لا يتوقف علماء النفس، ومستشارو الأسرة عن إيجاد حلول للمشكلات الأسرية، بهدف الحد من نسب الطلاق المتزايدة، ومؤخرًا خضعت هذه الخلافات لآليات علمية، وليست فقط نفسية واجتماعية، وهو ما يركز عليه المرشد الأسري عبدالله العليوات؛ في برنامج “حل الخلافات الأسرية بالطرق العلمية”، والذي بدأت فعالياته يوم الاثنين 30 ديسمبر 2019، ويستمر حتى يوم الأربعاء الأول من يناير 2020.
وصنف العليوات المشكلات الأسرية إلى: مشكلات ما قبل الزواج، ومشكلات أثناء الزواج، ومشكلات التقاعد والشيخوخة، ومشكلات ما بعد الطلاق، وقال بأن سلة الخلافات الزوجية هي التي تحمل بداخلها كل الضغوط النفسية والحياتية والمشاكل المتراكمة والمؤجلة بين الزوجين.
الممارسات العاطفية
وفي دراسة مقارنة كشفت عن الطلاق العاطفي، حيث أكدت الدراسة الميدانية عام 2000، لمشاركين؛ 260 زوجةً و450 زوجًا من عمر 21 – 55 سنة بنسبة 81٪% بسبب شرخ كبير في الممارسات العاطفية من الشهر السادس إلى تجاوز العشر سنوات، و69% موت العلاقة العاطفية وانعدام الحب، و72% الشعور بالروتين والملل.
وأشار العليوات إلى دراسة أخرى مقارنة عن أضرار الطلاق العاطفي في جامعة أريزونا الأمريكية من قبل الدكتور ديفيد سبارا، أوضح أن الطلاق العاطفي يولِّد أمراضًا صحية ونفسية مزمنة وقد عُينت الدراسة على 138 شخصًا، وهي دراسة حول الاستقرار في النوم والأرق، والتي تسبب فيها حديث النفس السلبي، حيث يكون المريض كثير التفكير عند النوم.
وأشار إلى دراسة أخرى في ألمانيا حيث إن كل 10 زوجات من بينهن واحدة تعاني من الصمت خلال خمس سنوات من البحث، وأن نسبة الحالات 79% بسبب انعدام المشاعر والطلاق العاطفي.
تحفيز الاختيار
وفي المحاضرة التي نظمها مركز التنمية الأسرية “سنا” التابع لجمعية البر الخيرية بسنابس، وحضرها في اليوم الأول 64 شخصًا من المهتمين بالإرشاد الأسري، عرف العملية الإرشادية بأنها مساعدة الفرد وتحفيزه على الاختيار واتخاذ القرار بنفسه في ضوء التوجيه والإرشاد الأسري والتخفيف من الصعوبات التي تواجهه؛ لتحقيق التوافق الشخصي والتربوي والأسري والمهني وذلك لتحقيق سعادته والتي يمكن من خلالها اكتشاف واستخدام إمكانياته وقدراته وما تعلمه من مهارات وأساليب تساعده على حل مشاكله المختلفة، كما عرف الإرشاد العام على أنه علمٌ وفن وممارسة، وخبرة، يهتم بتعديل الأفكار والمشاعر وتحويلها إلى سلوك مقبول؛ ليتحقق التوافق لدى الأشخاص والأسرة والمجتمع، وهو علمٌ قائم له نظرياته ومجالاته وأهدافه داخل الأسرة والمجتمع ويبدأ بالفرد.
الكشف المبكر
وقال إن أهداف العملية الإرشادية، معرفة المشكلة وتشخيصها وتقييم حجمها وتأثيرها، يكون عن طريق المرشد الأسري، حتى يستطيع تقديم الحلول المناسبة لمعالجتها، ووقاية للفرد والأسرة من خطرها، حتى لا تتعرض الحياة الأسرية للأزمات التي تهدم بناءها، فيجب الكشف المبكر عنها.
وأكد أن المرشد هو الشخص المؤهل لتقديم المساعدة المتخصصة للأفراد والجماعات الذين يواجهون مشكلات أسرية أو اجتماعية أو نفسية، ومن خلال خبرته يستطيع إرشادهم إلى الحلول المناسبة ومساعدتهم على اتخاذ القرار المناسب.
دراسات وإحصاءات
وعرض العليوات خلال المحاضرة عددًا من الدراسات الميدانية والاستقصائية في عدد من الدول، منها استطلاع لأسباب الطلاق الرئيسية في شمال أمريكا جاءت نتائجه بأن عدم التوافق الأساسي بين الزوجين 42%، والخيانة الزوجية 38%، وقضايا المال 22%، وحجج الأمومة 2% والإساءة العاطفية الجسدية 4%.
