في تاروت.. الوحيد من خربشات الطحين في الـ3 إلى الفن الزيتي في الـ14

تبدأ الأحلام صغيرة كسِنيّ طفولتنا حيثُ لا مكان يحدّها، ولا زمان يقيّدها، ولا أشخاص تتحكّم بها كالريموت كنترول.

قد تكون كبيرة الحجم “كجنّةٍ واسعة” نتخيلّها في أيدينا كلما فعلنا صوابًا استحسنهُ الكبار، وقد تكون “حلمًا صغيرا” لا ملامح له بخربشاتٍ نتفنّنُ بها على الرمال، أو حتى “طحينا أبيض” كانت والدة “البتول” تترك لها جزءًا منه لترسم لوحاتها على بياضه.

في زاويةٍ ما من مطبخهم الصغير وبعينين مترقبتين كانت ” البتول الوحيد” تنتظر والدتها أن تنتهي من وضع الدقيق في الإناء؛ لتضع لها قليلًا منه وتتركها بيديها الصغيرتين ترسم أحلامها العملاقة.

 كان ياما كان
بدأت ميولها في الرسم منذ أن خطت الثالثة من عمرها، حيث كان “مكيال الطحين” ألذَّ لديها من الكعك الذي تصنعهُ والدتها ثم استهوتها علب الألوان المائية ولفتت ناظريها كل يد ترسم، وكانت الفرشاة عالمها المفضّل ومرسمها الخاص تصبغ بها الجدران والأوراق لتفرّغ من خلالها مشاعرَ طفلةٍ لم تكن تدركُ إبداعها.

انعكس الرسم على شخصيتها فبرز ذلك بطريقة تنسيقها لملابسها واتخذت الرسم كلغة فكانت ترسم الأحداث والناس حسب تعاملهم معها، فالشخص الجيّد سيحظى برسمٍ جميل والشخص الشرير سيكون بشعًا – على حد تعبير والدتها.

تربةٌ خصبة
الوحيد ابنة الـ14، كان محيطها الأسري تربةً خصبةً لنمو موهبتها، فقد كانت عائلتها تقدّر الفن وفي كلِّ ركنٍ وزاوية يوجد ديكور فني من سجادة إلى برواز وحتى جدارية.

 المدرسة احتواءٌ آخر
بدأ اهتمام البتول بالفن من قَبْل التحاقها بالمدرسة، ولكن البيت الآخر ساعدها في إنشاء مبادئ الرسم واستكشاف أسلوبها الخاص، حتى غدت لوحاتها تشهد باحترافيتها بخطوطٍ واثقة من ذاتها وألوان واضحة وتلاعبٍ في مساحات الضوء والظل.

المُلهِمة
والدة “البتول” هي مصدر إلهامها ووحيها الفني فهي من ألبستها الشجاعة والجرأة في استخدام  الألوان بعد أن كان اللون الأسود ومشتقاته سيّد الأقلام في يدها.

فتنبهت تلك الطفلة المنحدرة من منطقة تاروت، مبكرًا أن رسوماتها ما لم تكن متنوعة ومليئة  بالحياة والطاقة وسرور النظر من خلال الألوان فلن تصل بها لعمق مشاعر الناس ودواخلهم.

معلمون
وحينما يشق الفنان مسيرتهُ صغيرًا أو كبيرًا فحتمًا سيتأثر بمن هم “معلمون” في مجاله، وحول تأثرها بفنانين معينين، وهل تجذبها متابعة رسومات أحدهم؟ قالت لـ«القطيف اليوم»: “هناك الكثير من أنواع الفن غير الفرشاة واللوحة التي تجذب انتباهي مثل التماثيل السيراميكية ذات الانطباع الروماني أو الإغريقي أو النحت على المعدن، لكنني أتابعُ بشغف هؤلاء الفنانين: tamara de lempicka، john singer sargent، eugen von blaas، paul cezanne، delphin enjolras”.

وتابعت: “إن الفن هواية بالنسبة لي تملأ علي أوقات فراغي لكنّني أسعى لرسم لوحات أكثر تفصيلًا وتعقيدًا من ناحية المعنى والألوان، وأعلم تمامًا أن التدريب والتكرار هو ما يطور مهاراتي ومهارات كل الموهوبين في العالم”.

وكان لوالدتها تعليقٌ على موهبة ابنتها اليافعة فقالت عنها: “دائمًا تفاجئني ابنتي بتقدمها الأكثر من متوقع، وهذا ما يدهشني منها
وأنا لا أجبرها على شيء، لكننا نتحدث كثيرًا عن كل الأمور”، مضيفة: “إن ابنتي تتمتع بقدر عالٍ من القناعة والتسامح والانضباط والصبر، وربما هذه الخلطة وحدها كفيلة بخلق فنان مبدع”.


error: المحتوي محمي