في العوامية.. «باب المراد» تروي قصة الحسين على مسارح القطيف منذ 21 عامًا

كثيرة هي المجموعات التي تندرج تحت لواء الخدمة الحسينية والتي تتنوع ما بين جانب خدمي وجانب صوتي وجانب تصويري يكون مسرح التمثيل رايتها المرفوعة للخدمة، ولكن من يستمر ويصمد بمرور السنين ويثبت على توفيقه قليل.

كوكبة باب المراد مجموعة تتكون من عددٍ من العضوات، ثبّتت لها قدمًا في ساحة المسارح النسائية بالقطيف، وسجلت أكثر من 21 سنة خبرة، وغدت تُطلب في معظم مناطق القطيف.

وكان لـ«القطيف اليوم» حديث مع مسؤولة التمثيل وكاتبة النصوص المسرحية أميرة آل زايد للتعرف على الكوكبة أكثر.

البداية
عن بداية الكوكبة التي انطلقت من مسقط رأسها بلدة العوامية، ذكرت آل زايد أنها بدأت منذ أكثر من واحد وعشرين عامًا أي منذ عام 1419هـ، وكانت قائمة على إدارة قوية تسطع بالالتزام بنظام مسرحي وبرنامج قرائي، منذ ذلك العام حتى هذا العام بتوفيق الله وتسديده.

وذكرت أن عدد القائمات على البرنامج أكثر من ثلاثين مُشاركة ما بين كوادر المسرح من تمثيل وخياطة ملابس ومكياج وديكور وتجهيز ملابس وتنظيم وتنظيف واستقبال داخلي وخارجي.

مسرح لا يعتمد الخيال
الخيال عنصر يكاد لا يخلو منه أي عمل فني بكل المجالات الفنية بما فيها العروض المسرحية، ولكن ماذا عن النصوص المسرحية لكوكبة باب المراد؟

تُجيب آل زايد بقولها: “جميع النصوص التمثيلية التي تمثل على مسرح كوكبة باب المراد من كتابتي وقلمي الخاص وكلها حُسينية تهدف لرسالة كربلائية بعاشوراء أو رسالة عن صاحب تلك اللية، أي أن المشاهد تُحاكي الحياة التي عاشها أهل البيت وتربط بين عصور الأنبياء والأئمة صلوات الله عليهم والتي أستند عليها من نصوص وروايات أهل البيت وكُتب مُعتبرة”.

وتضيف: “لا أعتمد في مسرحي على الخيال بل أربط الأحداث بصورة تُقرب للمُشاهد رؤية وفكر واضح كما رأى وشاهد الجمهور في ملحمة هذا العام: {بِسْمِ اللَّهِ مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا} وكيف تم ربط كل ليلة بحدث خاص للنبي نوح عليه السلام، بحيث يتغير جو المشاهد للوحة المسرحية دون أن يشعر بثقل الانتقال إلى لوحة أخرى”.

التسلسل بدايته رمضان
حين يكون للعمل المسرحي أجزاء أو سلسلة للعرض يكون هناك فضول من الجمهور لحضور تكملة السلسلة؛ وعن هذا الأمر أشارت آل زايد بقولها: “عملت عدة مشاهد متسلسلة ومن هم قريبون من الكوكبة ويطلعون على كل جديدها المسرحي يرون أني منذ أربع سنوات متتالية في الليالي العلوية بشهر رمضان -استشهاد الإمام علي عليه السلام- أروي قصة بثلاثة أجزاء لثلاث ليال، وكانت فكرة الحلقات المتتالية والأجزاء هي فكرتي التي طمحت بها بعد أن رأيت شغف بعض العقول للمسلسلات والحلقات الرمضانية والتلفاز؛ حينها راودني سؤال: لماذا الليالي العلوية لا تصدع وتتميز بحلقات تتحدث عن عظمة الإمام علي؟ ولما لا يكون مسرح الكوكبة شاشة عظيمة تبرز جلاله شخصية أمير المؤمنين، ومنها ولدت الفكرة فكانت السنوات الأربع الماضية تروي ثلاث حلقات علوية متسلسلة”.

لأول مرة تسع ليالٍ
وتابعت: “ولم يكتف التسلسل لثلاث ليال في مسرح كوكبة باب المراد بل زاد عليه بضعفين هذا العام؛ ليكون على مدى تسع ليال حين طرح ملحمة كربلاء هذا العام والتي حملت عنوان {بِسْمِ اللَّهِ مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا ۚ }”.

وعنه قالت آل زايد: “الجميع شاهد كيف أن النبي العظيم أب البشرية الثاني سيدنا نوح عليه السلام قد اكتملت رسالته وسارت سفينته وأنقذت البشرية بعظمة محمد وآل محمد وكيف ارتبط الإمام الحسين بهذه العظمة، وعُرضت تسع ليال لقصة النبي نوح وارتباطها بالإمام الحسين بدءاً من الليلة الثانية من محرم حيث لوحة بناء السفينة وتسمير المسامير فيها، والحوار الذي دار بين النبي نوح والمسامير الخمسة وكانت بعنوان “ذات ألواحٍ ودُسر” تلتها لوحة سفير البصرة سليمان بن رزين وكيف كان أول الناهضين برسالة الإمام الحسين وربط ذلك بالنبي نوح وبدأ رسالته، لتعقبه لوحة “وفار التنور” حيث الارتباط بين المرأتين في زمن نوح وأيام مسلم بن عقيل”.

