عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال:
“كن على عمرك أشح منك على درهمك ودينارك”.
العمر هو أثمن ما يمتلكه الإنسان ففيه يستطيع أن يصلح دنياه وآخرته وحاضره ومستقبله إذا استثمره استثمارا صحيحا.
وتضييع العمر أو ما بقى من العمر يعني ببساطة تضييع الآخرة والأولى.
فلو أن ابنًا ورث من أبيه ثروة ضخمة من المال والعقار. ولكنه كان سفيها فأسرف وأنفق كل ثروته وبذرها يمنة ويسرة من دون حساب ومن دون رعاية لمصلحته ومصلحة أهله. ألا يتأسف عليه الناس والعقلاء ويتعجبون من تصرفاته لعلمهم بما ستؤول إليه أموره في المستقبل جزاء ما جنته يداه؟!
وقد صادفنا كثيرًا من أمثال هذه الحالات. وتأسفنا لها بحسرة.
إلا أننا لا نتأسف ولا نعير أي أهمية لإسرافنا في ثروة هي أهم من المال؛ ألا وهي العمر.
من أجل ذلك جاءت التوصيات والتوجبهات من الله (عز وجل) ومن النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله وأهل بيته عليهم السلام). موضحة قيمة العمر وضرورة استغلاله وصرفه لسعادة الإنسان في حياته وآخرته.
وقد أقسم الله (سبحانه وتعالى) بالعمر فقال: {لعمرك إنهم لفي سكرتهم يعمهون}.
فقول رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): “كن على عمرك أشح منك على درهمك ودينارك”.
يخبرنا النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله). أن البخل صفة مذمومة حينما يتعلق الأمر بالدراهم والدنانير. ولكنها ممدوحة حينما يتعلق الأمر بالعمر. فالنبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) يريد منا ألا ننفق العمر إلا فيما يوجب الفائدة في الدنيا والآخرة.
وعن النبي الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: “بادر بأربع قبل أربع؛ بشبابك قبل هرمك، وصحتك قبل سقمك، وغناك قبل فقرك، وحياتك قبل مماتك”.
فيجب علينا أن نسارع في استغلال العمر بالعلم والعمل الصالح لننال السعادة الأبدية.
وعن أمير المؤمنين (عليه السلام):
“ما من يوم يمر على ابن آدم إلا قال له ذلك اليوم:
أنا يوم جديد. وأنا عليك شهيد. فقل فيّ خيرا واعمل فيّ خيرا اشهد لك به يوم القيامة فإنك لن تراني بعد هذا اليوم”.
ولتوضيح أهمية العمر سوف أتكلم في خمس نقاط:
النقطة الأولى: إنه أثمن ما يملكه الإنسان.
إن أغلى شيء لدى الإنسان هو عمره. فهو أغلى من جميع متع الحياة. فكل شيء يخسره الإنسان يستطيع أن يعوضه إلا العمر إذا خسره لا يمكن تعويضه ولو بذل المرء في سبيل ذلك جميع ما يمتلكه في الدنيا.
عن الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام) قال: “احذر ضياع الأعمار فيما لا يبقى لكم. ففائتها لا يعود”.
ثانيا: أن العمر سريع الانقضاء
عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: “ما أسرع الساعات في اليوم. وأسرع الأيام في الشهر. وأسرع الشهور في السنة. وأسرع السنين في العمر”.
ثالثا: ابتعد عن التسويف باملك.
قال الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) وهو يوصي أبا ذر الغفاري (رضي الله عنه):
“يا أبا ذر إياك والتسويف بأملك فإنك بيومك ولست بعده. فإن يكن غد لك فكن في الغد كما كنت في اليوم. وإن لم يكن غد لك لم تندم على ما فرطت في اليوم. يا أبا ذر كن على عمرك أشح منك على درهمك ودينارك”.
يقول الإمام علي (عليه السلام):
“إن أخوف ما أخافه عليكم. اتباع الهوى وطول الأمل”.
رابعًا: التفات الإنسان إلى قيمة عمره
إن حرمة الوقت والعمر أعظم من حرمة الأموال. فلو أنّا أتلفنا مالا لبعض الناس؛ فباستطاعتنا أن نعوضه من أموالنا. ولكن لو أتلفنا وخسرنا جزءًا من عمرنا. فهل يمكننا أن نعوضه من عمرنا؟
قال أمير المؤمنين (عليه السلام):
“فسابقوا رحمكم الله إلى منازلكم التي أمرتم أن تعمروها”.
أمير المؤمنين يخبرنا أن دارك الحقيقية ليس بيتك الذي بنيته وسكنت فيه ووضعت فيه أجمل الأشياء وأغلاها. وإنما بيتك الحقيقي هو القبر الذي يجب أن تعمره بالأعمال الصالحة.
خامسًا: محاسبة النفس:
وهي من أعظم الأمور التي تعين المؤمن على اغتنام عمره في طاعة الله سبحانه وتعالى.
فحاسب نفسك واسألها ماذا عملت في يومها الذي انقضى؟
وأين أنفقت وقتك؟
وفي أي شيء أمضيت ساعات يومك؟
هل ازددت فيه حسنات أم ازددت فيه من السيئات؟