من بين أربعة عروض.. مسرحيو القطيف يتناولون ثلاثة أرباع كعكة الـ”ديودراما” بالدمام

أظهر أبناء القطيف عشقهم للمسرح، بعد أن تناولوا ثلاثة أرباع كعكته الأخيرة في ثقافية الدمام، فمن بين أربعة عروض قدمت في الملتقى الأول لمسرح الديودراما الذي أقيم مؤخرًا بجمعية الثقافة والفنون بالدمام، اختطف مسرحيو القطيف ثلاث منها، ما بين تأليف وإخراج، وإدارة.

وجاء مشاركتهم بعرض “منتصف الليل وحيدًا” للمؤلف ياسر الحسن الذي قدم في اليوم الأول للملتقى، تلاه في اليوم الثاني عرض “الموقوف رقم 80” للمؤلف عباس الحايك، وأخيرًا عرض “المسخ” للمخرج ماجد السيهاتي.

وفي جولة لـ«القطيف اليوم» بين تلك العروض، التقت مع المؤلف ومدير الملتقى عباس الحايك، الذي أوضح أنه حين تم إطلاق الملتقى كان بهدف تحفيز المسرحيين على الاشتغال المسرحي، وقال: “فكرنا في ملتقى يجمع تجارب مسرحية شبابية، يستهدف اكتشاف طاقات مسرحية جديدة، وليكون منصة لانطلاق تجاربهم”.

وفسر “الحايك” اقتصار تجربة الملتقى على أربع فرق مسرحية، بقوله: “أعلنا قبل أشهر عن الملتقى، وتم تأجيله لإتاحة الفرصة للفرق المسرحية للمشاركة، وكنت أتطلع لمشاركة عدد أكبر من الفرق المسرحية، ولكن لم يتقدم للمشاركة سوى الأربع فرق، وأظن أننا حفزنا الفرق الأخرى للاشتغال والمشاركة في فعاليات قادمة”.

ميزانيات
ونفى أن يكون الملتقى استنساخًا لتجربة مسرح البحرين أو الشارقة أو غيرها من المسارح، مؤكدًا أنه شكل مسرحي له مهرجانات وملتقيات في أكثر من بلد، فالديودراما هو نوع مسرحي لا يكلف الفرق الكثير من الميزانيات، ويمكنهم من تقديم عروضهم بإمكانات محدودة.

لكن هذه التكلفة المنخفضة لم تكن مبررًا مستساغًا لدى البعض، الذي وجد أن العروض متشابهة في الديكورات والإضاءة والتأثيرات الصوتية، وهو ما فسره “الحايك” بحالة التقشف التي تعاني منها الجمعيات التي أثرت على المسرح والإنتاج المسرحي بالمملكة، وأضاف: “لكننا قدمنا ملتقى بإمكانات محدودة دون دعم من أي جهة، وبطبيعة الحال سيكون هناك ضعف إنتاج بسبب عدم وجود ميزانية تكفي لدعم الفرق، ولكن لم يكن هناك استعجال، إضافة إلى أننا لم نكن نسعى لأن يكون للملتقى شكل مهرجاني متكلف، لكننا حققنا غايتنا في أن يكون بسيطًا دون تكلف”.

المؤلف المدير
وأوضح أنه لم يكن هناك أي تقاطع بين دوره كمدير للملتقى، وكونه مؤلفًا لأحد العروض المشاركة، مشيرًا إلى أن الأمر مر دون تعارض بين الأمرين، خاصة أن الملتقى ليس قائمًا على مبدأ التنافس ولم يكن هناك جوائز ولا تحكيم للعروض، لذا لم يكن هناك تعارض بين الأمرين.

