقصى سقمِهِ
وعلى رغم الليالي دمعةٌ
ترسل الأشواقَ حتى حلمِهِ
ولقاءٌ قال ما هذا اللقاءُ
الذي جاوزني في رسمِهِ
وقطارٌ بين صدرين مشى
لمسمىً غائبٍ عن اِسمِهِ
وبدت أولى المحطاتِ قماطًا
ولا طفلٌ حكى عن فطمِهِ
وسريرٌ حجمُهُ أغنيةٌ
عجزت أوتارُه عن حجمِهِ
وسؤالٌ ظامئ عن لبنٍ
قصةٌ تفصله عن طعمِهِ
وصباحٌ شمسُهُ مسروقةٌ
قوسُهُ يسألُهُ عن سهمِهِ
قصةٌ أحزانُها أفراحُها
ثم راوٍ حائرٌ من كتمِهِ
“أنَسٌ” أم يا ترى “موسى”؟
سؤالٌ غريبٌ ضائعٌ في قومِهِ
وعناقٌ فارغٌ سافرَ من
وطن الأم لمنفى دمِّهِ
والهوى دَينٌ على أحزانها
لم تسدده صحاري همِّهِ
فجأةً “موسى” الذي يجهلها
خرجت أسرابُها من عظمِهِ
وعلى شاطئِ ما قد ذرفت
يهبط الأمسُ بمرفا يَومِهِ.