وتُكمل: “أما الليلة الخامسة فكانت مخصصة للوحة جون؛ وهي من أقوى الليالي التي تميزت ورأى من حضر كيف أن اللون الأسود الذي في صلب ابن نوح لم يغير من عشق القلوب للإمام الحسين ونُصرته، لتتبعها على التوالي لوحة شيخ الأنصار وشيخ الأنبياء، والشفاة الذابلات وريحانة العرس، واغتيال السيوف، لتنتهي باللوحة الأخيرة التي حملت نفس اسم الملحمة {بِسْمِ اللَّهِ مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا ۚ }؛ حيث رست ووصلت السفينة لأرض كربلاء والحوار الذي دار بين النبي نوح ووحي الله”.

المسرح والتسجيل
تلجأ بعض المجموعات لتسجيل أصوات المشاهد التمثيلية تخفيفًا لوقت حفظ النصوص ليكون التمثيل على خشبة المسرح مجرد محاكاة لما يقال بالتسجيل المسموع، مع هذا فكوكبة باب المراد قد تلجأ لبعض التسجيلات التي تخدم المشاهد، ولكنها لا تستخدمه لكامل العرض فتبين ذلك آل زايد بقولها: “درست خطوة تسجيل السيناريو باستديو أو مركز للصوتيات مرات عديدة في جعل كامل اللوحة تسجيلًا صوتيًا خارجيًا وهو شيء يجذب كل الحواس للمشاهد، لكني وجدت أن الأداء المسرحي المباشر له تأثير عميق أيضًا في النفس والأصوات في إيمائها تمتزج بدموع الحاضرات والمُعزيات وخصوصًا أن كوكبة باب المراد كادر قوي بالأداء المسرحي والصوتي فالجميل أن تُبلور هذه المهارات دون استبعادها بتسجيل صوتي كامل، ولو توفرت جميع الإمكانيات وتسهلت يومًت ما في تسجيل سيناريو كامل لن أتردد بدفع الكوكبة لمثل هذا الرقي”.

رسالتهم
لا يستمر فرد أو مجموعة في طريقه إلا ويكون له هدف، ورسالة يود إيصالها، لهذا فهو يدأب في صياغتها بمختلف الحروف، وعن رسالة الكوكبة قالت آل زايد: “نسعى لتقديم نهضة عريقة تسمو لإنشاء جيل مُتحضر ومثقف حول تاريخ آل البيت، حيث نسعى جاهدين أن نبني فكرًا راقيًا يُنير العقول بالوعي والإرشاد وذلك بطرق تصل للمتلقي من الجمهور أن يطرح التساؤلات في ذهنه من؟ وكيف؟ ومتى؟ ولماذا؟ فيلقى جواب أسألته وهو في مكانه من خلال مشاهدته للوحات المسرحية المتتالية، فينشأ الجواب من ذات السؤال، حينها يفطن العقل بما سأل القلب”.

جمهور مثقف
رغم كل الانتقادات على الوقت المتأخر للمسرح والذي قد يصادف أيام الدراسة إلا أنك تستغرب انجذاب الصغير والكبير لحضور مسرح كوكبة باب المراد والذي ذكرت آل زايد أن له تاريخًا عريقًا ومجدًا قديمًا يرتدي لباس التطور منذ عام 1419هـ، حتى هذا العام وهذا بفضل الله ثم متابعة الأحداث، ملفتة إلى أن المداومين على حضور المسرح الخاص بالكوكبة جمهور مثقف واعٍ ويدرك ذلك، وما ذكرته هي شهادة جمهورنا العزيز في اتصالاتهم لنا أو إرسال الرسائل التي تمجد كل عمل.

وتساءلت: كم وكم من الشخصيات تثقفت وأدركت ما كانت تجهل وكم نشأت أجيال وعلمت صغار وكبار بسبب مسرح الكوكبة النامي؟!

أميرة والمسرح
أميرة ليست فقط كاتبة للنصوص المسرحية بل ممثلة بارعة في تمثيل ما تكتب ويخطه قلمها المسرحيً وعن مشوارها بالخدمة بالمسرح وهل كانت لها دراسة سابقة فيه قالت: “ما نلتُ شرف هذه الخدمة إلا من كرم الله وعطائه وفضل محمد وآل محمد ولي مدد طويل جداً بالمسرح منذ كنت بالصف الثاني الابتدائي أما كتابة النصوص فلي أكثر من عشرين عامًا فيها”.

وتابعت: “لم أدرس أي شيء عن المسرح أو كتابة النصوص وإنما هي نعمة أوجدها الله لدي فقد جرى قلمي ببسم الله ورسى قلمي ببسم الله، فهي هي كما قالها الله لنبي الله نوح {بِسْمِ اللَّهِ مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا ۚ}”، مختتمة حديثها: “لي طلب من عشاق الإمام الحسين ورواد مسرح كوكبة باب المراد بل لكل من يصله هذا القول بالدعاء لي بالمدد والعطاء ليرتقي الفكر المسرحي بالوعي كل عام في رضا صاحب الزمان (عج) وخدمة جمهورنا الحبيب”.

 


error: المحتوي محمي