المذاق الحلو مرتبط بالمشاعر الجيدة، وبالأحاسيس الإيجابية، وكلما كان الإنسان راضياً عن محيطه وواقعه، كلما كثر استهلاكه للحلوى، هذا ما يفسر الاستهلاك المتزايد للسكريات عند الشعوب المستقرة، وهذا ما يفسر أيضأ تفشي السمنة في هذه البيئات أكثر من غيرها.
التعود على أمور بسيطة في حياتنا الغذائية قد يسبب لنا مشكلات صحية صعبة!
هناك دراسة وجدت أن غالبية الناس يتناولون حوالي 19 ملعقة سكر صغيرة يومياً، وتعني حوالي 300 سعر حراري أو يزيد، والسؤال هنا هل لذينا الرغبة بتخفيض كمية السكر التي نتناولها يومياً ؟
اعتاد كثير من الناس تقديم السكر العادي “السكروز” في صورته السائبة أو على هيئة مكعبات أو مغلفات تذوب ببطء في أكواب الشاي، أما اليوم فقد تبدلت السلوكيات وتغيرت الأحوال، ولجأنا لبدائل السكر، فلاقت قبولاً سريعاً لأسباب تتعلق بالسعرات الحرارية وعلاقتها المباشرة بالسمنة ومرض السكري وغيرها من المتاعب الصحية، وتعتبر أغذية ذات استعمالات خاصة.
بدائل السكر هي أغذية منخفضة الطاقة أو السعرات الحرارية تستعمل في الأغذية كبديل للسكر الطبيعي.
مغلفات بدائل السكر الصغيرة، تملأ الأسواق وتحتل مكاناً على طاولات المقاهي والمطاعم بدلاً من السكريات الطبيعية، حتى أصبحت نمط حياتي للكثير من المستهلكين.
المحليات الاصطناعية نتناولها يومياً، يُحلَّى بها الشاي والعصائر والمشروبات، وتتواجد أيضاً في السكاكر والحلويات المعدة للأطفال، لجأ إليها المصنعون بديلاً عن السكريات الطبيعية، مثل السكارين، والاسبارتام، وسكرالوز، وأيضاً سكر الذرة عالي الفركتوز ” HFCC” سكر يحضر صناعياً.
لا شك أن السكاكر والحلويات والمشروبات الملونة المعدة للأطفال، تجعل الطفل لا يكف عن تناولها، إنه سلوك سيئ بل وسيئ جداً، فهي أغذية غير متزنة، لاحتوائها على سكريات وألوان اصطناعية ضارة بالصحة.
تعتبر المحليات الاصطناعية إحدى أهم المواد التي يثار حولها الجدل عن مدى تأثيرها على صحة الإنسان، وكأي مادة مثيرة للجدل فهي دائماً في قفص الاتهام، وقد ذهب عدد كبير من الباحثين إلى ضررها بالصحة، لذا فإن المحليات أو بدائل السكريات تخضع لضوابط وقوانين تحكم استعمالها لكونها من الأغذية ذات الاستعمالات الخاصة.
معظم الناس لا يعلمون أن المحليات الاصطناعية عبارة عن مواد كيميائية تضاف للأغذية وتعرض أجسامنا للخطر، ولا يكسب أحد شيئاً من إضافتها غير أصحاب الشركات المصنعة.
اللجوء إلى هذه النوعية من المحليات أمرٌ لا يخلو من الخطر، وتتضمن مواد سامة بمعايير مختلفة، لها تأثير تراكمي على صحة الإنسان.
إن الاستعاضة عن السكر العادي “السكروز” بالمحليات الاصطناعية، محفوفة بمخاطر صحية متعددة، وخصوصاً عند تناولها بمقادير أعلى مما هو منصوص عليه في لوائح الأغذية المحلية، والدولية وخصوصاً للأشخاص المصابين بأمراض وراثية معينة، ولذا فإن البحث عن أفضل الحلول الممكنة لقضية السُكَّر هو الاعتماد أكثر فأكثر على السكر الطبيعي الموجودة في الفاكهة والإقلال قدر الإمكان من السكريات الحرة.
ينصح علماء التغذية بالامتناع أو على الأقل التقليل من تناول الأطعمة والمشروبات التي تحوي محليات اصطناعية، وأكدوا ضرورة رفع درجة الوعي لدى المستهلك، بحيث يمكنه معرفة نسبة العناصر والمركبات المسموح بها صحياً، خاصة وأن هذه النسب بحسب ما أقرته القوانين يجب أن تكون مُدوَّنة بشكل واضح على عبوة كل منتج غذائي.
تـناول هذه المحليات خطر على صحة المستهلكين وخصوصاً الأطفال.
“لا يسمح باستخدام المحليات في جميع أغذية الرضع وصغار الأطفال”.
أذكر أنني كتبت من نحو عشرين سنة مقترحاً يتضمن عدم السماح بإضافة المحليات الاصطناعية لأغذية الأطفال ليشمل فوق الـ3 سنوات، وقد بذلتُ جهداً كبيراً في سبيل إقناع المختصين وأصحاب القرار في هيئة المواصفات والمقاييس على المقترح، وتم التوصل في النهاية إلى الاكتفاء بتدوين تحذيرات الاستعمال ضمن بيانات بطاقة المنتج الغذائي.
قد نرى عبارة “خالية من السعرات الحرارية” No calorie أو Zero calories، غالباً على المشروبات الغازية وبعض الأغذية ذات الاستعمالات الخاصة، وهذا يعني محتوى المنتج على المحليات الاصطناعية، وتعتبر عبارة مضللة للمستهلك.
