كن أنت، فلقد خلقت لتكون أنت، بذاتك باسمك ورسمك وروحك، وخلقت لتكون إنساناً متفرداً بملكاتك وصفاتك ومواهبك التي أنت عليها.
كن أنت، مثالاً، لا مثيلاً، وقدوة لا مقتدياً، ومبدعاً لا مبتدعاً.
كن أنت، مبتدئاً من الصفر، متطلعاً للأمام وارسم لأهدافك طريقاً تسلكه بالعزيمة والجد والاجتهاد، ومتسلحاً بقدراتك وإمكانياتك مهما كان حجمها، فلا تحتقر نجاحاتك الصغيرة، فهي كبيرة لو حسبتها جميعها، وسوف تشكل في لحظة ما ذلك النجاح الأكبر الذي تتطلع إليه وتحلم به.
كن أنت، ولا تحاول القفز فوق المستحيل، ولا تتسرع الوصول إلى حلمك قبل أوانه، فقط لأن هناك من سبقوك وتتعجل اللحاق بهم، للوصل لهم، مما يؤدي بك للفشل.
كن أنت، ولا تحاول أن تثبت ما لا تستطيع، فقط لأنك ترى غيرك قد امتاز عليك بما لديه، فتظن أنك قادر على أن تكون مثله وأفضل بين عشية وضحاها، وهو الذي سبق بما هو عليه.
كن أنت، فيما تعرف وتجيد وتبدع، ولا تحاول أن تكون لك في كل مجالٍ بصمة، فلربما كانت بصمة فشل، ووصمة خذلان.
فقط اختر التوجه الذي تجيده من خلال ما أنت عليه، ما درسته، أو فهمته وخبرته، وتمكنت منه حسب إمكانياتك الذاتية، وفي مجالك الذي تتقنه فقط، فلا أحد منا يمكنه أن يملك ما يملكه الناس جميعاً، ومن هنا كان الاختلاف بينهم، في المشارب والطرق والأهداف، في المواهب والملكات، والعلوم والثقافات، لتكتمل بذلك التطلعات كلٌ حسب ما سخر له، وسخر نفسه من أجله.
كن أنت، مهما كان حظك من العلم والمال، والقدرات الذاتية، فهناك من بنوا أنفسهم من العدم، وهناك من فشلوا وهم يملكون ما يحسده عليه غيرهم لأنهم لم يستطيعوا استغلال ما لديهم فيما يعود عليهم بالنفع فأسرفوا وأسرفوا حتى أفلسوا واندسوا في الخيبات.
كن أنت، واثقاً من نفسك، ومن الذي خلقك وكونك، وتفضل عليك بما أنت عليه، قل أم كثر هذا الفضل، ولتكن راضياً قانعاً، وتخلق من هذا الرضا وهذه القناعة أنموذجاً للإنسان المكافح ، والذي يشعل من الفرص جذوة النور، ليبصر بعد حين أنه امتلك الحلم وأصبح واقعاً ملموساً أمامه، ثم يبتسم سعادة وغبطة لأنه قد أطبق على النجاح من جميع أطرافه.
كن أنت، ولا تكن غيرك، ولا تمش خلف أحد، حتى لا تفقد ذاتك، وتصبح رهيناً بلا حول ولا قوة، وتفقد حتى إنسانيك، وتصبح بلا هوية ولا قيمة بين الآخرين.. كل الآخرين.