في ظل التطور وانتشار السوشيال ميديا (وسائل التواصل الاجتماعي)، أصيبت معظم المجتمعات العربية والغربية بمرض التوحد! إذ إن العائلة تجلس في بيت واحد ومكان واحد وغرفة واحدة وكل فرد منهم يبحلق في جواله ويعيش حياة أخرى وعالماً آخر يفصله كلياً عن عائلته!
أي تطور هذا الذي أوقف عقول البشر! وجعل اهتمام الإنسان يصب في قطعة حديدية وشاشة شفافة!
يا سادة يا كرام، حافظوا على ما تبقى من الروابط الأسرية، حافظوا على ما تبقى من عقولكم، لا تدعوا الجوال يسلبكم الحياة والعواطف والمشاعر والشعور وأنتم لا تدرون.
أنقذوا أنفسكم قبل فوات الأوان، قبل أن يتفاقم المرض ويتحول من التوحد إلى الجنون.
وهنا قصة سأذكرها لكم لنأخذها عبرة وعظة.
أنا بنت مسلمة عربية من عائلة متواضعة جداً، أحب زوجي وعائلتي كثيراً، رزقني ربي بزوج طيب حنون وذي أخلاق حميدة.
انتقلت للعيش في لندن منذ أربع سنوات تقريباً، كنت مبسوطة جداً، أخذني زوجي إلى كل الأماكن السياحة في المدينة، كنت أسعد إنسانة في الكون.
رزقت بطفل أسميته محمد (3 سنوات)، وهديل سنة ونصف، كنت أرى الدنيا من خلال أولادي، سخرت حياتي كلها لهم ومن أجل سعادتهم.
زوجي إنسان طيب وابن عائلة، يعمل في مطعم عربي في لندن.
منذ شهرين كانت مفاجأة لي عندما أهداني زوجي iPhone.
وبدأت بتحميل البرامج على التلفون وأحبهم إليَّ whatsApp.
أرسلت صور أولادي لأهلي وأختي في أمريكا.
جعلني whatsApp أهمل أولادي وزوجي وبيتي، كنت أتحدث بما يعنيني وبما لا يعنيني، بدأت أتعرف على أصدقاء جدد وأتذكر أصدقاء لم أكلمهم منذ سنين.
أصبحت مدمنة على WhatsApp حتى أنني لم أعد أترك التليفون من يدي، أنسى كل شيء، كنت أتحدث مع أطفالي دائماً، نلعب ونضحك ونأكل سوياً، لم أعد أهتم بأي شيء في بيتي، أبقى حتى الثالثة صباحاً وأنا أتحدث مع صديقاتي.
في الرابع من الشهر الماضي كنت أتحدث مع صديقتي في أمور فارغة لا تمت لحياتي وحياة عائلتي بأية صلة، لقد نسيت أنني أجلس في غرفة وأطفالي في الغرفة الأخرى، كنت أسمع صوتاً يناديني، ماما ماما ماما، كان صوت ابني محمد، فصرخت به أن أسكت لأنني كنت مشغولة مع صديقتي في WhatsApp.
سكت ابني ولم يعد يزعجني بصراخه، وبعد عشر دقائق ذهبت إلى الغرفة فوجدت ابنتي هديل ممددة على الأرض وابني محمد والدموع في عينيه، صرخت به: ما الذي حدث، قال لي: كنت أناديكِ يا أمي ولكنك صرختِ بوجهي لكي أسكت، لقد ابتلعت هديل شيئاً ولم تعد تستطيع التنفس، حاولت إخراج الشيء الذي ابتلعته ولم أستطع.
بدأت أهز ابنتي كالمجنونة، اتصلت بالطوارئ أطلب النجدة، كنت أصرخ فقط، وبعد دقائق وصلت سيارة الإسعاف إلى المنزل وبعد فحص هديل قال لي الدكتور: أنا آسف، لم يكن باستطاعتي إنقاذ حياتها.
خلال دقائق وصلت الشرطة وبدأت التحقيق في الحادث، ومن ثم تم نقلي ونقل هديل إلى المستشفى لإجراء الفحوصات.
عند وصول زوجي للمستشفى سألني ماذا وكيف حصل ما حصل، لم يكن يصدق أننا خسرنا هديل إلى الأبد.
بدأت أحكي له ماذا حصل ولكن كنت أغير كلامي دائماً، وبدأت تظهر على وجهي ملامح الكذب، عندها لم يصدقني وأصر على معرفة الحقيقة الكاملة.
قلت له كل شيء بدون كذب لكي أرتاح من آلامي، ولكي لا أضيع زوجي وأدمر عائلتي.
وما إن انتهيت من الحديث معه، حتى صرخ في وجهي وقال لي: أنتِ طالق طالق طالق، وخرج وهو يبكي.
انهارت أعصابي وتم نقلي إلى قسم آخر في المستشفى، لقد خسرت ابنتي وزوجي، ودمرت عائلتي لأنني حمقاء، اهتممت بالأصدقاء أكثر من أولادي وبيتي وزوجي.
نصيحتي لكِ يا أختي أن تأخذي قصتي على محمل الجد وأن لا تنسي بيتك وأطفالك وزوجك، والله مؤلمة.
كم مرة أهملنا أبناءنا ومنزلنا وأزواجنا من أجل الواتس أو البلاك والنت عموماً.
لم نعد كالسابق نذكر الله ونقرأ القرآن، أصبحنا نؤخر الصلاة، أوقاتنا راحت وتروح هدراً مع هذه الأجهزة، فلنخصص لها وقتاً وليس طول الوقت معها، وإلا لماذا لا نحذفها من أجهزتنا، تسرق منا الساعات الطوال ولا نحاسب أنفسنا.
يا رب اهدنا ولا تجعل الدنيا بما فيها تشغلنا عن جنتك.