بدءاً، سأجيز لنفسي مخاطبتك بدون ذكر اسمك، لاعتقادي أنّ المحبة في الله والوطن وفي الأخوة الإنسانية، بعد التحية والود:
بالاحترام وليس بغيره أكتب نصي هذا إكراماً للقراء وبصدق أقول: إن الإنسان بدون احترام لن يكون أكثر من جثة تتنفس، قرأت للأديب الكبير مارك توين نصيحة ثمينة لأصحاب الأقلام الناشئة مثلي “افعل الشيء الصحيح فإن ذلك سوف يجعل البعض ممتناً بينما يندهش الباقون”.
ولأنني ما زلت ناشئة فينبغي أن آخذ بنصيحته، لا طمعاً بامتنان البعض إنما تحفظاً واحتراماً للجميع، ومع هذا أشعر كما لو أنني ارتكبت ذنباً وحماقة بحق ذاتي لأنني سأطرح أمراً لا يهم الجميع هنا والتمس العذر مسبقاً!!
وسط الفوضى والقلق والتجاوز التي تنبعث إشاراتها من هنا وهناك، وصلتني من إحدى الأخوات رسالة مقتضَبة تتضمن سؤالاً لا أنكر أنه شدني، هو نوعٌ مِن التجاوز أيضًا وبصيغةٍ لم أُدرِك حقيقته، دار بفكري احتمالات متباينة، ولم أعرفْ بمَ أُجيبُ، وتاهتْ معي الإجابات لعله سؤال عفوي حقاً!
أو أنه سؤال مستفز نوعاً ما، والسؤال يقول: ما سر جرأتك في الكتابة، وسر علاقاتك الواسعة القوية مع الجميع! أنا هنا أحترم رأي صاحبة الرسالة وذائقتها، ولست بصدد إقناع أو تبرير، إذ لا سلطان لي على القراء واختياراتهم، رغم أنني ارتأيت أن أرد عليها رداً هنا عاماً بمنتهى الصدق والأدب، أنا أجيبها بإصرار على الاثنين معاً، فالمسألةُ ليس هناك سر أو علاقات، أنا بنت القطيف.
أنا امرأة حلمي العيش بسلام وحب على أرضي وفي مجتمعي، أكتب لذاتي ولمن يُفقدني صوابي ويُدهشني وبما يوجع قلبي، دائماً أقف هذه الوقفات مع نفسي، وجوهر هذه الوقفة هو سؤالي المستمر: ما الذي قدمته لمجتمعي؟ وما الذي قدمته لإنسانيتي كي لا أكون مجرد عبء على أرضي.
أقف هذه الوقفة لأتأكد من أنني أكتب بصدق وبحرية وغيرة على أرضي، وأحرص على ألا أكون أسيرة أو رهينة أحد، ولا أريد من مجتمعي إلا أن أعطيه الصورة الأفضل دائماً، وأن أصبح أفضل في قلوب الناس، وأثبت أنني استطيع أن أعطي دون أرقام.
عليَّ أن أكتب النصّ وأعانق الواقع بحذر وتحفظ، وعليَّ أن أعيش أوجاع واهتمامات وحاجة المجتمع، إلى جانب التقاط بعض المواقف من هنا وهناك وأضعه على طاولة الحق، وكل هذا يحتاج منّي أن أبقى صادقة شفافة حتى يكتمل نصي، دون خدش واستخفاف بعقلية القراء والحفاظ على بياض قلمي ونزاهته، وما أحوجنا إلى لحظات نقية.
وحسب ما استشفيت من تعليقات بعض القراء أنهم يجدون في بعض الكتابات متعتهم، فالكتابة لا تعرف الحدود وتنتصر فكرة النص حتى عليَّ أنا، وقد تجمع الكتابة كلّ شيء، الود والكره والوجع والترف، رغم ما إلى الكتابة من ميزة خاصة.
ولكن للأسف البعض يصفعنا ويربكنا لمحاولة جعل الكاتب بالتراجع من حيث الجرأة الأدبية ونوعية النصوص، أمّا استفزاز الكاتب وانتقاده لا أراه أسلوباً حضارياً عادلاً! أظن أنّ هناك هوّة واسعة ما بين فكرة النص وبين مدى استيعابها عند البعض من القراء، يا ترى هل أنتِ معي في هذا الظن؟
وأخيراً كانَ همّي وهدفي من نصي هذا أنْ أُنصِف صاحبة الرسالة وأُنصِفَ نفسي، وأنا على عتبةِ الشيخوخة جدّةٌ ولي أحفادٌ وتجارب ومواقف وحكاياتٌ مِن جيلٍ إلى جيل، فقط كي أكونَ أفضل مِن خلالِ عيونِ أبناء مجتمعي أقول: لا بدّ لي مِن مواجهةِ التحدّيات، فتلك سنواتي الحافلة بكامل تفاصيلِها تجربةٌ ثرية.
كل نص اكتبه كان يستفز الإنسانة التي تختبئ داخلي، حيث يشاكسني القدر بما أراه من واقع، وعندما أناقش بعض الأمور الاجتماعية التي تعكس الهَمّ الإنساني في نصوصِي والتي تلامسُ واقعَ المجتمع، ومع هذا وذاك أجمل شيء أنني أشعر بالانتماء إلى القراء.