في القطيف.. تجربة فوتوغرافية عمرها 27 عامًا بلهجة عُمانية

الفن لغة عالمية يتبادل أصحابها الحوار دون حواجز، وربما كان لحضور الفنان العُماني أحمد البوسعيدي، أو كما يفضل محبوه أن ينادوه “العم أحمد”، في أولى أمسيات الفعاليات المصاحبة لمعرض “مشاريع فوتوغرافية”، ترجمة حقيقية للغة الفن العالمية، التي يتبادل أهلها الوصل والتواصل صورة، وحرفًا، ولونًا، ومجسمًا، ونغمات موسيقية تتغلغل بينهم.

وبهذا المفهوم اصطحب الفوتوغرافي العُماني ومدير جمعية التصوير الضوئي بسلطنة عُمان أحمد البو سعيدي زوار المعرض 22 لجماعة التصوير الضوئي بالقطيف، في رحلة فوتوغرافية للتاريخ الحديث للتصوير الضوئي في السلطنة، يوم الجمعة الموافق 24 يناير 2020، والمقام على صالة الفعاليات المقابلة لصالة نادي الفنون الجديدة.

وتطرق البوسعيدي إلى الحديث عن بداية جماعة التصوير في النادي الثقافي، وقسم التصوير في النادي العلمي، وجماعة التصوير بجامعة السلطان قابوس، ونادي التصوير الضوئي في الجمعية العُمانية للفنون التشكيلية، والجمعية العُمانية للتصوير الضوئي، والفِرق المُنتشرة في أنحاء السلطنة.

فردي ومؤسسي
وأوضح أن التجارب الفردية للتصوير الضوئي في السلطنة كانت منغلقة، فالمجتمع لم يتقبل الصورة والتصوير، وكانت الأعمال الفوتوغرافية قديمة، بينما العمل المؤسسي ركز على المشاريع الفنية في عُمان في بداية الثمانينات بتأسيس جماعة التصوير في النادي الثقافي ليضم الأدباء والفنانين التشكيلين والمهتمين بأنواع الفنون.

نحو العالمية
وتابع بأن الانطلاقة الفعلية لنادي التصوير الفوتوغرافي كانت في عام 1993، مؤكداً أن العمل المؤسسي يختلف عن الفردي بكثير، وبعدها تم تأسيس الجمعية العُمانية للتصوير الضوئي التي تُعتبر الآن من أهم وجهات التصوير في العالم، والتي تم تأسيسها في عام 2012، وهي تابعةَ لمركز السلطان قابوس للثقافة والعلوم، مشيرًا إلى أن الجمعية تهدف إلى إثراء التصوير الفوتوغرافي ورفع المستوى الفني للمصورين، وتحقيق الإنجازات الضوئية على مستوى العالم، لتصبح مؤخرًا مركزًا للاتحاد الدولي لفن التصوير الضوئي في الشرق الأوسط.

وذكر أن سلطنة عُمان حققت إنجازاً جديداً في مجال التصوير الضوئي بحصدها كأس العالم في مسابقة التصوير الضوئي العالمي لفئة الشباب تحت 16 سنة، وتحت 21 سنة والتي تُعد من أهم المسابقات التي يرعاها الاتحاد الدولي لفن التصوير الضوئي.

شؤون الفنون
وذكر البوسعيدي أن ما يميز الجمعية أنها أصبحت منذ ثلاثة أشهر تؤول إلى وزارة شؤون الفنون، فجميع الفرق والجماعات في أنحاء عُمان تتبع إداريًا جهات رسمية، فالوزارة توفر المكان وتدعم الأنشطة، وتقيم ملتقى سنويًا، وورشًا تدريبية مجانية، و5 معارض دولية، لترتقي الذائقة البصرية للمصور وتساهم في تطوره، إضافةَ إلى إقامة مسابقات وطنية بجوائز مُجزية.

محاضرات ودورات
وأضاف أن الجمعية تقيم كل أسبوعين محاضرة فنية تستهدف مصوري ومصورات الجمعية وتستضيف فيها المختصين في مجال التصوير من داخل وخارج السلطنة ولتبادل الأحاديث والأفكار والمشاريع الفوتوغرافية، واستضافة بعض شخصيات الاتحاد الدولي وتكريمهم، وتكريم فئة من الأيتام الموهوبين بفن التصوير الضوئي.

توجهت الجمعية بالتركيز على طلبة المدارس والجامعات بإتاحة الفرص لهم بالمشاركة بالمسابقات واكتشاف المواهب الفوتوغرافية بالتعاون مع وزارة التربية والتعليم بحيث يكونون مجتمعًا فوتوغرافيًا منذ الصغر.

