بعد أن ضاقت الأمهات ذرعًا.. آل مهنا: المرح والخرائط الذهنية عصا سحرية للمذاكرة

غضب، صراخ، وتملل.. حالات تنتاب بعض الأمهات وقت الاستذكار لصغارهن، حتى يتحول الوقت المحدد للاستفادة وقتًا يستدعي الهروب أو الاختفاء عند أولئك الصغار، وأصبحت ساعات المذاكرة بمثابة الكابوس، أو الشر الذي لابد منه.

وبعد أن ضاقت العديد من الأمهات ذرعًا من المذاكرة لصغارها، أصبحن يؤدين ذلك كواجب روتيني، سينتهي على أي حال، وربما انتهى وذلك الطفل ما استفاد منه غير الشرود والدعاء أن تسرع ساعاته ليتخلص من “التجنيد الاستذكاري المرعب”.

بعد ذلك كله، لابد أن أكثرنا يتساءل هل هناك أسلوب يمكن اتباعه يحول المذاكرة إلى وقت مرح؟. ذلك ما يجيب عليه اختصاصي الموهبة والإبداع التربوي حسين آل مهنا.

في البداية أوضح آل مهنا لـ«القطيف اليوم» أن هناك فارقًا بين المذاكرة والاستذكار، فعرّف الاستذكار بأنه طريقة تعليمية تؤدي إلى تثبيت المعلومات وتسهيل تذكرها، سواء عند الطفل أو البالغ، ويهدف فن الاستذكار إلى تحويل المعلومة إلى صيغة يمكن للعقل استذكارها واسترجاعها وقت الحاجة، بمعنى أنه مرحلة تعلم وتعريف شيء مسموع أو مقروء إلى اختزان معلومات في العقل البشري، متى تم استدعاؤها تحضر.

وبيّن أن المذاكرة عملية ذهنية يقوم بها المتعلم، ويكتسب بها الطفل معلومات يحقق عن طريقها النجاح، وتعرف أيضًا بأنها نوع من التعلم المقصود، واسترجاع المعلومة بكفاءة عالية وقت الحاجة.

إرشاد أولي
وأكد أن الطفل في المراحل الأولى يحتاج إلى التوجيه والإرشاد؛ لذلك يحتاج إلى من يساعده في عملية المذاكرة، وقال: «الطفل في المراحل الأولى يحتاج لمن يعلمه ويرشده، لأنه في عمر الطفولة يحتاج إلى الإرشاد والتوجيه، وهو يتعرض إلى كَم هائل من المعلومات الجديدة بالنسبة إليه، ومن هنا فهو يحتاج إلى مساعد أثناء المذاكرة، ولأن بعض الأطفال يعانون من التشتت السريع، وكذلك غالبية الأطفال ينشغلون باللعب والإلكترونيات، فهم يحتاجون إلى من يرافقهم ويوجههم أثناء المذاكرة».

عوامل مساعدة
وبيّن آل مهنا أن هناك عوامل مساعدة تسهل على الطفل عملية المذاكرة، منها كما يقول التربويون: المكان الهادئ للمذاكرة، وقبل ذلك أن نعوّد الطفل ونحمسه، ونشجعه على التفوق، وبث روح المنافسة فيه، والثقة بالنفس، وأيضًا من هذه العوامل المهمة إدخال روح المرح خلال وقت المذاكرة، حتى لا يشعر الطفل أن المذاكرة عبء عليه، مضيفًا أن البدء من الأسهل إلى الأصعب، وفقًا لقدرات الطفل الفردية يسهل عملية المذاكرة، حيث إنه كلما حقق نجاحًا أخذه الحماس لتحقيق المزيد، فيكون مستعدًا لاستيعاب معلومات أخرى.

طرق متعددة
وأكد أنه لا توجد للمذاكرة طريقة واحدة، إنما علينا اكتشاف الطريقة المثلى لكل طفل، مستعرضًا بعض الطرق التي تسهل عملية المذاكرة، كتخصيص وقت لها، وقال:” الطفل كما تعود أن هناك وقتًا للنوم، ووقتًا للعب، فيجب أن يتعود أن هناك وقتًا للمذاكرة”.

وأضاف:” أيضًا إذا كانت لديه موضوعات كثيرة يتم تقسيمها إلى أجزاء، مما يساعد الطفل على الاستيعاب، وكذلك استخدام الأشكال الضاحكة والشخصيات الكارتونية في المراجعة، بحيث يجد نفسه يذاكر ويمرح في الوقت نفسه”.

ولفت إلى أن هناك طريقة مهمة تساعد على المذاكرة، وهي طريقة الخرائط الذهنية، والتي لها شروحات مفصلة على شبكة الإنترنت.