إيجابيات وسلبيات
وفي رصد سريع لأهم الإيجابيات وأبرز السلبيات من وجهة نظره كمدير للملتقى، قال: “أهم ما ميزه هو مشاركة شباب بدأوا للتو تجاربهم المسرحية، يجربون بجرأة، ويبدعون ويقدمون أنفسهم وإبداعاتهم، وأثبتوا قدراتهم، هذا أجمل ما كان في الملتقى، إضافة إلى أنه كان فسحة مسرحية منتظرة، أما أبرز السلبيات فتمثلت في قلة حضور المسرحيين أصحاب الأسماء المعروفة على أقل تقدير لدعم تجارب الشباب”.

تقشف
وحول المطلوب من جمعية الثقافة والفنون كجهة راعية، أن تقدمه للمسرح بشكل عام وللديودراما بشكل خاص، أكد أن الجمعية تعاني منذ سنوات من حالة التقشف، فهي لا تحصل على ميزانيات أو دعم، ومع هذا فإنها أشبه بخلية نحل لا تهدأ، حيث لا تكف النشاطات والفعاليات هناك، وقال:” نحن لا نطالب الجمعية بشيء، فيكفي أنها فتحت أبوابها للجميع، وحفزتهم على تنفيذ الفعاليات، وساهمت ودعمت”.

تطوير بالنقد
وبلا شك أن كل عمل أو منتج يطرح للعامة يكون موضعًا للنقد، سواء كان هذا النقد إيجابيًا أم سلبيًا، وبكل أريحية تلقى “الحايك” النقد الذي وجه له حول الملتقى، وقال: “النقد أيًا كان شكله، هو دافع للتطوير، يؤخذ منه ما يناسب ويترك ما لا يناسب، ولكن الخوف من النقد السلبي على الشباب المسرحيين الجدد، الذين قد لا تتسع صدورهم للنقد”.

استراحة
وتنفس “الحايك” الصعداء بمجرد انتهاء فعاليات الملتقى، موكدًا أنه ربما تكون هناك استراحة لبعض الوقت، ولكن قائمة الأفكار عديدة والموجهة بالتحديد للشباب المسرحيين، فهم الجيل الأهم الذين يكملون مسيرة المسرح.

الموقوف 80
وحول العرض الذي شارك به “الحايك” مؤلفًا “الموقوف رقم 80″، فأوضح أن المسرحية كتبت منذ أكثر من 8 سنوات، وقدمت في أكثر من دولة عربية منها عمان والجزائر وغيرهما، وهي المرة الأولى التي تقدم فيها داخل السعودية.

ودارت أحداث المسرحية حول مدى إمكانية أن يعيش شخص بريء بين القضبان، ويظل مُصرًا على براءته، بل يدافع عنها، رغم ما يواجهه.

وبين الحايك أن حكاية المسرحية هي جزء من حكايات متكررة بين السجين في سجنه الطويل، والمحقق، وتكشف عن علاقات إنسانية ملتبسة، وكيف يمكن للسجين أن يعتاد السجن والسجان والزنزانة، لأنه واثق من براءته.

بعيدًا عن السرد
وأشار إلى أن صعوبات كتابة مثل هذا النوع من التأليف المسرحي (الديودراما)، هي في خلق الحدث، والدراما، حتى لا يسقط الكاتب في السرد فقط، بحيث يتحول النص لمجرد حوار لا أكثر بين شخصيتين، فلابد أن يكون ثمة فعل في المسرحية، حدث، وبناء درامي.

المؤلف وحيدًا
أما الفنان ياسر الحسن، فشارك كمؤلف لعرض “منتصف الليل وحيدًا”، ويقول عنه: “هو جزء من سلسلة بدأت في كتابتها بأجزائها المختلفة، وتتكون حاليًا من منتصف الليلة، ومسرحية أماني، وأخيرًا مسرحية عبيدو، وهي تتناول بقعة جغرافية افتراضية في مخيلة المؤلف، وتتحدث عن الإنسان وتأثير الحرب عليه، وما قبل الحرب، وما بعد الحرب، هل تختلف القناعات والمبادئ أم يظل ثابتًا على ما هو عليه”.

