لقد أنفق الكثير من الوقت والمال، وبذل الجهد الكبير؛ ليحقق مسعاه، ويحصل على ما يريد من الشهادة العلمية، أو الوظيفة الراقية، أو المنصب الكبير، أو المال الكثير، أو الأملاك المتنوعة والوجاهة الاجتماعية.
من طبيعة الإنسان حب الطموح، وتحقيق الأمنيات الكثيرة في مسيرة حياته، وامتلاك الكثير من ممتلكات الحياة، والتميز في العلم والعمل، وتحقيق الانتصارات في معركة الحياة، وهو من أجمل ما يحمله الإنسان في دواخله النفسية، والدوافع الذاتية لتحقيق أفضل حياة كريمة له ولعياله ومجتمعه ووطنه.
ما أجمل الفوز، وأحلى الانتصارات، وتحقيق الأهداف! من بعد تخطيط وتنفيذ مصحوبة بالجهد والتعب، وأحيانًا مملوءة بآلام المسير! لتحقيق المأمول، فتكون المشاعر ممتزجة بين الفرح البهيج بدموع على الخدين، والحزن على المصير إذا توقف عن المسير.
سؤالي: ماذا بعد تحقيق الهدف والأمنيات؟
جواب سؤالي من خلال قصة هذا الشاب، وهو في عمر الزهور، ومقتبل الحياة، والذي سعى بكل جهده لتحقيق شهادة علمية، وحصل عليها من أرقى الجامعات، ولم يتوظف بها، اتجه نحو القنوات الاجتماعية؛ لتحقيق المال، والبحث عن رزقه، بدأ يعمل ليل نهار وكله نشاط وحيوية في البرامج الالكترونية للتسويق والنشر والبرمجة وغيرها، بعد فترة من الزمن حقق هدفه من تجميع مبلغ مالي كبير، من خلال عمله الدؤوب، وشعر بالانتصار والفوز الكبير على الذات والظروف، ولكنه احتار في نفسه، واسترخى بعد النشاط، والحركة، والاهتمام بالعمل عندما تحقق له ما أراد، وشعر بالكآبة والاسترخاء المرضي، ووصل إلى حالة السكون في الحياة.
أغلب الناس حياتهم الطبيعية في نطاق محدود، وهي الدراسة، والعمل، والوظيفة، والأسرة، وأحيانًا العمل الاجتماعي، وهي المقومات الأساسية والمهمة لسعادة الإنسان في بناء الأسرة والوطن وامتداد النوع البشري، وبعد الاستقرار، وتحقيق المأمول ينتاب الكثير منا الركود والاسترخاء وروتين الحياة، وقد تتشابه الأيام والليالي مع بعضها البعض مع تنوع الأحداث.
السعادة الحقيقية هي في الطريق نحو تحقيق الهدف والإنجاز، بمعنى الحصول على شهادة علمية، فسعادة المرء تكون في الطريق نحو تحقيق الشهادة، وليس الحصول عليها فقط، والسعادة لتحقيق المال هي السعي نحو تحقيق المال بطرق شرعية، وليس ما بعد حصولك للمال، السعادة الحقيقية لمرضاة الله هي الطريق والمسير نحو مرضاته في العبادة، والتوجه إلى رب العباد بالطاعات، والتزام أوامره، والابتعاد عن نواهيه، متى تمتلئ نفسك بطاقة الحركة لتحقيق هدفك وإنجازك عندما تكون جوعان، الشخص الجوعان من العلم يريد أن يحقق شهادة علمية يسعى بكل جهده؛ ليشبع ذاته، ويغذي عقله، والإنسان الجوعان من المال يسعى بكل جهده؛ ليحقق ما يريد، والإنسان الجوعان من الوجاهة الاجتماعية والمنصب العالي يسعى لتحقيق ما يصبو إليه، المسير والطريق، ومواجهة العواقب والصعوبات وتجاوزها،والحركة الدؤوب، والنشاط فهي السعادة الحقيقية للإنسان،
عندما تفقد الشيء، وتسعى لتحقيقه فهي اللذة النفسية الحقيقية والسعادة الخفية، فمثلًا عندما تتناول الطعام من بعد جوع تستلذ به، ويكون السرير أجمل ما في الحياة، عندما تحتاج إلى النوم العميق بعد التعب الشديد والحرمان منه، وعندما تكون عطشان وتريد أن ترتوي منه؛ فتعرف قيمة الماء وأهميته، وعندما تكون متأزمًا ماليًّا، أو مديونًا، أو محتاجًا لقضاء حوائجك تعرف قيمة المال، وتعرف قيمة الأقرباء عندما تحل بالإنسان المصائب، وتهمك الحياة الاجتماعية عندما تكون محرومًا منها، أو، غريبًا وبعيدًا عن مجتمعك ووطنك، وكل شيء نفقده نشعر بقيمته حتى في أبسط الأمور.
كل واحد منا مرت عليه تجارب كثيرة في مسيرة الحياة، وشعر بأهمية كبيرة لبعض الأمور التي فاتته، ولا يستطيع تعويضها إلا بصعوبة بالغة، وقد علمتنا الحياة أن المال والوجاهة والصحة لا تدوم للإنسان، وتبقى أخلاقه ومبادئه، فهي الرصيد الفعلي لدى الإنسان، فالكثير من النعم حصلنا عليها، وبعدها رحلت، وشعرنا بأهميتها بعد فوات الأوان.
لكي تحقق أمنية لا بد أن تكون جوعان لأجلها، ولا تكن هي كل حياتك!لتحصل على المال لا بد أن تكون جوعان في المال، مع تحكم العقل، وموازنة بقية الأمور في الحياة.
لتكون عالمًا لا بد أن تكون جوعان في العلم،وتعرف حقيقة الجهل، لتنجح في مشروعك فلا بد أن تكون جوعان؛ لتحقيق ما تصبو إليه بعد خسارتك،
لكي تكون متميزًا في حياتك فلا بد من الجوع فيه ، فإن الجوع النفسي مهم لكي تتحرك، وتنشط أمورك، وتحقق هدفك، وأما الشبع يجعلك مسترخيًا ساكنًا عن الحركة، واعلم أن السكون الطويل هو الموت البطيء للإنسان. فكن جوعان أثناء الطريق لتستمتع بحياتك. ودمتم بخير.
سؤال التحدي الأسبوعي: إذا كانت النسبة بين زوايا المثلث 1 : 2 : 3 ، فإن هذا المثلث:
أ) حاد الزوايا
ب) متطابق الضلعين ج) قائم الزاوية
د) متطابق الأضلاع
جواب سؤال التحدي للأسبوع الماضي: ترتيب سالم هو = 9 + 10 – 1 = 18