المحليات أو بدائل السكر المصرح باستخدامها، والتي يتم تبادلها في مختلف دول العالم، وهي السكارين، والاسبارتام، وسكرالوز، والأسيسولفام – ك، والسوربيتول، والمانيتول.
نظراً لعلاقة هذه المحليات بالمخاطر الصحية المحتملة، نقف هنا، ونتأكد ونعرض الجوانب المختلفة التي تثيرها تلك المحليات والتحذيرات من آثارها الجانبية على الصعيد الصحي، والبحث عن أفضل الحلول.
الكثير من الدراسات قدمت اقتراحاً بمنع استخدام السكارين لظهور حالات إصابات غير عادية على حيوانات التجارب، وكذلك المزيد من الدراسات حول سميته، لذا تتطلب الأمر كتابة العبارة التحذيرية على الأغذية المحتوية على السكارين “استخدام هذا المنتج يمكن أن يكون خطراً على صحتك، هذا المنتج يحتوي على مادة السكارين الذي وجد أنه يسبب السرطان في حيوانات التجارب”، وهذا يدعونا إلى أخذ الحيطة في استخدام هذا المركب واستبداله بالمواد الأخرى الآمنة.
يلجأ معظم صانعي الأغذية إلى إضافة الاسبارتام لأنه يعطي حلاوة بأقل تركيز دون النظر لخطورته، خصوصاً في أغذية الأطفال لوجود آثار جانبية صحية، وأيضاً للأشخاص المصابين بمرض الفينيل كيتونوريا “الوراثي” الذي يؤثر على أداء الدماغ ومشكلات في الجهاز العصبي، وتزداد المخاطر الصحية إذا تناول الشخص مقداراً أعلى مما هو منصوص عليه في اللوائح الفنية المحلية و الدولية وهي 40 ملغم/ كغم يومياً.
اللجوء إلى هذه المحليات أمر لا يخلو من الخطر، وتتجلى هذه الخطورة في مضمون العبارات التحذيرية التي نراها على بطاقة المنتج كشرط إلزامي:
• الاسبرتام: لا يستخدم من قبل الأشخاص المصابين بمرض الفينيل كيتونوريا PKU.
• السكارين: استخدام هذا المنتج يكون ضاراً بصحتك لأن يحتوي على السكارين الذي وجد أنه يسبب مرض السرطان في حيوانات التجارب.
• السكريات الكحولية كالمانيتول والسوربيتول: زيادة الكمية المستهلكة قد تسبب الإسهال.
كمية المحليات الاصطناعية المضافة المسموح بها مصحوبة بالعبارات التحذيرية هي من الشروط الإلزامية في المواصفة القياسية “المحليات المسموح باستخدامها في المواد الغذائية GSO 995/ 2015”.
المقدار المقبول تناوله يومياً يجب أن لا يتجاوز الحد الأقصى المسموح به ولكل محلى اصطناعي مقدار يعبر عنه مغ/ كغ من وزن الجسم، والبحث عن أفضل الحلول، هو الابتعاد قدر الإمكان عن المحليات الاصطناعية، والاعتماد أكثر فأكثر على السكر الطبيعي الموجود في الفاكهة.
هناك بعض المحليات مستخلصة من النباتات مثل نبتة ستيفيا، مأمونة بمقدار محدد وتم إدراجها في المواصفة القياسية الخليجية المحدثة، بينما القيقب والصبار محليات من مصادر طبيعية، حيث تعمل على زيادة مقاومة الأنسولين، وتلحق الضرر بالكبد، والمرأة الحامل لذا تعتبر محليات غير آمنة، مثل “شراب الذرة عالي الفركتوز”، ومن هنا فإن التعاطي مع مثل هذه المحليات الطبيعية لابد أن يحمل أكبر كم من الدقة العلمية حرصاً على صحة الناس.
والآن وبعد هذا التوضيح لبدائل السكر يمكننا القول بشكل عام إن تناول هذه المحليات المصرح بها، وفي التراكيز المسموح بها، لا يشكل ضرراً بالصحة في نظر التشريعات الدولية، إلا أن الدراسات تؤكد خلاف ذلك.
لا يسمح بإضافة السكر أو أي نوع من المحليات الطبيعية والاصطناعية لعصير الفاكهة الطازج.
إذا وجد السكر بصورته الحرة فإنه يحوي سعرات حرارية عالية لا يشعر بها مريض السكر، وقد تسبب خللاً في توازن الغذاء لديه، في حين يزداد الضرر في حالة استخدام المحليات الاصطناعية أو بدائل السكر.
ومن وجهة النظر العلمية لا ننظر للأمر بمنظور السعرات الحرارية بل إلى مصدر السكريات وأنواعها وحلاوتها النسبية، ثم القيمة الغذائية.
وإجمالاً لابد من التأكيد أن كثيراً من هذه المركبات غير آمنة صحياً من خلال ما أظهرته الدراسات بعلاقتها ببعض الأمراض.
• لا أستخدم سوى بدائل السكر، ولا أتناول المشروبات الغازية إلا بعد التأكد من كونها “دايت”، هذا بالضبط ما يقوم به جيلنا كأسلوب حياة عصرية الذي يبحث عن أفضل الحلول لقضية السمنة وتوابعها، سكريات تتمتع بمذاق عالٍ وسعرات حرارية أقل، فقد صبوا غضبهم على السكريات الحرة “السكر الأبيض الناعم”، هم يستبدلون مشكلة صحية بمشكلة صحية أخطر، يلتهمون نصف خروف ثم يصرون على شرب “دايت كولا”!
منصور الصلبوخ – اختصاصي تغذية وملوثات