صدم استشاري نفسي عددًا من المقبلين على الزواج بقصة انفصال زوجين دام زواجهما أكثر من ربع قرن من الزمن، والسبب كلمة!
وتتلخص تفاصيل القصة في علاقة زوجية دامت ثلاثين عامًا، قضاها زوجان تحت سقف واحد، يجمعهما نفس البيت، يأكلان على نفس المائدة، تمر عليهما مواسم البرد والحر نفسها، وفي لحظة ما طلبت الزوجة من زوجها أن يطلقها، بعد كل هذه السنوات والعشرة، والسبب لم يكن لموقف، إنما لغياب كلمة!
حكى الاختصاصي النفسي ناصر الراشد هذه القصة، خلال الدورة التدريبية التربوية “كيف تحقق زواجًا سعيدًا”، التي تنظمها جمعية البر الخيرية بسنابس، والتي شهدت حضوراً مميزاً من الرجال والنساء في يومها الثاني، الاثنين 18 جمادى الأولى 1441هـ، وسط تعجب بعضهم، واستنكار البعض الآخر.
وخلص إلى السبب في النتيجة التي آلت إليها هذه العلاقة التي استمرت لما يزيد على ربع قرن، أنه عدم الإفصاح عن مشاعر الحب بالكلام، فقد كان في منظور الزوج أن الهدايا نوع من الحب، لكن الزوجة لم تشعر بالأمان بغياب تلك الكلمة.
ورغم أنه عادة ما يعول الناس على التوافق بمضي السنين، وتقلب الدهر، إلا أن الحقيقة الصادمة التي أكدها الراشد أن غياب كلمة “أحبك” طوال هذه السنوات الطويلة أدى إلى وقوع الطلاق.
وواصل الراشد تقديم خلاصة الأبحاث والإرشادات النفسية والاجتماعية لبناء حياة زوجية سعيدة، خلال الدورة التدريبية.
التطهير
واستهل الراشد المحاضرة بوضع القاعدة الأساسية للحياة الزوجية السعيدة، والتي أسماها “قاعدة التطهير”، مؤكدًا على أنه قبل الارتباط لابد من التطهير، والاستعداد لدخول الحياة الزوجية.
التعبير
وتحدث بعد ذلك عن أهمية التعبير عن المشاعر، موضحًا أن الذكاء العاطفي ينمو بالإرادة، وأشار إلى أن هناك دورات خاصة لتعلم مهاراته، كما بيّن أن العناصر الرئيسية لنجاح العلاقة الزوجية هي المعاشرة بالمعروف، والمودة، وهي تعني إظهار الحب، موصيًا بالاستمرار بالتعبير عن الحب دائماً فهو سلوك معزز للطرفين وله انعكاسات إيجابية.
التحيز
ودعا إلى الحوار الزوجي الناجح، مؤكدًا أن الإنسان يستطيع أن يظهر أفضل ما لديه بالحوار، وطرح مثالًا من المشاكل التي تواجههم بالعيادة الأسرية؛ وهي أنه رغم وجود الحب بين الزوجين، إلا أنه عندما تحتاج الزوجة طلبات منزلية تقابل الزوج بنبرة تقصير في المسؤولية، وهو ما اعتبره الراشد خللًا في طريقة الطلب.
وأشار إلى أننا بطبيعتنا البشرية “انتقائيون”، والعقل البشري جزئي ومتحيز لطبيعته، والتحيز دائمًا هو وقود الغضب، ومجرد اختفاء التحيز يسبب للفرد إحباطًا، والإحباط يؤدي إلى الانفعال والغضب.
التراحم
ونصح الأزواج بالاحتضان دائماً، معللًا بأن بعض المكونات الأساسية في الدماغ التي تسبب العنف والنقد؛ تنخفض بالاحتضان لمدة 30 ثانية.
وشددّ على الرحمة معتبرًا أنها صمام الأمان العاطفي، وذكر أن الباحثين في علم النفس الإسلامي يعتبرون اختلاف التعبير عن الحب ليس مشكلة في العلاقة الزوجية، لكنهم يجدون أن الخطر يبدأ عندما تختفي الرحمة، لأن الرحمة هي كيمياء عجيبة، والإنسان الرحيم لا يعتدي، ودائمًا يدرك أن هناك تسامحًا ورحمة، لذلك فدائمًا يجب أن نستشعر الرحمة في قلوبنا.
وختم الراشد بتوجيه نصيحة للأزواج بالتعبير بشكل صريح عن مشاعر الحب للزوجات، والبدء في التخطيط ليوم سعيد وقضاء وقت أطول مع العائلة.