مشكلات الغذاء أصبحت خطيرة لتسببها في العديد من الأمراض، ابتداءً من الكيماويات والهرمونات والتلاعب الجيني، إلى طرق الإعداد والتجهيز، ثم التناول بإفراط، كل ذلك سببت أمراضاً عديدة أمسكت بخناق الناس.
ما يقلقنا اليوم أحاديث تدور بين الباحثين والمتخصصين بالصحة والغذاء بصورة عامة حول التعامل السيئ مع الأغذية تطبيقاً وتخزيناً وتداولاً في ظل عدم معرفتنا بقواعد الحفظ والتخزين التي تضبط وتحمي أغذيتنا من الفساد.
خطوات آمنة للتعامل مع الطعام والماء وهي:
1 – أغذية بطيئة الفساد والتي من أمثلتها الحبوب والبقوليات الجافة والملح والسكر، هذه المجموعة من الأغذية تكون رطوبتها قليلة، وتقاوم إلى حد كبير تأثير عوامل الفساد المختلفة، لذلك فقد تتراوح صلاحيتها الغذائية بين سنة وسنين عديدة إذا توافرت وسائل الحفظ والتخزين السليمة.
2 – أغذية سريعة الفساد: أغذية تحتوي كلياً أو جزئياً على اللحوم، والدواجن، والأسماك، القشريات والبيض والحليب أو منتجاته.. هذه المجموعة تحتوي على رطوبة عالية، تساعد على النمو المتزايد للأحياء الدقيقة التي تسبب فساد الغذاء أو تسممه، وتحتاج هذه الأغذية إلى تدابير وقائية أكثر لحمايتها من الفساد.
3 – مياه الشرب المعبأة: نرى تزايد الطلب على مياه الشرب المعبأة بقوارير لعدم اطمئنان الناس إلى شبكات المياه العامة، وزيادة الوعي حول أهمية نظافة المياه ومواصفاتها وخلوها من الملوثات، والتي تحظى وهي في القوارير بثقة المستهلك أكثر من غيرها.
إن لكل منتج غذائي فترة زمنية يبقى خلالها صالحاً للاستهلاك الآدمي ويصبح بعدها غير مقبول للمستهلك لما يعتريه من تغير في خصائصه الحسية أو الكيميائية أو قيمته الغذائية أو خصائصه الوظيفية، أو تجعله غير صالح للاستهلاك الآدمي، وتتوقف قابلية الغذاء للتغير على عدة عوامل متداخلة منها:
• طبيعة المنتج ومحتواه من الرطوبة ومكوناته الأخرى كالبروتينات والدهون والفيتامينات.
• طريقة التعبئة ونوعية العبوات.
• ظروف التخزين والنقل والتداول.
على ضوء تلك العوامل نستطيع أن نحدد الأسس التي تضمن جودة وصلاحية المنتج الغذائي:
– تحمي صحة المستهلك.
– تحمي البيئة من الملوثات.
– تحمي الأسواق المحلية من السلع الرديئة.
إن الظروف التي تحكمنا وتحدد اختيارنا للغذاء تكمن في تطبيق الضوابط والتعليمات المتعلقة بالحفظ والتخزين والتداول، وهي المعيار لضمان سلامة الغذاء.
الواقع أن ما نشاهده اليوم من أخطاء مستمرة، وتجاوزات ضارة، لا نستطيع أن نغمض أعيننا عنها.
شاهدنا الكثير من أصحاب محلات ودكاكين بيع الأغذية تستخدم مخازن في الممرات الجانبية الملحقة بالمباني لتخزين المواد الغذائية والمياه، هذه المخازن تفتقر لضوابط واشتراطات تخزين وحفظ الأغذية والمياه.
أصبحت المياه المعبأة في قوارير هي المفضلة للشرب، ولكن إلى أي مدى يمكن الاطمئنان إلى هذه المياه؟ هل تخزينها أو نقلها خطوة آمنة؟
يؤكد الباحثون ضرورة الاهتمام بسلامة مياه الشرب المعبأة ابتداءً من المنشأ ومروراً بالتعبئة والتخزين حتى وصولها إلى المستهلك.
