عندما يشعل الخاطر فتيل الذكريات..

أخي العزيز الدكتور نادر الخاطر سلمكم الله تعالى

قرأت مقالتك الحزينة “توقف نبضات القلب، يشعل ذكريات الإنسانية”

شكرًا جزيلًا لكم ورحم الله والديكم جميعا وعظم الله أجورنا وأجوركم بالبدر أبا أحمد الذي انتقل إلى رحمة الله تعالى ورضوانه مساء الأحد ليل الإثنين الطويل جدًا وحالك الظلام قبيل منتصف الليل.

نعم نبض الكلمات واقعًا تصف توقف نبضات قلب الأخ والصديق والابن الراقي الأنيق. كلماتك أثارت هياجًا لمناظر وشريط ذكريات طويل ينتزع الدموع من الجفون وحديث يفطر القلوب وأسف شديد دون أن نغفل أن القدر بإرادة الله سبحانه وتعالى  واسمح لي تعقيبًا لمقالك الذي أشجاني بالآتي:

١. ليس جديدًا أو أن آتي ببدعة بل الواقع والحقيقة هذا بدر اسم على مسمى انشغاله بعمله، متفانٍ مخلص مبدع قليل في وصفه، حريص على التطوير أينما تطلبه تجده يعمل على مدار الساعة دون مبالغة يثبت ذلك العدد الكبير من زملائه الذين حضروا الصلاة على جثمانه والمشاركة في التشييع سيرًا من المغتسل إلى المقبرة وفي موقع العزاء في حسينية الرسول الأعظم شهاب بالقديح، وهم يعملون في مناطق مختلفة ومن جنسيات عديدة بل وسيل لم يتوقف من الاتصالات منذ علم زملائه بالحدث الجلل، لكن الأثر الإنساني تجلى في كلماتهم المفعمة بشاعرية ممزوجة بألم الفرقة، وكانت العتزية نابعة من صميم القلب والتي تفيض بمشاعر جياشة بالحب ومدح الصفات الناصعة التي يمتلكها الفقيد ونفذها طيلة حياته ومن كلماتهم: “من كانت أخلاقه الراقية وتعامله مع الموظف الصغير قبل الكبير المتواضع المبتسم، من يساعد الكل دون تفريق، من يفزع لإعانة الباحثين عن العمل، من يساعد المحتاج منهم، من يدير شبكة عريضة من التواصل، حيث يختار رسائله اليومية بكل عناية وتهذيب، فكل واحد يقول كان الأمل آخر رسائله صباح الأحد، وبعضهم يقول رسالة العزاء سبقت فتح آخر إيميل منه، ومن هذه جهوده المباركة وتلك إنجازاته وتعامله الإنساني الراقي الواعي مع الجميع صفحة ناصعة وبصمة مميزة وصفة نادرة وقدوة حسنة لا خوف عليه”، نعم لا خوف عليه لكن لوعة الفراق الذي لا لقاء يرجى بعده تشعر بالفراغ الذي تملؤه الذكريات التي تجرح ولا تداوي تفتك ولا تلتئم غير أن الأمر كله لله.

٢. تعامله الراقي في العمل ليس سوى انعكاس لحياته اليومية مع أسرته الصغيرة، يتابع يوميات ابنه أحمد وابنته شهد بكل تفاصيلها لذلك كان قريبًا منهم وهم ملتصقين به ملبيًا لرغباتهم ومناقشًا متمرسًا لمشاعرهم،  فكان حجم الحدث كارثيًا لا تستطيع الكلمات وصفه، هذا وهما بعيدين عن لحظات الفراق ومعاناته مع آلام الذبحة الصدرية ونفاذ الجلطة لسويداء القلب، حيث عطلت عضلة القلب وتوقف النبض وأم أحمد ترى التدهور الخطير لحاله ولا تستطيع إنقاذه ليخطف الموت حبيب القلب بشكل سريع ومفاجئ وصاعق قبل وصوله باب المستشفى ومحاولات طبية لم تجد نفعًا، ساعد الله قلوبهم وربط الله عليهم بالصبر والسلوان.

٣. مشاعر وأحاسيس الوالدين ضخمة وثقيلة لن نأتي على تكرار تعامله الأسري فهو الابن المهذب البار الرحيم بهما كيف لا؟ فهذا والده يصرح يفصح ويصف جزءًا يسيرًا من ذلك فحين يعود من عمله أو يسافر أو يرجع من سفر فيبدأ بتقبيل أقدام ورأس والديه، فضلًا عن لثم أيديهما بالقبلات وهي جزء يسير من بروتوكولات تعامله معهما وبره بهما والسهر على خدمتهما ومساعدته لإخوانه وأخواته ولطف العناية بهم وحرصه عليهم، أليس هذا مما يؤسف على رحيله السريع المفاجئ، فعادة يخفف المرض من لوعة الفراق لأن الرحيل يأتي طبيعيًا بالتدرج لكن الشيء المفاجئ والقضاء الحتمي مر وصعب.

“إن القلب ليحزن والعين لتدمع ولا نقول إلا ما يرضي الرب وإننا على فراقك يا أبا أحمد لمحزونون”.

نعم يا بدر غاب عنا جسدًا والضوء منك ينير حياة أسرتك الصغيرة الكريمة سيبقى مشتعلًا وخلفك الصالح إن شاء الله تعالى الأبناء سيقتفون أثرك الناجح وقدوتك الحسنة، وإن جراح الفراق لن تندمل بيسر وسهولة لكنما الأمر والمرجع لله ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، رحمك الله يا غالٍ ونسأل الله تعالى أن يجعل قبرك روضة من رياض الجنة وأن يحشرك الله مع من أحببتهم في الدنيا وتواليتهم (سيدنا الحبيب المصطفى النبي محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين) والفاتحة لروحه ولأسلافه وللمؤمنين والمؤمنات وإنا لله وإنا إليه راجعون.

مرة أخرى أخي العزيز الدكتور نادر كنت نادرًا في إثارة المشاعر فجزاكم الله تعالى ولكل من شاركنا في مصابنا وعزانا في فقيدنا الشاب الغالي المهندس بدر بن عبد العزيز بن أحمد بن علي بن إبراهيم الحصار أبو أحمد حضوريًا من زملائه ومن المؤمنين والمؤمنات أو أهل الإخوة الإنسانية أو عبر مختلف وسائل التواصل أو بالدعاء له في ظهر الغيب لكم ولكل الأحبة ألف شكر وتقدير وتحية أصالة عن النفس ونيابة عن أسرتنا وأرحامنا ننثر القبلات على رؤوس الجميع لتجشمهم عناء وتعب ومشقة السفر مهما كان يسيرًا ولو خطوات أو الاتصال الصوتي أو عبر المشاعر الإنسانية أو وسائل التواصل بمختلف أنواعها، شكرًا جزيلًا لكم جميعًا مثابين ومأجورين والله يحفظكم ويرعاكم ويطيل أعماركم في صحة وعافية وأمن وإيمان ولا أراكم الله مكروهًا في عزيز {يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك راضية مرضية فادخلي في عبادي وادخلي جنتي} صدق الله العلي العظيم.

محبكم أبو فهد عبد الله بن إبراهيم الحصار، والد الحزينة أم أحمد، هبة زوجة الفقيد الغالي، الأربعاء ٢ أكتوبر ٢٠١٩م – القديح.


error: المحتوي محمي