وأوضح “الحسن” أن النص تم تقديمه أكثر من مرة، في جامعة الملك خالد بأبها، إخراج الفنان عتيث، وجمعية الثقافة والفنون بأبها أيضًا، إخراج الدكتور محمد المبارك.

الاندماج النفسي
وعن تخطيه كمؤلف الاندماج النفسي للممثلين مع الشخصيات، أوضح أنه يتعامل مع الشخصيات بحيادية تامة، وقال: “لا أميل، ولا أفضل، شخصية على الأخرى، بل أعيش قناعة كل شخصية ومبرراتها، وليس لديَّ البطل المطلق، فهو يحمل في كينونته التناقضات البشرية من الضعف والقوة، المبادئ والشهوة”.

ورغم أن العرض هو من نوعية الديودراما، إلا أنه كان أقرب للمونودراما، وهو ما فسره “الحسن” بأننا لو نظرنا للعرض من حيث الشخصيات، فهي فعلًا أقرب لشخصيات المونودراما، فكل شخصية قصة بحد ذاتها، منفردة عن الأخرى، وإن كان هناك حوار بين الشخصيتين فهو فقط لاستخلاص ما بينهما.

الجمهور والنقاد
وأكد “الحسن” أن الجمهور متعطش للمسرح، مشيرًا إلى أن تجربة ملتقى المونودراما، وملتقى النص، تثبت ذلك، ولذلك فنجاح ملتقى الديودراما متوقع.

وأضاف:” رغم غياب النقاد، فإن الجمهور يحضر العروض المسرحية، وهذا ما نحتاجه في الوقت الراهن”، منوهًا إلى أنه قد تختلف الآراء إلا أنها كلها تنبع من معين الخبرة، وقال:” مسرحيو وجمهور مسرح المنطقة الشرقية يمتلكون الوعي، وأدوات النقد نسبة وتناسب”.

تشجيع وشكر
وختم “الحسن” حديثه بقوله:” قدمت نصي تشجيعًا منه لجيل الشباب الذي بدأ في حمل الراية إيمانًا مني بوجوب دعمهم”.

وتقدم بشكره لجمعية الثقافة والفنون، وعلى رأسهم مدير الجمعية يوسف الحربي، ومقرر لجنة المسرح ناصر الظافر، ومدير بيت المسرح عباس الحايك، على الجهود الكبيرة لإخراج الملتقى بأبهى صورة.

“مسخ” افتراضي
وشارك المخرج ماجد السيهاتي بعرض “المسخ”، الذي تدور أحداثه حول حياة شخصين متوفيين داخل ثلاجة الموتى، ويدور النقاش بينهما عن “الحياة، وماذا لو…؟”.

واعتبر السيهاتي كمخرج للعرض أن ردود أفعال الجمهور فاقت كل التوقعات، وعلق “السيهاتي” على ذلك: “في العادة ونحن في مراحل إنتاج المسرحية لا نعلم كيف ستكون ردة فعل الجمهور، خصوصًا إذا كانت الفكرة جديدة، لذلك ردة فعلهم وقبولهم وذهولهم بالعرض فاق التصور، والحمد لله توفقنا بالعرض الأول جماهيريًا”.

المتخصصة تختلف
وأوضح أن إخراج العروض المتخصصة كالمونودراما، الديودراما وغيرها يختلف عن غيرها من العروض، مبينًا أن إخراج العروض بشكل عام يختلف من عرض لآخر، فلكل عمل رؤية مختلفة يعمل بها المخرج حسب ما يراه مناسبًا للنص وكيف يريد أن يطرحه.

تقييم
وفي تقييم منه للملتقى، قال “السيهاتي”: “الجميل فيه أنه أقيم، والإيجابية في استمراريته، والسلبية العظمى هي أنه أقيم بلا ميزانية سواء على مستوى الملتقى أو على مستوى المسرحيات، فهو فقير لكنه كادح”، وتمنى في ختام حديثه أن ترصد ميزانيات لمحافل الملتقيات المسرحية وأن تحظى باهتمام وزارة الثقافة.


error: المحتوي محمي