تتنوع الآلهةُ والمعتقدات في الهندِ اليوم فحظيت البقرة بنصيب من تلكَ العبادة. في الديانة الهندوسية هي مقدسةٌ ويجب حمايتها، وينظر لها على أنها الأمٌّ ورمز الوفرة بسبب إنتاجها الحليب. ولها مكان محترم في المجتمع فمن التقاليد الهندوسية وجوب تجنب أكل لحمها. وفي الهند يوجد المسلمونَ حيث أيضاً يحظى لحمُ البقرة بالتقدير عند من يملك المال ويستطيعَ شراءَ اللحم ليأكل تلك البقرة!
مسافةٌ كبيرة بين اعتقادِ أن البقرة إلهٌ يجب أن تعبد وبين جواز أكل لحمها.فض مسافة آمن بها كثيرٌ من سكانِ الهند وغيرها مع عِلمِ الهندوسي بنوايا المسلم نحو البقرة، ما دام لا يتبجح بأكلها أمام ناظريه، وعِلم المسلم بعبادةِ الهندوسي تلك البقرة ما دام لا يجبره أن يعبدها. قال غاندي عنها: “هي أم الملايين من الهنود، وحمايتها تعني حمايةَ كل المخلوقات… إن الأم البقرة أفضل من الأم التي ولدتنا من عدة طرق”. وقال القرآنُ الكريم {وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً قَالُوا أَتَتَّخِذُنَا هُزُوًا قَالَ أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ}.
في كثيرٍ من الأوقات يتندر صديقي المسلم من عقلية الهندوسي وكيف يعبد البقرة ويتركها تسرح وتمرح وتتجول في المدنِ بكامل حريتها، بينما هي حيوانٌ لا أقل ولا أكثر! يأكل المسلم لحمها ويهري ظهرها في خدمةِ الحقل، ولكنه يحرص على مشاعرِ الهندوسي فلا يأكل لحمها علانية! ولن أستغرب إن تندرَ صديقي الهندوسي من جفوة المسلم وقساوته حتى صار يأكل لحمَ البقرة، معبودة الملايين.
لا غرابة في ابتعاد المسافة بين أفكار ورؤى البشر ما دامت واضحة ومسالمة، لكن تضيق تلك المسافة حين يأكل شخصٌ ما لحمَ البقرة في النهار ويعبدها في الليل ممثلًا عمليةَ قضم أصنام التمر التي كان يعبدها المشركون في حال الشبع ويأكلونها في حال الجوع! يرمي حجراً هنا وحجراً هناك وله في كلِّ ساعةٍ رأي!