أرجوك، لا تغتر بما لديك، ولا تتكبر بما أعطيت، ولا تداوم على معصيةٍ ستر الله فيها عيبتك، ولا تتناسَ حرامًا تُشبع به غريزتك، ولا هتك عرضٍ تتلذذ به شهوتك، لا تتمادَ على رحيم فَتُعرّي سوأتك.
مهما بلغ الشر منك قوةً، وعنفًا، وطغيانًا فهو لا يخرج عن قدرة الله وقوته !
أتعلم لمَ النفس للحرام شغوفة،وعن الحلال الطيب عزوفة؟ لأن هنالك من يُزين لك ما ترى، يُسمعك لحنَ طربٍ تتراقص على أوتاره الكلمات، يوقد في عينك بريقًا ساحرًا يفتنك، ويجعل الأشياء تبدو لك مختلفة، والمناظرُ العابرةُ ملفتة!
ما لي أراك أصبحت أسيرًا لهواك! تفتنك النظرة، وتذوب في عمق فكرك، وتنصاعُ طوعًا إلى حبائل عدوك، تتجاهل عمدًا محاسبةَ نفسك! إلى أن أصبحت للحرام مُدمنًا، بعد أن هجرت الندم الذي كان يردع نفسك، واغتالت الجرأة الصامتة ضميرك!
تقودُ سفينتك بمشاعرك، وتحركها الريح كيفما تشاء، دون عجلةٍ تدور، ولا أشرعةٌ للخير تدفعك!
ليس كل ما يلامسُ مشاعرنا قادرًا على أن يكون صادقًا وفيًّا دائمًا لأعتابنا، فلربما كان نزوة حب تُظللها غمامة، وليس كل ما ستراه أعيننا سيكون سحرًا رائعًا، يُزينه الهوى، فلربما يكون جمال غلافٍ قبيح المحتوى!
ثق بالجميع ثقةً تنفعهم لا تضرك ولا تخذلك، كن قريبًا منهم، سبّاقًا لقضاء حوائجهم، كن النور الذي يُضيء العتمة، والدلالة في دهاليز متاهة الضائع، والحكمة في إيقاظ بصيرة السائل!
كن عند حسن ظن الجميع بأفعالك لا بكلماتك، كن أجمل موقف، وأروع صورة، كن البئر لسرِ من أمنك، والأمان لمن ائتمنك، كن الصفح والرحمة لمن أساء الظن بك وخذلك!
لا تُعطِ أبدًا لأجل أن تأخذ، ولا تبطل زكاة عطائك بالمنّ على من أعطيت؛ فللقلوب كبرياء لا يجب أن تجرحها ولا أن تؤذيها!
حتى وإن لم يؤمن بك أحد، أو لم يفهمك أحد، أو لم يصل إلى غايتك أحد، لا تقف، فلم تخلق للسكون بل من النور لتسعى ..!
كن الرحال الذي اعتاد على فراق الجميع، واعلم أنك راحل وبأنهم راحلون!
لا تتكئ على الناس فيُهينوك، ولا تُعلق أمنيتك على سماء أحدٍ؛ فتسقط حينما تُمطر سماؤه، وليكن الله هدفك وغايتك في كل صغيرةٍ و كبيرة ..!
واعلم أنك كلما تركت شيئًا لله؛ أبدلك الله بخيرٍ منه.
كن بخير ..!