معارض خاصة
ونوه بأن جمعية التصوير الضوئي تقيم معرض السفراء سنوياً والذي يضُم مشاركة مجموعة من السفراء وأعضاء من الهيئات الدبلوماسية من سفارات مختلفة في السلطنة.

وتحدث البوسعيدي عن المشاريع الفوتوغرافية التي تستهوي هواة ومصوري عُمان، موجهاً نصيحة لكل زائر من جميع أنحاء العالم بزيارة وتصوير بعض الأماكن ومنها: ورد الجبل الأخضر الذي يزهر في شهر أبريل، والعرضات بنوعيها؛ عرضة الخيل، وعرضة الإبل، والقرى الجبلية، وزاوية الربع الخالي لجهة سلطنة عُمان لاختلافها نوعاً ما بتشكيلات التربة والتلال، وكذلك الخصفات، والسكاكين، والأسواق التقليدية، وخلال موسم الأعياد، وموسم صيد السردين، ومرافقة الأطفال للمواشي.

سر صلالة
وأخبر البوسعيدي الزوار بالسر الذي يعرفه المصورون ويجهله السياح بما يختص بخريف صلالة، بأن أغلبهم يزورون صلالة في فصل الخريف، مما يفقدهم جمال صورهم التي تم التقاطها لهطول الأمطار وانعدام الرؤية بسبب الضباب، موضحاً أن الفوتوغرافيين يفضلون صلالة في منتصف شهر سبتمبر للخضرة وصفاء السماء.

“لمة” سنوية
وقال: “لقد عملنا الملتقى السنوي “لمة”، لجميع الفرق والجماعات الفوتوغرافية مع إتاحة فرصة المشاركة للفنانين الفوتوغرافيين من دول الخليج العربي، إضافةً إلى عمل تقييم لمدة عام للفرق ونوادي التصوير الضوئي، مشيراً إلى أن المقارنة تكون بنسبٍ معينة نظير ما تقدمه جماعة التصوير من خدمة للمجتمع، وعدد الأعضاء والورش المفيدة، ومعالجة السلوكيات الخاطئة وغيرها من المعايير التي حددتها الجمعية.

قهوة وعيادة
وأشار البوسعيدي كذلك لعدد من المشاريع التي كانت تخدم الفوتوغرافيين في السلطنة، وأسباب الانصراف عن بعضها، وقال: “أنشئت “قهوة المصورين” لمناقشة مواضيع متنوعة عن التصوير الفوتوغرافي”، مبيناً سبب عدم استمرارية “عيادة المصورين” بالسلطنة، والتي كانت تهدف إلى احتضان المصورين المبتدئين، وتعليمهم الأساسيات وتدريبهم، فيلتحق المصور المبتدئ بالعيادة، وتُحيط به هالة “إنستجرامية” افتراضية، ويكون متشبعاً من الإعجاب بصوره التي تم تقييمها من قبل أشخاص ليس لديهم خبرة في فن التصوير، ولكن هذا الإعجاب يجعله غير متقبل للنقد والتعلم.

وذكر البوسعيدي أن العضوية في جمعية التصوير الضوئي بعُمان مجانية، وكان ذلك أحد أسباب فقد الالتزام والاهتمام بحضور الورش التدريبية، وقال: “مع انخفاض سعر النفط بدأنا نفرِض رسومًا للدورات التي نقدمها، سعياً للالتزام وحضور المهتمين بهذا المجال”.

مشاريع شخصية
وعرض بعض الصور التي تتحدث عن مشروعه “أغطية النساء”، ومشروع الفوتوغرافي إبراهيم البوسعيدي “الدراويش” ومشاريع في بناء الألوان، والطبيعة، وعام الطفولة، لافتاً إلى أن 115 فوتوغرافياً حصلوا على الأوسمة الفوتوغرافية من الاتحاد الدولي.

وذكر أنهم بصدد تأليف كتاب “إنجازات هوية عُمانية” لتوفير جميع الصور الفوتوغرافية مُنذ عام 1999 إلى عام 2020، منوهاً بأن الكتاب يحوي مجلدين: مجلد إنجازات جماعية ومجلد إنجازات فردية الفوتوغرافيين.

وفي الختام، أبدى إعجابه بجماعة التصوير الضوئي بالقطيف بتنوع أنشطتها وإقامة الفعاليات والمعارض الفوتوغرافية.

يشار إلى أن معرض “مشاريع فوتوغرافية” سينتقل إلى سلطنة عُمان بعد انتهاء فعالياته بالقطيف يوم 31 يناير.


error: المحتوي محمي