بعيدًا عن القصبة والمحبرة، كانت خطوطه تتهادى لترسم أجمل الكلمات، بخط يبهر معلميه في المدرسة المتوسطة، كما هو الآن يلفت المارة في طرق وشوارع محافظة القطيف بلافتات إعلانية، يكتبها دون امتثال لقواعد الخط المتعارف عليها، لكنها تتهادى وفق موهبة تضبط منحنيات واستقامة كل حرف، ففنان الخط “رجائي” صاحب الشهرة الواسعة في المنطقة بكاملها، يعترف لـ«القطيف اليوم» أنه لم يدرس يومًا قواعد الخط، ولم يلتزم خلال مشواره بشكل محدد، إنما موهبته هي التي توجهه، وإحساسه بالحرف وشكله هو الذي يرسم ملامحه.
ابن تاروت، الخطاط محسن دعبل أو “رجائي” ترك بصمة لدى الناس، ولا يزال توقيعه محفورًا في ذاكرتهم، فعلى مدى عقود كلما قرأ شخص لافتة إعلانية على متجر في الطريق يجد توقيعه عليها؛ فصار اسمه مثل العلامة المتداولة على اللافتات وصار اسمه معروفًا ومشهورًا بين أغلب الناس.
رجائي، تحدث لـ «القطيف اليوم» عن جانب من تجربته الخصبة في عالم كتابة اللافتات واللوحات التي تعلق أعلى المتاجر، أو لوحات دعوات المناسبات التي تصادف المارة في الطرق، والوسائل المدرسية التعليمية التي زيّنت جدران المدارس على مدى عقود، إلى جانب تصميم شواهد القبور.
مدرسة الساحل
وأوضح أن أول من شهد بدايته الخطية هي مدرسة الساحل بتاروت عام 1403هـ، خلال سنوات دراسته، عبر التنافس على أجمل فصل، حيث كان يعتمد عليه معلمه “إمام” في خط اللوحات التعليمية خلال التنافس بين الطلاب؛ حيث كان هو يقوم بالخط وشوقي الرمضان يقوم بالرسم، بل تخطى ذلك إلى ساحة المدرسة وكتابة الصحف المدرسية الجدارية في ذلك الوقت.
الرقعة
وذكر أنه اتجه في كتابته الخطية في لوحاته الإعلانية إلى خط الرقعة، دون مراعاة القاعدة الخطية الرصينة؛ كونه خطًّا تجاريًّا، وجعل الحكم على جودته المشاهد العادي بأنه خط حسن، ملفتًا إلى أن إدخال خط الثلث في شواهد القبور راجع لعدم اتباعه قاعدة لغياب الموجّه، كما أن جيله وأقرانه لم يستوعبوا دراسة القاعدة الخطية، حيث غلب عليهم توجههم للرسم.
وكشف عن امتلاكه مكتبة تحتوي على 200 عنوان من الكتب والمجلات الخطية، التي جمعها خلال زياراته وأسفاره خارج المنطقة الشرقية والبلاد، منوهًا إلى أنه لم يحفظها في أرفف بل إنه كنزها في كراتين.
معلم خط
واعتبر أن موقفه في تدريس الخط ينحصر في تدريس ابنته “الخط الجيد الحسن”، واصفًا نفسه بأنه غير قادر على تدريس الخط ؛ كونه لم يدرس ميزان الخط ولم يحصل على الموجه في الماضي، بالإضافة إلى أن فتيلة الحماس انطفأت مع وجود التقنية التي يعتمد عليها في تصميم الشكل واختيار الخط مع تعدد الاختيارات، ومن ثم مراجعتها مع المصمم وبعدها تصميم الهيكل والإضاءات.
مهام تقنية
وأشار إلى تعدد الخامات التي يستخدمها من القماش التي يزيّنها الخط اليدوي، والألوان الزاهية، إلا أنها عند تنفيذ شواهد القبور كانت بين الخط والنقش، منوهًا بأنه أوكل جميع هذه المهام إلى “التقنية” التي اختصرت عليه الوقت والجهد مع الضبط والجودة.
أصدقاء ولكن
وأعرب عن سعادته عند لقائه الخطاطين في محافظة القطيف، مع أنه لم يصاحب القصبة والورق المقهر لكتابة المخطوطات، حيث يجد الحديث معهم رافدًا من روافد المعرفة، عبر تجاذب الحديث عن الخط وتوحد التوجه فيما بينهم بكتابة وتصميم اللوحات الإعلانية، ومنهم؛ “نافع تحيفا” ذو العلم والاطلاع الواسع، و”حسن الزاهر” الذي يجمع بين فن الزخرفة والخط، و”سعيد الشيخ”في ممارسته الخط الآمدي، بالإضافة إلى “عبدالله الغانم” و”يحيى البشراوي” و”زكي العلي”، و”علي السواري” الذي وصفه بأنه ذو الإرادة القوية.
من أعمال الخطاط رجائي