لم يكن يتخيل أن طلبه من زوجته أن تلتقط له صوره بجوّاله، سينتهي بطلب الطلاق، بعد مشاجرة عنيفة، وفي التفاصيل التي رواها الاختصاصي الأسري الشيخ صالح آل إبراهيم، أنه قبل فترة وردت إليه حالة من الحالات، لزوجة تنقل كيف اكتشفت خيانة زوجها، وذلك عندما طلب الزوج منها أن تلتقط له صورة بجواله، وهو بحسب عادته لا يُعطيها إياه كما أنه مقفل برقم سري، وأثناء التصوير جاءته رسالة فالتقطتها بشكل سريع مضمونها؛ “حبيبي أحضر معك كذا”، ومن تلك اللحظة علمت أنه على علاقة بأخرى، فدخلت معه في صراع وخلاف حتى تصل إلى معرفة الحقيقة منه، إلى أن انتهت العلاقة بينهما بالطلاق.
وأشار آل إبراهيم إلى أنَّ خيانة بعض الأزواج لزوجاتهم من الأمور التي تتسبب في قطع وإنهاء العلاقة الزوجية، وهذا ما يرتبط بأمثلة لبعض المشكلات التي تُعاني منها الزوجات، مضيفًا أنه في المقابل نجد بعض الشكاوى من قِبل الأزواج عن زوجاتهم، كشكوى أحد الأزواج من زوجته أنها كثيرة اللوم ودائمة النقد والتشكي، وكثيرة التحكم والسيطرة، مما يجعل حياتهما الزوجية مضطربة وغير مستقرة لكثرة الخلافات.
وقال الشيخ: “هناك من يشتكين أنَّ أزواجهنّ لا يتحملون مسؤوليات البيت والأسرة، وأنّ الحياة قائمة على مسؤوليات متبادلة بين الزوجين فلا يجب ترك كل المسؤولية على عاتق الزوجة، وإنَّ الرعاية والاهتمام وتلبية احتياجات البيت تكون تابعة للرجل”، مشيرًا إلى أن ذلك ما يجعل الخلاف والصراع قائمًا بين الزوجين، فالزوج هو من يتحمل مسؤوليات الإنفاق بعنوانها الواسع والشامل من تأمين المأكل والملبس والمسكن والأمور الصحية ورعاية الأطفال وتأمين احتياجاتهم النفسية وغيرها.
وتابع: “لكننا نجد بعض الأزواج يُلقون كل هذه المسؤوليات على عاتق الزوجة مما يُثقل عليهنَّ فيكون الزوج غير مهتم بمسؤولياته”.
واستعرض بعض المشكلات، منها؛ أن هناك بعض الأزواج يقضون أغلب أوقاتهم خارج البيت في الاستراحات والمزارع والديوانيات وأماكن أخرى يسهرون لوقتٍ متأخر غير مدركين مدى هذا البعد وما يسببه في صنع خلافات تُضعف العلاقة الزوجية، ومن بينها أيضًا سوء المعاملة وعدم الاحترام والنقد السلبي والعنف والضرب للزوجة وحالات كثيرة متعددة.
مشاكل شائعة
وتناول عددًا من المشاكل الشائعة التي تكون الزوجة سببها، وذلك عندما تكون كثيرة التحكم والسيطرة، ومتقلبة المزاج، ودائمة اللوم، ولا تستجيب لرغبات زوجها، وكثيرة الاهتمام بوظيفتها على حساب أسرتها، ومسرفة في الإنفاق، وتقضي معظم وقتها على الجوال، وكثيرة الذهاب لبيت أهلها، مؤكدًا أن كل هذه المشاكل تؤدي إلى توتر العلاقة الأسرية، وجفاف العاطفة بين الزوجين.
وأوصى بضرورة أن تكون هناك سلوكيات إيجابية تُدعم الحياة الزوجية حتى تكون العلاقة الزوجية مبنية على الألفة والمودة، وهي؛ أنَّ يتغاضى الزوجان عن بعض سلوكياتهما واختلافاتهما، مؤكدًا أنه على كل منهما التكيف والتقبُل لهذه الصفات الموجودة لديهما.
قواسم مشتركة
واسترسل سماحته في عرض نماذج من المشاكل الزوجية، أمام 71 شخصًا، في المحاضرة التي نظمها مركز “سنا” التابع لجمعية البر الخيرية بسنابس، بعنوان”10 أمور ستغير من حياتك الزوجية”، وذلك يوم الأربعاء 12 فبراير 2020.
وقال: “إن بعض المشكلات تكون من الزوج ومنها ما يكون من الزوجة، والبعض قد تكون مُشتركة ما بين الزوجين”.
وطرح بعض الأمثلة للحضور؛ كالمُشكلات التي تتصل بالعلاقة الزوجية، والمُشكلات التي تخص مسؤوليات البيت والأسرة، وبعضها ترتبط بإشباع الاحتياجات العاطفية، وأخرى ترتبط بالعمل خارج الأسرة، بالإضافة إلى مُشكلات ترتبط بجوانب أخرى، مستعرضًا بعض المشكلات التي تعرضها وتذكرها الزوجات بخصوص أزواجهنَّ، فهناك من تشتكي أنَّ الزوج يرفض النقاش والحوار وأنه لا يجلس معها كلما طرحت عليه أن يتبادل معها الأفكار والعواطف والمشاعر، حتى إنها كلما تُطلب منه التعبير بكلمة حب واهتمام لا يتجاوب معها بما يرتبط بحياتهما الزوجية والأسرية.