وفي استطلاعات أخرى لقضايا الطلاق في أكثر الولايات المتحدة كانت النتائج: بسبب عدم المعرفة بالزواج ما يقارب 27%، وعدم التوافق 17%، والمشاكل الأسرية 18%، مشاكل أخرى كالإدمان والتغيرات21%، والعنف 10%، ومشاكل المال 6% والأطفال بنسبة 1%.
تعددت الأسباب
وقال إن من أسباب الطلاق وفقًا للباحثة سيلفا سميث من خلال دراستها؛ المال، وعدم الاستعداد للزواج، والزواج لأسباب خاطئة، والخلافات المنزلية، وفقدان الهوية (لا تفاهم)، وفقدان الجنس، وفقدان المودة، وفقدان الأناقة البدنية، والتغيرات السلوكية القصرية، والمصالح المتضاربة، ونقص التواصل، وأنه لا يوجد احترام، والإيذاء والإساءة.
وعُرضت نتائج دراسة المركز الوطني لأبحاث الأسرة بجامعة بولينج غرين في أوهايو والتي كشفت الاستطلاعية عن 6300 حالة من كلا الجنسين 2010م حيث كانت 45% بسبب عدم القدرة على التعايش و38% يُعانون من نقص وفقدان المال و22% يُعانون من المشاكل الزوجية الدائمة و5% لأسباب غير معقولة أدت إلى الطلاق.
وذكر الأسباب الشاملة والمحدودة للطلاق ومنها؛ السلوك المسيء، والاعتداء الجسدي أو العاطفي، والعنف الجنسي، والسيطرة على السلوك، واختلافات غير قابلة للمساومة، والاختلافات الدينية، والزواج لأسباب خاطئة، ومنها أيضًا تغيرات الحياة الرئيسية كالموت أو المرض الخطير لأحد الزوجين، وفقدان الوظيفة، ومشاكل مالية، والسلوك الإجرامي أو السجن، والمرض العضلي أو الجنون أو الإدمان والمخدرات.
تصنيف
وصنف المشكلات الأسرية حسب العوامل المؤثرة والتي تكون عاملًا قويًا للطلاق إلى: مشكلات اقتصادية، ونفسية، واجتماعية، وصحية، وثقافية، وأخلاقية، ومشكلات الأبناء الصغار والمراهقين.
وصنف المشكلات أيضًا حسب أنواعها إلى: مشاكل صعبة، وبسيطة، ومؤلمة، وأشد ألمًا، ومعقدة، ومؤقتة، ومستمرة، وأما لحسب الشكل فمنها: المشاكل الظاهرة، والخفية، والعابرة، الدائمة.
الحقيبة العملية
وعرف العليوات حقيبة الخلافات الأسرية في الحياة العملية من ثلاثة جوانب، هي: نوع المهنة، ووقت العمل، ومكان العمل، فيما عرف الحقيبة الأسرية في الحياة المالية وهي التي تكون لأسباب؛ التنقل، والإيجار، والراتب، وسحب الادخار، والقروض، والتموين، والاستبدال، والأسهم، وبيع البيت.
كذلك عرف الحقيبة الأسرية في النظام المنزلي والتي تكون لأسباب عدة، وهي: فوضى المنزل، والنشاط الخاص، وترتيب المنزل، واختلاف العوامل، وجو المنزل، وانعدام المودة، وصيانة المنازل، وأوقات المتعة، ومن يضع القرار، والأصدقاء والأهل.
وبين أن الجانب المادي يؤدي دورًا مهمًا في إنجاح العلاقة أو فشلها، لذلك يجب على الشريكين أن يكونا على علم بالحالة المادية التي يعيشان في ظلها ليتسنى لهما التخطيط لمستقبلهما حسب إمكاناتهما.
مستويات السلوك
واختتم بمستويات السلوك والمشاعر الزوجي في الصراع قائلًا: “هناك ناتج لكل سلوك، فعندما يكون العنف موجودًا يتولَّد شعور الغضب، فيصدر الصراخ بصوت مرتفع، والانعزال يولد شعور الخوف فينتج عدم الاحترام، والمأساة تولد الحزن، فينتج تبادل التهم، وهكذا مع بقية السلوكيات إلى أن تنشأ الحروب النفسية الصادمة لتولد انفجارًا لا يحمد عقباه، فيقضي على الحياة الزوجية، ويتسبب بصدمات نفسية صعبة تحتاج إلى سنوات طوال من العلاج”.
هذا، ويستكمل العليوات برنامجه المجاني في قبو السادة بسنابس من الساعة ٦- ٩ مساء، عن حل الخلافات الأسرية بالأساليب العلمية والخبرة، وأخلاقيات العملية الإرشادية الحديثة في ظل التكنولوجيا، ويتضمن ورشة عمل لدراسة الحالة وكيفية وضع الحلول المناسبة.