من العوامية.. آل ربح تبيع «المعادلات الرياضية» وتشتري «التصميم»

هل تأملتَ نفسكَ في المرآة ذات يوم فرأيت صورتك الحقيقية تعانقُ صورة أخرى لك؟.. هل جربتَ أن ترتشف كوبًا من الشاي في صباحٍ ما فكانت صورةً لك أو لأحدهم أو حتى كلمةً حانية ومحفزة تشاركك الارتشاف بحب؟

تفاصيلٌ صغيرة وبسيطة وغيرها الكثير من تفاصيل “التصميم والطباعة” هي جزءٌ لا يتجزأ من حياة تلك “المعلمة المتقاعدة” التي أنهت رحلة التعليم في محطة وقطعت تذكرة أخرى لرحلة أخرى.. لحياةٍ مهنية جديدة لطالما أبعدتها عنها مشاغل التعليم.

أشواق محمد آل ربح تنحدر من بلدة العوامية، خريجة بكالوريوس الرياضيات، معلمة تقاعدت عام ١٤٣٩ بعد خدمة قضتها في التعليم على مدى ٢٦ سنة وسبعة أشهر.

التجربة بمعناها الحرفي
ما بين الهواية والممارسة مشوار طويل فصلت بينهما سنوات التدريس، لم تكن هاوية للطباعة ولا العمل فيها وربما مشاغل الحياة لم تجعلها تدرك أنها من الممكن أن تدخل في مجالٍ متميز كالتصميم والطباعة، لكن لمبة الفكرة أضاءتها لها ابنتها الكبرى مع زوجها، في البداية لم تكن مقتنعة بالموضوع ولم تفكّر بجدية فيه، لكن الإلحاح من قبل ابنتها وزوجها لعلمهما بطبيعتها المحبة والمعتادة على العمل الذي لا توجد فيه مساحة فارغة قررت خوض هذه التجربة، وبالفعل فهي تجربة بكل ما في الكلمة من معنى (على حد قولها).

 وكان الجميع مندهشين بالمجال الذي اختارته في الطباعة على الأكواب والتيشرتات والمرايا والدروع وغيرها، وما بين محفزٍ ومحبّط تحدت أشواق ذاتها ودفعتها للاستمرار؛ لتصل بخطوتها البسيطة إلى ما وصلت إليه اليوم.

النفس خيرُ معلّم
لم تلتحق آل ربح بدورات تدريبية أو ورش عمل لصقل موهبتها الجديدة. لقد كانت معلمة لنفسها، بعد أن اتخذت من الشبكة العنكبوتية معلمًا إضافيًا يعطيها دروسًا خصوصية تعلمت من خلالها الفوتوشوب والطباعة وغيرها، وكل جهاز كانت تشتريه كان له برنامج خاص به يجعلها تفزع للإنترنت لتتعلم عنه.

برعمٌ صغير
تبدأ المواهب صغيرة كبرعم وتنمو مع الأيام، لكن الغريب أن المعلمة أشواق لم تكن هناك فصولٌ متنوعة لموهبتها، وربما كان انشغالها الدائم ببيتها وأطفالها هو ما منعها أن تكتشف ذلك البرعم الخفي في داخلها، فإن همّ التربية الأكبر لأبنائها والوصول بهم إلى تحقيق حلم كلٍّ منهم منعها حتى من مجرد التفكير فيما ستحققه لو انقطعت عن التدريس يوما ما.

من رحم التشجيع وُلِدت الموهبة
مع المحيط الأسري والمهني كان هناك الكثير من سنابل الدعم التي رُميت في تربة موهبتها الجديدة والتي من العجيب أنها خلقت من رحم التشجيع فقط، فكما قالت سابقاً بأن زوجها وابنتها كانا الداعمين بقوةٍ لها وخاصة أن زوجها لديه الكثير من المواهب الفنية والحس الفني وله تجاربٌ أيضا في هذا المجال الفني فقد دعمها كثيراً وما زال، أضافت أن زوجة أخيها الأصغر التي ساندتها خطوة بخطوة كان لها فضل كبير عليها، وتحفيز أبنائها وإخوتها وخالتها، إضافة إلى طالباتها الجميلات اللواتي شجعنها وباركن لها خطوتها هذه لاسيما أنهن يعرفنها جيداً ويعرفن ميولها الرياضية، لقد تفاجأن من هذه الموهبة التي خرجت للأفق ولم تكن ظاهرة عليها أثناء مسيرتها التعليمية، والآن جل ما تطمح إليه هو المشاركة في المعارض أو المهرجانات بإنتاجاتها الفنية.

الكلمة حياةٌ خالدة
قد تتلقى أشواق كلمات المديح لأعمالها التي تصنعها للناس، وقد تبقى (كلمة أحدهم) في ذاكرتها لا تُنسى.. فهل كانت هناك تلك الكلمة الخالدة بقلبها وعقلها؟

سؤال أجابت عنه آل ربح لـ«القطيف اليوم» بقولها: “تلقيت الكثير من الكلمات وكان لذلك أثرٌ نفسي إيجابيٌ ومعنوي، وبالأخص من طالباتي وزميلاتي في التدريس.

ومن منطلق إيمانها بأن “الكلمة الطيبة قد تفعل في الإنسان ما لا تفعله الأدوية القوية، فهي حياةُّ خَالدة لا تفْنى بِمَوت قائلها”، فكذلك ترى أن التعامل مع الناس يكون على أساس الاحترام المتبادل وليس الربح المادي وتقول: “عندما أخسر سلعة لم تعجب العميل أو أنه يكون قد أعطاني الفكرة الخطأ ولم ترُق له لا أتردد في إعادة العمل من جديد، ولا أقبل أبدًا أنّ أحدًا من العملاء يذهب غير راضٍ أو في نفسه شيء فهدفنا الجودة والتميز وأن نرسم السعادة على وجوه من يتعامل معنا”.

وختمت بقولها:” كم من موهوب أو فنان يضيّع الكثير من سنوات عمره دون رعاية لتلك المَلَكة الربانية؛ لقد خرجت موهبة أشواق من رحم التشجيع والدعم، ولكن هناك من المواهب المدفونة في رحم الملكات الربانية العظيمة التي يضيعها مرور الفرص”، مستشهدةً بقول الإمام علي عليه السلام: “الفرصة تمر مر السحاب فانتهزوا فرص الخير”.


error: المحتوي محمي