مشكلات الأزواج
واستعرض بعض الحالات التي تمر عليهم كمرشديين أسريين، ومنها؛ أنَّ الزوج لا يُعبِّر عن مشاعره وعاطفته لزوجته فتشعر أن لديه جفافًا عاطفيًا بعدم التعبير بكلمة حب أو شكر أو مدح لمجهود تقوم به، مبينًا أن هذا الأمر يحدث بين بعض الأزواج إلى درجة أنه يصل إلى الخلاف بينهما بخصوص هذا الأمر.
وقال: “في بعض الحالات التي تصل لنا من باب الاستشارات لبعض المشكلات التي تردنا نتاج جفاف الرجل بالتعبير عن مشاعره وعواطفه للزوجة، أنّ بعض الزوجات دون تعميم يبحثنّ عن ملء الجانب العاطفي عندهنّ من أماكن أخرى إما من وسائل التواصل أو العمل أو إقامة علاقات محرمة”، ونوه إلى أنَّ نتاج تقصير بعض الأزواج دون تعميم في التعبير عن مشاعرهم وعواطفهم لزوجاتهم هي ما تدفع بعض الزوجات لهذه الأمور غير الجيدة.
وأضاف: “أيضًا هناك بعض الشكاوى التي ترتبط بعدم الجلوس مع الزوجة والاهتمام بها، ومشكلة أخرى ترتبط بموضوع الخيانة الزوجية، وللأسف بدأنا نشهد الحالات في تزايد من إقامة علاقات محرمة، وخيانات للعلاقة الزوجية، سواءً يقوم بهذه الخيانة الزوج أو الزوجة، ولعل أكثر الحالات من هذا الجانب أنَّ الزوجة هي من تكتشف خيانة زوجها وذلك من خلال طرق التواصل الاجتماعي”.
تقليدية وإبداعية
وذكر أنه إذا فكّر كلا الزوجين في وجود حلول لمشكلاتهما، فهناك طريقتان أساسيتان، الأولى التقليدية: حيث يلجأ الأزواج عادةً إلى الطريقة التقليدية لحل المشكلات، علمًا بأنّ 70% من المشكلات التي يتجادل بشأنها الأزواج لا تُحل.
وعن الطريقة الثانية التي وصفها بالإبداعية، قال: “إن الطريقة الثانية هي خلق مناخ من الحب والتناغم والتقبُل، والحوار الهادئ، حيث إنه بهذه الأمور تنشأ علاقة ودية عاطفية بين الزوجين، فتعطي أثرًا إيجابيًا في حياتهما”.
مهارات التواصل
وأوضح سماحته أنّ الاعتماد على التواصل كوسيلة وحيدة لحل المشكلات يمكن أنْ يخلق المشكلات لا أن يحلها، وذلك عندما يكون أحد الزوجين أفضل من الآخر في مهارات التواصل، وقد يخلق لدى الطرف الآخر شعورًا بالنقص، أو يكون بسبب ميل غالبية الناس لاستخدام مهارات التواصل الضعيفة، وكذلك عدم رغبة الشريك في الحديث أو عدم قدرته على التعبير عن مشاعره مما قد يضعف التواصل بينهما.
وبين سماحته ضرورة أن يكون التواصل الفعال بين الزوجين بأسلوب متقن للمهارة حتى يعطي نتائج وحلولًا مرضية للطرفين، مؤكدًا أن مهارات التواصل ليست سهلة وإنما يجب تعلم فنونها وإتقانها لأنها تحتاج إلى صبر، وتأتي بطريقة الحوار الهادئ والاحترام والنقد الإيجابي لتخلق جوًا مفعمًا بالمودة.
الخطوات العشر
وأشار إلى أن هناك أمورًا تسهم في التغيير من الحياة الزوجية منها؛ حُسن النية، والتوقف عن خلق المشاكل، والتصرف بصورة ودودة، وضبط النفس، والتقبُل، والتماس العذر لشريك الحياة، والتعاطف، والدفع بالتي هي أحسن، وإصلاح العلاقة بالله.
وأكد أن تحسين العلاقة الزوجية يبدأ من قيام كل طرف فيها بتغيير نفسه، منوهًا بأنه لا ينبغي لك أن تطلب من شريكك أن يتغير؛ دون أن تقوم بتغيير نفسك أولًا.
واستطرد في شرح ذلك: “إن تغيير سلوكك السلبي من شأنه أن يدفع شريكك إلى تغيير سلوكه السلبي، كذلك تجاهل أخطاء ومشكلات الشريك قد يؤدي إلى ضعفها وربما إخفائها، فالتعامل بطريقة إيجابية مع شريكك يقود إلى إطلاق عجلة التغيرات الإيجابية لديه”.
واختتم بقوله: “ضع نفسك في مكان شريك حياتك وحاول أن تفهم أسباب تصرفه بهذه الطريقة التي تُثير غضبك، وكُنْ متعاطفًا وتعامل برفق وتقبُل، فإنَّ خيار التقبُل هو الأكثر فاعلية إذا ما كنت تسعى لإحداث التغيير في علاقتك، فتقبُل الشيء لا يعني أن تحبه أو توافق عليه، ولكن يعني أن تتوقف عن مُحاربته وأن تجد وسائل إبداعية للتعايش معه، أو تخيل أنَّ الصفة التي لا تُحبها هي عبارة عن نُدبة أو إعاقة جسدية لا يمكن تغييرها”.