على المستوى الشخصي أنظر للمقولة من عدة زوايا ربما فاقد الشيء قد يعطيه وقد لا يعطيه حيث متى أراد الشخص العطاء فسوف لن يقف على الوفرة عنده من المخزون ومتى ما نقص المخزون يقف عن العطاء، العطاء ليس مربوط بالمخزون مما لديك، فربما فاقد الشيء يسرف في العطاء حيث هو أشد حاجة للشيء المفقود فيبحث عن أي طريقة يسد بها فقده، بينما بعض الأشخاص يستشعرون بالفقدان من الأشياء بنزعة الأنانية فلا يعطي الآخرين ما فقده وهنا ربما تتحقق صحة المقولة “فاقد الشيء لا يعطيه”، معنى آخر عندما تفقد حنان أبيك ربما تصبح أبا حنونا حتى لا يحس أبناؤك بما أحسست به وإن صدق حديثي هذا أستعرض لكم التجارب العملية في ميدان العطاء دون توفر المخزون إلى الشخص.
الأغلب يعرف شخصية “بيتهوفن” صاحب أشهر سمفونيات في العالم، حيث أصيب بالصمم في بداية مشواره الفني وأصبح “أطرش” فاعتزل الحياة الاجتماعية وأصابته خيبة أمل في الحياة وحزن شديد حيث لن يستطيع إكمال مشواره، فلم يوقفه الصمم عن مواصلة المشوار، فابتكر إلى نفسه طريقة يسمع بها مؤلفاته بالجلوس على الأرض ويحس باهتزاز الصوت الصادر من آلة “الكمان” ويعوض السمع بالحس حيث إن جميع النقاد صرحوا وأكدوا أن أجمل مؤلفاته وسيمفونياته هي تلك التي ألّفها بعد أن أصبح أطرش، وعندما يلقي لحنه أمام الجهور يسمع اللحن من تفاعل الجمهور معه.
يوجد البعض من الآباء ربما لم يكملوا مشوار تعليمهم المدرسي لكنهم زرعوا حب العلم والدراسة في أبنائهم، وبعض الأمهات يحلمن بامتلاك دمية صغيرة تسعدهن في طفولتهن ولكن لم يستطعن شراءها واليوم الأم تحاول إسعاد أبنائها بحياة كريمة والأمهات لا تتمنى أن تواجه ابنتها الظروف الصعبة، وكما قال الشاعر نزار قباني:
قد يمنحك أحدهم الأمل وداخله مدينة من الإحباط
قد يمنحك النُور وداخله مملوءٌ بالعتمة
من قال إن فاقد الشيء لا يُعطيه
بل فاقد الشيء يعطيه ببذخ
لأنه أدرى الناس بمرارة فقدانه
بعض الأحيان فاقد الشيء يكون أكثر استطاعة في العطاء؛ بسبب شعوره بحسرة الفقد ولا يريد من حوله أن يواجهوا الفقدان؛ إذا مقولة فاقد الشيء لا يعطيه وقد يعطيه.