وأكد آل مهنا أن أسلوب التعزيز يعد جانبًا إيجابيًا، فالطفل كلما استوعب معلومة، أو أنجز مهمة لابد من تعزيزه ومكافأته ماديًا أو معنويًا، فهذا سيزيد من ثقته بنفسه، ويرفع من قدراته في عملية الفهم.

وتابع: “المذاكرة قد تكون بأسلوب واحد، لكن إذا لم نجد استجابة علينا تغيير الأسلوب، حتى نصل إلى الأسلوب المثالي للطفل، وهناك أساليب متعددة منها، أسلوب التكرار بأن نعيد المعلومة على الطفل ونكررها حتى يفهمها، وهنا نحتاج إلى فهم طبيعة طفلنا، وأيضًا هناك أسلوب التسميع الذاتي، بأن يحفظ ويسمع لنفسه، وهنا أعلمه أن يعتمد على نفسه، وهناك أيضًا أسلوب ربط المعلومات، فكلما ربطنا المعلومة بشيء يراه أو يعايشه ثبتت المعلومة، وكذلك أسلوب إعادة المعلومات، سواء كتابيًا أو غيرها، وإن كان يعاب على هذا الأسلوب بأنه طويل بعض الشيء لأنه يستهلك وقتًا وجهدًا في الكتابة”.

وذكر من بين تلك الأساليب أسلوب السؤال والجواب، لتركيز المعلومة، والحوار والمناقشة، والبحث الذاتي عن المعلومة، بأن نترك للطفل المجال للبحث عن المعلومة.

وأشار إلى أن هذه الأساليب المتنوعة تساعد في معرفة نمط الطفل هل هو سمعي، أم بصري، أم حسي، ومن ثم تساعد في عملية الاستذكار والمذاكرة.

عادات سيئة
ونوه إلى أن هناك عادات يمارسها البعض بحسن نية ولكنها من العادات السيئة في التعامل مع الأطفال أثناء المذاكرة، فلابد من الانتباه لها، ومنها ترديد بعض العبارات مثل: “إن المذاكرة عبء”، حتى ولو بكلمة “أف”، أو أن نردد أن “المادة صعبة”، فنكرس مفهوم الصعب لدى الطفل، مستدركًا:” لو استبدلنا أسلوبنا فلن تكون صعبة”.

وأفاض: كذلك تلك الكلمات الشائعة على لسان بعض الأمهات والآباء مثل: «أنت لن تفهم، أنت ما تفهم….» فهذه العبارات تحبط الطفل، مشيرًا إلى أنه في تلك الحالة تم ربط مفهوم المذاكرة بالنجاح فقط، ولم يربط بأنه يجعل الطفل يستوعب المعلومة، وتزداد معارفه فهذه المفاهيم ستحبب إليه تلقي المعلومات.

توصية
وأوصى باتباع جملة: «لا للصراخ»، وقال: «أوصي بتجنب المتاعب وضغوط العمل، وعدم تفريغها وقت المذاكرة على الأبناء، والبعد عن العصبية والغضب، لأن الطفل سينفر، ويربط هذا المثير «العصبية» بالمذاكرة، فعلينا أن نضبط أعصابنا، فضبط النفس، وعدم العصبية مطلب مهم جدًا وأساسي أثناء المذاكرة، حتى لا تؤدي إلى مشاكل سلوكية أخرى، فالوقاية خير من العلاج».

ونصح بمنح الطفل وقتًا للراحة بين كل مادة وأخرى، فالطفل يحتاج نفسيًا وذهنيًا إلى وقت مستقطع، مثل أي جهد يقوم به، وجعل المذاكرة وقتًا مبهجًا،

وعن تعلق الطفل بالإلكترونيات تساءل: “لماذا لا نستفيد من هذا السلوك المزعج في المذاكرة؟!، فهناك برامج كثيرة يمكن الاستعانة بها في المذاكرة، وبذلك نكون قد حولنا السلوك المزعج إلى سلوك ذي فائدة”.

تنويه تربوي
وشدد على أهمية تذكر أن لكل طفل طريقة مختلفة في المذاكرة، وليس هناك طريقة واحدة للجميع، وأيضًا يجب عدم اتباع أسلوب المقارنة، سواء بين الطفل وأخوته، أو بين أقرانه، فلا ننسى أن هناك فروقًا فردية.

ومن الطرق التي ساقها آل مهنا، ويمكن أن تسهل على الآباء عملية المذاكرة وتحببها للطفل: «تبادل الأدوار»؛ بمعنى أن تكون أنت المتعلم، وهو يكون المعلم، والتي سيراها الطفل على أنها لعبة، وكذلك التعليم بالبطاقات، وترتيب البطاقات التي تعتبر من الوسائل الناجحة في التغذية الراجعة للمعلومات والمناسبة مع أطفالنا.


error: المحتوي محمي