القوارير أو العبوات البلاستيكية المصنعة من البوليمرات أو عديد الكربونات المستخدمة في تعبئة مياه الشرب تمثل مخاطر على الصحة العامة في ضوء وسائل وأساليب التخزين ومدته.
عند تعرض المياه المعبأ في قوارير بلاستيكية لأشعة الشمس والحرارة الخارجية، والمخازن غير المكيفة ينتج عنها العديد من المركبات المتطايرة وشبه المتطايرة نتيجة هجرة أو انتقال تلك المركبات الداخلة في تصنيع القوارير للماء مسببة مخاطر صحية للإنسان أخطرها الإصابة بالسرطان.
الخطر المحدق هو ما نشاهده خارج محلات بيع الأغذية، تخصيص قفص حديدي من قبل مصانع وشركات توزيع قوارير مياه البرادات ذات الأحجام الكبيرة (5 جالون) ووضعها في العراء خارج المحل تحت تأثير أشعة الشمس المباشرة، ورداءة عبوات التعبئة التي تحمل أرقام 1 و7، هو جنون أصيبت به تلك الشركات وأصحاب المحلات، هذه التجاوزات شكلت إساءات لا تليق بشرف المعنيين بالصحة العامة، لكن المؤلم أن الأمور تجري دون خوف أو مبالاة!
ما نتيجة ذلك؟! بالتأكيد مياه غير صالحة للاستهلاك الآدمي لاحتوائها على ملوثات مسرطنة بسبب هجرة المادة البلاستيكية بتأثير الحرارة إلى مياه الشرب، إنها أمور تسيء إلى صحتنا.
فتعريض قوارير مياه الشرب للحرارة العالية أو البرودة المنخفضة يؤدي إلى كسر الروابط الكيميائية وإنتاج مواد ملوثة وسامة كمادة الديوكسين “Dioxin” المسرطنة، ومركبات ثانوية خطيرة عالية السمية.
• هناك تعميم صادر من الهيئة العامة للغذاء والدواء بشأن حظر استخدام مادة البولي كربونات المعاد تدويرها في صناعة عبوات المياه والتي تحمل رقم 7 لكونها تحتوي على مادة BPA ( bisphenol A) التي يمكن أن تنتقل إلى الماء عند إعادة استخدام العبوات لمدة طويلة وعند تعرضها للشمس والحرارة العالية، مما قد يكون لها تأثيرات سلبية على الصحة.
وحفاظاً على صحة وسلامة المستهلك، الهيئة تحذر من “عدم استخدام العبوات المصنعة من البولي كربونات المعاد تدويرها في تعبئة المياه”.
هذه آراء وتوصيات جهات الاختصاص بالهيئة العامة للغذاء والدواء.
وهذا مما يحز في النفس ويؤلمها جدّ الإيلام أن نرى تلك التجاوزات تحت نظر المراقبين وجهات الاختصاص.
بتنا نحس بفداحة ما تعانيه لجان الرقابة والتفتيش على محلات ودكاكين المواد الغذائية، والمتابعة المستمرة في تطبيق معايير الحفظ والتخزين، فاللوائح الفنية توصي بضرورة تخزين الماء المعبأ في أماكن باردة بعيداً عن أشعة الشمس، وعلى لزوم اتباع الوسائل نفسها والاحتياطات المتبعة لبقية أنواع الأغذية على الماء المعبأ للحفاظ على سلامته.
وتنبيه تلك اللجان بضرورة الكشف على قوارير المياه الكبيرة ذات حجم 5 جالون والتأكد من نوعيتها في المنشأة، والتوجيه باستخدام أنواع أخرى من العبوات مقاومة للظروف السائدة، والتدوير، وتخزين المياه، لكي تستحق فعلاً اطمئناننا إليها، لا شك أن تأمين سلامة مياه الشرب المعبأة مثل طريقة التخزين تقع على عاتق المصنع والموزع والمستهلك، وبمراعاة شروط التخزين من قبل تلك الأطراف يمكن القول إننا رأينا فعلاً الماء الذي نشرب.
منصور الصلبوخ – اختصاصي تغذية وملوثات.