وقف أكثر من 30 ممارسًا صحيًا وقفة جادة في مواجهة استخدام المضادات الحيوية بصورة غير آمنة، داعين الأطباء في مركزي القطيف إلى تقنين صرف المضادات الحيوية حسب ما تستدعيه الخطة العلاجية للمريض، مؤكدين أن المضاد الحيوي سلاح ذو حدين، فهو إما دواءً نافعًا أو سمًا قاتلًا للمريض.
وطالبت رئيس قسم مكافحة العدوى ولجنة الاستخدام الآمن للمضادات الحيوية استشارية الباطنية وأمراض معدية الدكتورة كوثر آل عمران، بأخذ خطوات التثقيف بالمضادات الحيوية كجزء متكامل للمحافظة على صحة الإنسان، ويكون باتباع خطوات، تبدأ بالخطوة الوقائية من الممارسين من الكوادر الطبية والفنية لحماية المرضى، عبر المحافظة على النظافة العامة، وتعليم كيفية غسل اليدين بطريقة صحية، وأخذ التطعيمات الوقائية.
وأوضحت “آل عمران” أن الخطوة الثانية هي العلاجية عند حدوث المرض، وتكون بعلاجه ضمن فريق متخصص يبدأ بالفحص من أطباء استشاريين، واختصاصيي مختبرات وأحياء دقيقة، يقومون بالتحاليل الخاصة للعينات من المريض لمعرفة أنواع البكتيريا المسببة للمرض وعليها يتم التشخيص لوصف المضادات التي تناسبها، ثم يأتي بعدهم دور الصيدلاني الذي يصرف الدواء وبدوره يرشد لطريقة تناول الدواء مع التعريف بالجرعات الموصى بها من الطبيب.
ونوهت إلى أن المضادات الحيوية تصرف من الطبيب عند الإصابة بالتهابات البكتيريا بغض النظر عن عمر المريض، بوصفة طبية معتمدة من الطبيب، مشيرةً إلى أن قرار وزارة الصحة بتقنين صرف المضادات الحيوية وعدم إعطائها للمريض إلا بوجود وصفة طبية، أوجد وعيًا بشكل أكبر عند المرضى، مع التحكم في سوء الاستخدام، مما يكون له انعكاس إيجابي على الصحة.
وذكرت أن أثر المضاد الحيوي على الجسم يكون بقتل البكتيريا الضارة والنافعة معًا في الجسم، مما يؤدي مع الزمن إلى تقليل المناعة العامة للجسم ومقاومته للأمراض، وينعكس ذلك بحدوث أعراض جانبية في الجهاز الهضمي والجلد، ودرجات الخطر أكثرها فشل في الكبد أو الكلى وتشنجات في الدماغ.
وشرحت عمل مختبر الأحياء الدقيقة في الكشف عن الأمراض البكتيرية للمرضى المنومين، بعمل المزارع للدم في حاضنة خاصة، واكتشاف أنها موجودة بعد 24 ساعة، وبعد 48 ساعة يتم التعرف على نوعها، وبعد 72 ساعة يعرف نوع المضاد الحيوي المناسب لها ومن ثم يصرف للمريض.
وأكدت “آل عمران” أن 80% من الأشخاص المصابين بنزلات البرد وما يرافقها من أعراض الزكام والكحة والتهاب الحلق تكون نتيجة فيروسات، ولا يحتاجون مضادات حيوية، أما في حالات التهاب الجيوب الأنفية أو الأذن فربما يحتاج لأنه يمكن أن يكون فيروسًا أو بكتيريا، والطبيب هو من يقرر بعد التشخيص، وبعد التأكد من الالتهاب البكتيري يلزم وصف المضاد الحيوي.
وفرقت بين مهمة الطبيب الذي يصف الدواء، وبين مهمة الصيدلي التي تكون صرف الدواء والتعريف به وبالجرعة الموصى بها، ومتى يؤخذ وكيف تظهر والأعراض الجانبية المترتبة على أخذه إن احتمل انعكاسها على المريض.
جاء حديث “آل عمران” في الفعالية التي أشرفت عليها بعنوان “الاستخدام الآمن للمضادات الحيوية”، والمنظمة من قسمي الخدمات الصيدلانية ومكافحة العدوى بالمستشفى، بالتعاون مع قسم المختبر والتثقيف الصحي، يوم الثلاثاء 24 ديسمبر 2019م، في بهو المستشفى.
ودشنت الفعالية برعاية وحضور من المدير التنفيذي للمستشفى الدكتور رياض الموسى، ومدير الخدمات الطبية الدكتور زكي الزاهر، واستهدفت بالدرجة الأولى الممارسين الصحيين في المستشفى، والمراجعين للعيادات.
وتضمنت الفعالية عدة أركان تثقيفية وتعريفية بالمضادات الحيوية والتوعية بالطرق الوقائية من آثارها الجانبية، وكيف ومتى توصف للمريض، وهي؛ ركن الجرعات للمضادات الحيوية، والمضادات والحمل، والمضادات والسمنة، والتداخلات الدوائية، وحساب الجرعات الدقيقة للأطفال، والأعراض الجانبية للمضادات الحيوية، بالإضافة لقسم خاص عن طرق مكافحة العدوى.
وبينت “آل عمران” أن الهدف من إقامة الفعالية هو تثقيف الكوادر الصحية والفنية والإدارية العاملة في المستشفى، والمراجعين والمراجعات للمستشفى، بمخاطر سوء المضادات الحيوية في المدى القريب والبعيد على الصحة العامة، والتي تسببها البكتيريا الشرسة، لافتة إلى أن سوء استخدام المضادات أدى إلى توالد سلالات جديدة من البكتيريا الشرسة التي تقاوم المضادات، مما يعرض المريض إلى مضاعفات صحية قد تؤدي إلى الموت.
