لم يعد الإعلام مجرد حزمة كبيرة من الأفكار والمعلومات والأخبار والمحتوى والمصادر والآداب والفنون والمهارات والوسائل والرسائل والأجندات والأسلحة التي تستخدمها المجتمعات والشعوب والأمم بكل مؤسساتها ودوائرها ومراكزها، وذلك بهدف التحكم والسيطرة والتأثير في كل مفاصل وتفاصيل الحياة الحديثة بأفرادها ومجموعاتها وثرواتها، الإعلام هو كل ذلك وأكثر، ولكنه ومنذ ثلاثة عقود تقريبًا يُمارس مهنة غاية في الأهمية والخطورة وهي قيادة العالم، كل العالم.
نعم، الإعلام هو من يصنع ويقود ويوجه بكل مهارة وحرفية وذكاء الرأيَ العام والأفكار المتداولة والثقافات المشتركة، وهو بلا شك الذراع الأقوى والأخطر للعولمة الكونية التي حولت العالم إلى شاشة صغيرة لا تتجاوز عدة بوصات. الإعلام الآن هو من يؤثر في خيارات وقرارات وسلوكيات النخب، فضلًا عن البسطاء، وهو من يُحطم الأرقام، ويُحقق الأرباح ويُرجّح الموازين. الإعلام أهم وأخطر القوى الناعمة التي تصنعها وتوظفها وتُديرها الدول التي أيقنت حتمية التفوق الإعلامي باعتباره سلاح العصر الحديث.
والكتابة عن قيمة وخطورة وتأثير الإعلام لا تحتاج إلى أدلة وبراهين، ولكن الأمر الذي يستحق التأكيد هنا هو ضرورة وجود صناعة إعلامية وطنية متكاملة، تضم كل مظاهر ومصادر الإعلام بمختلف أشكاله ومستوياته، لتُسهم هذه الصناعة المهمة في إبراز الوجه الحضاري والإنساني لهذا الوطن الرائع الذي يستحق الفخر.
ويُمثّل منتدى الإعلام السعودي الأول، الذي أقيم مؤخرًا في العاصمة الرياض، تظاهرة ثقافية وإعلامية غير مسبوقة في تاريخ الملتقيات والمهرجانات الإعلامية العربية، إذ يُشارك عدد كبير من أبرز قادة وخبراء الإعلام في العالم. وعلى مدار يومين حافلين بالجلسات والورش والنقاشات الإعلامية المهمة والحديثة، سيتناول المنتدى كثيرًا من القضايا والمحاور والموضوعات المستجدة، التي تُقارب التطورات والتحولات التي طالت وسائل التواصل والاتصال.
وتحت شعار: “صناعة الإعلام.. الفرص والتحديات”، برزت كثير من المبادرات والنقاشات التي تتناغم مع طبيعة النقلة النوعية الكبرى التي يشهدها إعلامنا الوطني والعربي. وصناعة الإعلام الآن، لم تعد تتشكل في إطارات وقوالب محلية ومحدودة، ولكنها أصبحت سماوات مفتوحة وفضاءات عابرة لكل الأفكار والقيم والثقافات، فضلًا عن المسافات والحدود واللغات.
الحشد النوعي لكثير من الأسماء والرموز السعودية والعربية والعالمية البارزة والمؤثرة في مجال الإعلام، والموضوعات والمحاور المهمة التي تتناسب مع طبيعة وظروف المرحلة الراهنة، يُحسب للقائمين على هذا الكرنفال الإعلامي السعودي الكبير.
المصدر: صحيفة الرياض