في تاروت.. «آل عباس»: دميتي قادتني لتصميم الملابس.. ولهذا السبب خبأت شهادتي

دمية تلهو بها، تجدل ضفائرها حينًا، وتضع لها أزرارًا لفستانها حينًا آخر، وتلتقط بعضًا من قصاصات الأقمشة المتبقية على ماكينة والدتها، لتصنع منها قطعة جديدة لعروستها التي تلعب بها، وربما لم يدر بذهنها في ذلك الوقت أن تلك القصاصات الصغيرة ستنبت موهبة تتطور وتزهر بمرور الوقت.

التقت بها «القطيف اليوم» في مهرجان “حيُّنا عطاء” تعرض بعضًا من تصاميمها، وتعرّف الزائرات بما لديها من فنون في التصميم والخياطة، وكذلك تجميل العروس.

عن قرب
فاضلة محمد آل عباس، من مواليد تاروت “أرض الجبل”، تقول عن بدايات علاقتها بالأقمشة والتصميم: “بداياتي كانت مع دميتي الصغيرة، وأنا في عمر 7 سنوات، فهي التي أطلقت شرارة الإبداع بداخلي عندما كنت طفلة، كنت أحاول أن أغير ملابسها، فكنت أصنع لها ملابس من بعض القصاصات القماشية الصغيرة وأدبسها وأعمل لها إكسسوار وتسريحة شعر، وأنا صغيرة كنت أراقب أمي -رحمها الله- كيف كانت تخيط ملابسنا ونحن صغار، وكان هذا المنظر يشدني ويجذبني كثيرًا لأن أكون كوالدتي وأصبح مصممة محترفة، فوالدتي معلمتي الأولى، وكانت تمتهن الخياطة كأم تخيط ملابس أطفالها فقط، ثم للجارات والأقارب وأهل الحي؛ ولكن مع الوقت ضعف النظر ولم يساعدها على إتمام المسيرة، واكتفت باستخدام الماكينة للتقصير وتضييق للملابس”.

أول تصميم
وذكرت “آل عباس” أن مهنة التصميم من المهن الراقية والمهمة والتي تحتاج إلى خيالٍ واسع، وفن وقدرة على تنسيق الألوان، خصوصًا أنَّها تتعلَّق بمظهر الإنسان الخارجي الذي يجب أن يكون في أفضل صورة، مؤكدة أن هذا ما دعاها لأن ترسم تصاميم لها ولأخواتها خاصة، ومنها إلى الأقارب والصديقات.

وأضافت أن أول تصميم قامت به كان فستان “جلواتي”، أخرجته من تحت يديها دون دورة خياطة، ونال إعجاب الأهل والصديقات، واستغرقت شهرًا كاملًا لإنجازه، لأنها لم تكن تمتلك المسار الصحيح للبدء، ولقلة المعدات، كما لم تكن تمتلك “المانيكان” مثلًا لوضع الفستان عليه لتقوم بتصحيح بعض الأجزاء، ولكن لم يقف ذلك في وجهها، فقد قامت بعملها بكرتون والأشياء المتوفرة بغرفتها، وخرجت بقطعة جميلة وفستان شد كثيرًا ممَنْ حضروا الحفل، وقالت: “البعض سألني عن مكان تفصيله، كذلك أول تصميم فستان زفاف كان لابنة أختي، أما القطع الأخرى فقد كنت سابقًا أقوم بعمل مصحف خاص لتحمله العروس ليلة الزفاف”.

تصميم واحتراف
مهنة التصميم موهبة وإبداع وقدرة على تنسيق الألوان وأنواع الأقمشة مع بعضها البعض، وفي هذه النقطة “آل عباس” لم تقتصر على فساتين السهرة، وإنما جميع أنواع الملابس، سواء ملابس المنزل، أو ملابس الأطفال، والمواليد، وبدلات الحناء والجلوات، وهذا يتطلب كثيرًا من الجهد، والبحث عن محلات بيع الأقمشة الجيدة، بالإضافة لفهم تفاصيل الجسم وتصميم ما يُبرز جمال كل شخص ويخفي عيوبه.