من جانبها، أوضحت مشرفة برنامج استخدام المضاد الحيوي الآمن بقسم الخدمات الصيدلانية نوال الجشي، الأعراض الجانبية للمضادات الحيوية التي تختلف من مضاد لآخر وتظهر بشكل سريع ومباشر، أو بعد عدة سنوات حسب نوع المضاد والجرعة المقدمة.
وتحدثت الصيدلانية ليالي آل ثويمر عن مشروع تحضير المضادات الحيوية في غرفة التغذية، والمحاليل الوريدية في بعض أقسام العناية المركزة، ودور الصيدلاني في تفادي الأخطاء الدوائية، منوهةً إلى أن المشروع بدأ منذ 4 أشهر في غرف العناية المركزة للكبار وقسم الأطفال الخدج وغرف العناية المركزة للأطفال، حيث يقوم اختصاصي الصيدلة بالتعريف بالمضادات الحيوية وطرق حفظها والجرعات المقدمة للكادر الصحي، مع تحضير المضاد والمتابعة اليومية لتأثير الدواء على المريض.
وحذرت الصيدلانية زينب آل عتوق من التداخلات الناجمة عن المضادات الحيوية مع الأدوية، وهنا يجب أن يُعرف المريض بالأثر الدوائي الناجم عن استخدام المضاد الحيوي مع الأدوية سواء كان تقليل أو منع فاعليتها، ومنها على سبيل المثال؛ أدوية منع الحمل، وسيولة الدم، أو أدوية المعدة.
من جانبها، شددت مسؤولة السلامة الدوائية بالمستشفى الصيدلانية منى الجشي، على ضرورة معرفة تداخلات المضادات الحيوية مع الأغذية قبل تناول الدواء، أو بعده، محذرةً من تناولها قبل الأكل مما قد يؤدي إلى تهيج في المعدة، مع توضيح أنواع الأطعمة التي تؤثر أو لا تؤثر على امتصاص الدواء، بالإضافة إلى الابتعاد عن شرب الحليب بعد أو قبل المضاد الحيوي كونه يؤثر على امتصاص الجسم للدواء، مع الوعي بأنه لا يمكن تعميم أثرها على جميع الأطعمة بل يكون حسب تركيبة الدواء ونوع الطعام، وضرورة المراقبة للمريض بعد أخذ الدواء.
وتطرقت “الجشي” إلى بعض المضادات التي يتم إعدادها بدون إحلالها بصورة سائلة، وذلك على شكل بودرة، ويوصى بتناولها بعد إضافة الماء لها، وهنا نجد أن مزجها بالماء يعرضها إلى التحلل ويقلل فاعليتها، ويحول بعضها إلى مواد سامة، لذا لابد من ملاحظة مدة صلاحيتها التي تكون بين 7 – 15 يومًا فقط، مع أن مدة صلاحيتها وهي كمسحوق بودرة قد يصل إلى سنتين لبعضها.
فيما عرف الصيدلاني السريري أحمد الأسود بطرق فحص تركيز الدواء في الدم، وكيف يتم وصف المضاد الحيوي للبدناء، أما الصيدلانية مريم التركي فأوضحت كيف يتم رفع التقارير الطبية المتعلقة بالمضادات الحيوية إلى هيئة الغذاء والدواء.
من جانبه، اعتبر مدير الخدمات الصيدلانية صيدلي أول هاني آل إسماعيل، أن المجتمع ما زال يحتاج جرعات من التثقيف حول استخدام المضادات الحيوية، كونه من المواضيع المؤرقة عالميًا وليس محليًا فقط، ورغم أن الاكتشافات في مجال المضادات الحيوية وما يضخ منها في السوق ضئيل جدًا، إلا أن هناك خوفًا من زيادة المقاومة.
وطالب بوقفة جادة من الجهات على المستوى الصحي والرسمي، أو على مستوى النخب من الأفراد، حيال سوء استخدام المضادات الحيوية كونه يمس شريحة كبيرة من المجتمع بدرجة مباشرة، منوهًا إلى أن كل المجتمعات العلمية والصحية لديهم احتفاء باليوم العالمي بالمضادات والحث على الاستخدام الأمثل للمضادات من قبل المريض.
وأشار “آل إسماعيل” إلى معدل المستحضرات الدوائية في السوق العالمية، والتي تتجاوز 25 ألف مستحضر، وتمثل المضادات الحيوية 5 – 10% منها، إلا أن خطرها كبير مقارنة بباقي الأدوية، وكذلك التكلفة العلاجية عالية جدًا، وقد يصل ثمن الدورة العلاجية لبعضها إلى عشرات الألوف من الريالات مع إمكانية قفز الأسعار للأعلى للمريض الواحد.
وثمن المدير التنفيذي للمستشفى رياض الموسى، تضافر الجهود في الفعالية لأكثر من قسم، وأبرزها أقسام الصيدلية والمختبر ومكافحة العدوى، معتبرًا الموضوع ذا أهمية كبيرة، مؤكدًا أن التعريف بالمضادات الحيوية يحتاج عملًا مستمرًا لتقليل الاستخدام العشوائي، والدولة خطت خطوة مهمة عندما منعت صرف المضادات الحيوية بدون وصفة طبية كونه أهم القرارات التي اتخذتها وزارة الصحة في السنوات الأخيرة وأثرها سيكون في السنوات القادمة.
وأكد “الموسى” أن مركزي القطيف يسعى لتوفير الخدمات العلاجية الدوائية بشكل متكامل برئاسة التجمع الصحي الأول بالمنطقة الشرقية، بصورة نوعية متميزة للمراجعين.