في سنابس… الدكتور الحبيب: الفتيات أكثر عرضة.. والأسر المضطربة تؤسس للصمت الاختياري

أشار الدكتور سلمان الحبيب إلى أن الفتيات أكثر عُرضة من الفتيان للإصابة بحالة الصمت الاختياري، مؤكدًا أن هناك كثيرًا من الأمهات اللاتي يرفضن التدخل العلاجي في حالات أبنائهن، وهذا يعتمد على ثقافة الأم، مما يزيد صعوبة الحالة ويطيل علاجها، منوهًا بأن العلاج يأخذ وقتًا يترواح بين أسبوع إلى شهر تقريبًا.

وأكد الحبيب أن الأسر المضطربة هي التي تؤسس للصمت الاختياري، وذلك لعدم إعطاء أبنائهم الثقة بأنفسهم وتحملهم المسؤولية فينشأون على مبدأ الاعتماد على الوالدين وعدم الاستقلالية.

وذكر أسباب الصمت الاختياري، ومنها؛ تعرض الطفل للإساءة في سنوات عمره الأولى، أو سيطرة أحد الوالدين، وحمايته الزائدة، أو انفصاله عن الأم، وكذلك صعوبات النطق والتأتأة، والأزمات النفسية؛ كفقد أحد الوالدين، وأيضًا الخوف والقلق لدى الطفل بسبب الخلافات الأسرية، وضعف الثقة بالنفس، وتشجيع الأهل على الصمت كنوع من الأدب الاجتماعي، والتعرض للإهانة والاستهزاء والسخرية والتنمر.

جاء ذلك خلال المحاضرة التي قدمها الدكتور الحبيب يوم الاثنين 17 فبراير 2020، تحت عنوان “الصمت الاختياري عند الأطفال”، ونظمها مركز سنا التابع لجمعية البر الخيرية بسنابس، بحضور 40 شخصًا.

تعريف الصمت
وعرَّف الحبيب مفهوم الصمت؛ بأنه عبارة عن اضطراب قلق يمنع الأطفال من النطق في أوضاع اجتماعية مُعيِّنة، منها؛ الحصص الدراسية والأماكن العامة، مبينًا أنه يتعرض له أيضًا بعض الأطفال الذين يهاجرون إلى بلاد غير بلادهم الأم، غير أن الطفل يكون قادرًا على التحدث بحرية أمام أفراد عائلته أو بعض أصدقائه عندما لا يكون هناك أحد غريب يسمعه، مشيرًا إلى أنَّ معظم المصابين يتجاوزون هذه الحالة مع الوقت والدعم والعلاج.

ونوه بأنَّ الإصابة بالصمت الاختياري عادةً ما تبدأ بالظهور في السن الذي يبدأ خلاله الطفل بالتفاعل مع الآخرين خارج نطاق العائلة؛ أي في الحضانة أو الروضة والمدرسة.

وأوضح أنَّ 50% من الحالات لديها حالة أو أكثر في الأسرة تعرضت للصمت الاختياري، كما أن الأطفال المصابين بهذا الاضطراب يخافون من استخدام الحمامات العامة!

اختيار
ونصح بعدم تفسير حالة الصمت على أنها تأخر في نمو مهارات اللغة والكلام أو صعوبة في معالجة المعلومات السمعية أو غيرها، وقال: “إن اضطرابات النطق واللغة قد تتشابه مع أعراض الصمت، لذلك يجب أن نُدرك الاختلاف الكبير بين أعراض الصمت الاختياري التي لا تتطابق مع ما يُعرف بالصمت الكلي الدائم، فالصمت الاختياري يكون فيه الطفل قادرًا على الفهم والكلام ولكنه يتوقف عن التحدث بإرادته في مواقف أو بيئة معينة، أما الصمت الكلي فلا يتكلم فيه الطفل في كل المواقف أو البيئات وله مُسببات مختلفة وطرق تدخل محددة”.

بين الصمت والتوحد
وبيِّن الحبيب أن هناك فرقًا بين المصاب بالصمت الاختياري وبين المصاب بالتوحد، رغم أنَّ المصابين بالتوحد من الممكن أن يكونوا أيضاً صامتين، إلا أن هنالك سلوكيات تميزهم عن الأطفال المصابين بالصمت الاختياري، مثل الضرب باليد، والسلوكيات المتكررة، والانعزال الاجتماعي حتى بين أفراد العائلة، وعدم الاستجابة دائمًا للنداء بالاسم.

الصدمات والنطق
تطرق الحبيب لذكر الفروق الفردية بين الأولاد وتقبلهم الصدمات وكيف يكون تأثيرها عليهم في بعض الحالات، وقال: “هناك من يكون تعلقه بأبيه قويًا فبمجرد حدوث صدمة للأب لا يتحملها الابن فيصاب بحالة الصمت الاختياري لشدة خوفه على أبيه، بينما تكون في ابن آخر بلا تأثير على نفسيته، ويعتبرها حادثًا طبيعيًا لا ينزعج لها ولا يتأثر بها”.

أحكام متسرعة
وأكد أنه من الخطأ التسرع في الحكم على الطفل بأنه يُعاني من صمت اختياري في أيامه الأولى من الدراسة، فبلا شك أنَّ اختلاف بيئة المدرسة عن المنزل له تأثير على الطفل، ولكن عندما يتجاوز صمته مدة شهر فلابد من التدخل من قِبل المدرسة والأهل حتى يتم تشخيصه للتعرف على نوع حالته، فأحيانًا يكون صمته بسبب خلل في سمعه أو نطقه.

أنواع العلاج
وصنّف أنواع علاج الصمت الاختياري إلى العلاج النفسي، والعلاج الدوائي والذي يتم باستخدام أدوية إعادة استرجاع السيروتومين (SsRIS)، ملفتًا إلى أن العلاج الاختصاصي (المعرفي السلوكي) هو الأفضل لتعزيز السلوكيات المرغوبة، والقضاء على السلوكيات غير المرغوبة، وفيه يكون علاج الطفل من خلال الإرشاد باللعب والتدرج بالاكتفاء أولاً بالإيماءات والحركات، ثم بالألفاظ البسيطة، والعبارات الأكثر تعقيدًا.

وأضاف أن من الأساليب أيضًا؛ تمثيل الأدوار الاجتماعية، والتدريب من خلال النمذجة، وعرض الأشكال والحروف وطلب الإشارة إليها دون النطق بها، وعرض التسجيلات الصوتية والمرئية له والإشادة بها وتغيير مفهومه عن ذاته.

وأوضح أن العلاج التام لا يتم إلا بتكامل الأسرة والمدرسة، ففي العلاج الأسري يجب عدم إجبار الطفل على النطق والتحدث، والتحلي بالصبر وعدم إشعاره بالانزعاج، وتدريبه على المشاركات الاجتماعية، أما العلاج في البيئة المدرسية فيكون بتولّي أحد المعلمين المقربين بعض أمور الطفل كالاختبارات الشفهية، وتكريمه ببعض الجوانب المتميز فيها، وعدم إجباره على النطق وإشراكه في الأنشطة، مضيفًا أنه كذلك يكون تقييمه عن طريق التسجيل المرئي في البيت، أو عن طريق معلم قريب جدًا من الطالب، وإشعاره بالألفة والطمأنينة داخل البيئة المدرسية، كما يمكن الاعتماد على المشاركة الكتابية في بداية العلاج بدلًا من المشاركة الشفهية بشكلٍ لا يُلفت إليه الطلاب ويُشكل حرجًا على الطالب، مع متابعة مستواه وتعزيزه.


error: المحتوي محمي