وقالت: “المصممة يجب أن تكون لديها خلفية عن الحياكة كي تتمكن من إخراج تصاميمها كما رسمتها تمامًا، ولابد أن تكون لديها خبرة فيما تقدمه لزبائنها، وهذا يعتمد على قدرتها على التواصل الاجتماعي مع الآخرين، وكيفية تسويقها للأزياء بدءًا من الأهل والأصدقاء”.

التجميل
ومن التصاميم إلى عالم التجميل، تحول شغف “آل عباس” إلى فن المكياج، والإحساس الباهر ودمج الألوان، واللمسات الجمالية على الوجوه، هذا الاهتمام البارز حوَّلها إلى خبيرة تجميل العرائس.

وتقول: “بداياتي بعمل المكياج كانت مع أخواتي وصديقاتي في بعض المناسبات العائلية، وكهواية أعشقها منذ صغري لازمتني، فطورتها وأصبحت أمارسها في كل مناسبة، بعدها انضممت إلى دورة في أساسيات المكياج وتطبيق مكياج السهرة، كما انضممت إلى دورة خبيرة التجميل الفنانة فاطمة العماني، وحصلت على عدة شهادات في تصفيف الشعر مع المدربة ميعاد الرمضان، وعدة دورات في تلوين ومعالجة الشعر”.

مقارنة
أما لو وضعنا التجميل والتصميم في مقارنة، وفي أيهما تجد نفسها أكثر، قالت دون تردد: “كلا الأمرين ممتع، وكلاهما يجذبني وأرتاح جدًا في العمل به، أستمتع كثيرًا في التفنن بخصلات الشعر، وأستمتع في المقابل بقص القماش، وخياطته والناتج النهائي، وحتى بالنسبة للعائد المادي من كل منهما، فكلاهما يدر دخلًا ممتازًا، وكلاهما يحتاج الممارسة والتطوير والاطلاع على الجديد، وربما التجميل أكثر”.

مقص وولادة
ولا تخلو الحياة من مواقف طريفة أو محرجة، تحفر لها رغم طرافتها موقعًا خاصًا في الذاكرة، ومن هذه المواقف التي لا تنساها “آل عباس”؛ فستان الجلوات الذي طلبت إحدى زبوناتها تصميمه، وتقول عن تلك الواقعة التي لا تنساها: “هذه الزبونة تتعامل معي كثيرًا، وكانت قد طلبت تصميم فستان جلوات لها، وأنا كنت في شهور الحمل الأخيرة، حاولت الرفض، لكن ثقتها وإعجابها بتصميمي أقنعتني أن أصمم الفستان، واشتغلت عليه، تقريبًا أنجزت منه ثلاثة أرباع العمل، وتفاجأت أني سأضع طفلتي قبل موعدي المحدد وقبل إنجاز الفستان، ووصل خبر ولادتي للعروس، وتوترت، ولكن الحمد لله خرجت من المستشفى وأتممت الباقي، وظهرت فيه عروستنا بأحلى طلة”.

الصعوبات
وتؤكد أنه عندما يملك الإنسان الإصرار على أمر ما فحتمًا سيتغلب عليه وتنتهي كل الصعوبات، وقالت: “كثيرًا ما أسمع من بنات المجتمع نظير هذا الكلام؛ “أتمنى أن أمتلك مقومات أو لا أمتلك الخبرة، ودائمًا ما أقول: عزيزتي ابدئي وتعلمي وكلنا معك”.

نصيحة
وأضافت: “ولهذا أنصح كل فتاة لديها موهبة تمتلكها، بأن تكون واثقة من نفسها وقدراتها، وأيضًا من جمالها الداخلي والخارجي، وأنها تستطيع فعل كل ما تحبه، وعليها إظهار موهبتها مهما كانت حتى تصل إلى ما تُريد، وأن رحلة الألف ميل تبدأ بخطوة، وأن نقطة البداية هي حتمًا التي تأتي بالنهاية المميزة لتحقيق الأهداف، وأتمنى الحظ السعيد للأخوات الموهوبات المبدعات”.

