قال الإمام زين العابدين عليه السلام: “وحق اللسان، إكرامه عن الخنا، وتعويده الخير، وترك الفضول التي لا فائدة فيها، والبر بالناس، وحسن القول فيهم”.
عندما خلق الله سبحانه وتعالى الإنسان، زوده بمجموعه من الجوارح، وأعطى لكل جارحه عملها الخاص بها.
فالعين: وظيفتها الرؤية.
والأذن: سماع الأصوات.
والأنف: لشم الروائح.
والرجلين: للمشي.
وأعطى اللسان مهمة صعبة، بها سعادة الإنسان، وشقاؤه، فهو مفتاح القلوب، ومصدر الخير، وبه تنال الجنة، وبه تنال النار.
لذلك وردت نصوص شريفة تبين لنا خطر اللسان، وأهمية المحافظة على هذه الجارحة.
قال الله تعالى: {ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد}.
وعن الإمام الباقر عليه السلام: “إن هذا اللسان مفتاح كل خير وشر كل شيء، فينبغي للمؤمن أن يختم على لسانه، كما يختم على ذهبه، وفضته”.
وعن أمير الصادق عليه السلام:
“يموت الفتى من عثرة بلسانه”
“وليس موت المرء من عثرة الرجل”
“فعثرته من فيه ترمي برأسه”
“وعثرته بالرجل تبرأ على مهل”
أولاً: إكرامه عن الخنا.
والخنا: هو الفحش من القول.
إن لأهل الفساد عبارات صريحة فاحشة يستعملونها، وأهل الصلاح يتحاشون التعرض لها، بل إذا أرادوا التحدث عن هذه الأمور تناولوها بالرمز، كما كنى الله تعالى، جماع الرجل بزوجته باللمس والدخول، وهذه الكنايات ليست بفاحشة.
ولا يبعد أن يكون الفحش هو: كل لفظ مهلك للإنسان، كالاستهزاء، والسخرية، والتحقير، والفحش منهي عنه ومذموم.
ثانياً: تعويد الخير:
وهو تعويد اللسان على كل أمر يجلب المنفعة والنور والإيمان، فالكلام الطيب خير، والقرآن الكريم وتلاوته خير، والصلاة على الحبيب المصطفى محمد وآل محمد خير، والنصيحة خير، وكل هذه الأعمال باب إلى الفلاح.
قال تعالى: {وافعلوا الخير لعلكم تفلحون}.
وقال تعالى: {وقولوا للناس حسنا}.
ثالثاً: ترك الفضول التي لا فائدة فيها:
وفضول الكلام : هو التكلم بما لا فائدة فيه أصلاً، لا في الدين ولا في الدنيا.
أي أن الإنسان إذا كان يستطيع أن يؤدي حاجته بكلمة واحدة، فزاد عليها كلمة ثانية، فالثانية فضول، أي فضل على الحاجة.
عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: “يا أبا ذر اترك فضول الكلام، وحسبك من الكلام ما تبلغ به حاجتك، ما من شيء أحق بطول السجن من اللسان”.
من مفاسد فضول الكلام:
حينما نطالع النصوص الشريفة نجد أنها تحذر من هذا المرض وتحث على تركه.
عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: “من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه”.
وعن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: “طوبى لمن أمسك الفضل من لسانه وأنفق الفضل في ماله”.
والسبب في ذلك هو أن الفضول يورث ما يسوء الإنسان في الدنيا والآخرة.
فإن كل لفظ يلفظه الإنسان مسؤول عنه، فإن كان خيراً فخير، وإن كان شراً فشر.
علاج فضول الكلام:
١- التأمل والتروي في كل كلام قبل أن يتكلمه، فإن كان فيه فائدة تكلم به، وإلا تركه.
٢- جعل الموت أمام العينين وأن المتكلم مسؤول عن كل كلمة يقولها.
قال تعالى: {وإن عليكم لحفظين كراما كاتبين}.
عن الإمام الكاظم عليه السلام عن آبائه عليهم السلام قال: “مر أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام برجل يتكلم بفضول الكلام، فوقف عليه، ثم قال: يا هذا إنك تملي على حافظيك كتاباً إلى ربك، فتكلم بما يعنيك ودع ما لا يعنيك”.
٣- إلزام النفس بسكوت وزجرها إذا حاولت التكلم بفضول الكلام.
٤- حسن القول فيهم.
أي عدم اغتيابهم أو النميمة بينهم أو الإساءة إليهم، لأن هذه الأمور تؤدي إلى تقطيع أواصر الأخوة في المجتمع.
عن الإمام الحسين عليه السلام قال: “ولا تقولن في أخيك المؤمن إذا توارى عنك إلا مثل ما تحب أن يقول فيك إذا تواريت عنه”.