شركاء النجاح
وتابعت: “كثير مَنْ أمتن لهم ولدعمهم الدائم لي، وأبرزهم زوجي، فبعد زواجنا اشترى لي ماكينة الخياطة ومنها بدأت بشكل رسمي أصمم وأخيط، ومن ضمن الداعمين صديقتي المقربة، وأهلي، وكل من قدم لي أي دعم سواء بتعليق، أو إعجاب، فهذا يحفزني للاستمرار، مما جعلني أقرر الانضمام إلى دورة تصميم وتفصيل عند المدربة المبدعة البشرى حسن، فكانت انطلاقتي معها”.

عالم الحواسيب
كل هذه الفنون من تصميم وتجميل، لم يكن لها مساحة في تخصصها الدراسي، وفي هذا السياق توضح “آل عباس”: “لم يكن أي من مجال التصميم أو التجميل مجال عملي ولا تخصصي، فأنا خريجة دبلوم برمجة حاسب آلي من كلية المجتمع بالقطيف، ومسار دراستي يختلف عن مسار عملي، ولم أعمل في مجال تخصصي الدراسي نظرًا لقلة الوظائف، وأغلبها يشترط كشف الوجه وأنا لا أفضل هذا الأمر، وربما حبي للأطفال، فأنا أخاف دائمًا أن يكبروا دون مشاركتي معهم كثيرًا من الوقت وفوات بعض اللحظات العائلية الجميلة، وبالنسبة للراتب أنا أستطيع أن أنتجه وأنا في منزلي وسط عائلتي”.

راية العلم
وحول مدى استفادتها في مجال عملها من علوم الحاسب الآلي التي قضت فيها سنوات الدراسة، قالت: “أنا أحمل إيمانًا تامًا بأنه كلما سنحت لك الفرصة في الحياة للتعلم تعلم، لأن العلم لا يضيع أبدًا، ولذلك أنا لا أزال كلما وجدت دورات في شتى المجالات أدخل وأتعلم منها؛ مثلًا دورات في عالم التجميل والخياطة، كذلك دورات عن بُعد بما في ذلك برنامج “دروب” الذي حصلت فيه على عدة دورات وشهادات”.

مهرجان العروس
وتسرد “آل عباس” مسيرتها العملية ومشاركاتها في عدد من الفعاليات، موضحة أنها عملت كمصممة أزياء في مصنع “إكس بور”، كذلك في مركز “ميعاد الرمضان” في تصفيف الشعر، وشاركت في مهرجان العروس السنوي الذي أقيم في قاعة المصطفى عام 1436هـ، وتقول: “هذا المهرجان أعطاني دافعًا قويًا ومحفزًا للاستمرار، لأتابع بعده أحدث التطورات في عالم التصاميم وفن المكياج”.

وأكملت: “وهذه الآن مشاركتي الثانية في “حيُّنا عطاء”، والحمد لله رب العالمين كل خطوة لها طابعها الخاص وإنجازاتها ونجاحاتها لدي، فالعمل يحتاج إلى قوة وصبر وتحمل، والحضور جميل في أن تكون لك بصمة خاصة في كل مشاركة”.

التسويق
أما التسويق الذي تعده كثير من المصممات وصاحبات المشاريع الصغيرة قمة المشاكل، فتراه “آل عباس” برؤية مختلفة، وتقول: “ربما في الآونة الأخيرة تطور وضع التسويق أكثر، أو ربما توسعت دائرة التسويق وتسهلت أكثر من ذي قبل، بعد أن كانت تقتصر على الإعلان في المنطقة ذاتها، فالآن ممكن بضغطة زر التسويق والشحن لمناطق داخل وخارج البلاد”.

أحلام وطموحات
وبلهجة شكر وامتنان تؤكد “آل عباس”: “بحمد الله وفضله حققت الكثير، وبإذن الله وتوفيقه سيتحقق الكثير، وطموحي عالٍ بإتمام مشروع يضم الاثنين معًا، ولو حققته ستكون نقلة نوعية في عالم التجميل والأزياء معًا”.

تنويه: مصدر الصور المصممة فاضلة آل عباس


error: المحتوي محمي