تاسع محرم لهيب المسرح التراجيدي

“الحسين (ع) احتضر وأشرف على الموت ثلاث مرات”، هذه المقولة يرويها أصحاب التاريخ والسير في يوم العاشر من محرم تأخذ بأيدينا إلى مسرح تراجيدي طبيعي في الحقيقة بين الأب والابن، حيث هذا المسرح التراجيدي ألهم البشر كيف تصنع التضحية في سبيل الحق؟

في يوم العاشر من محرم الذي شكل لنا منعطفاً في التضحية ومنارةً مشرقة تبعث نورها على مدى الأزمان، معرية إلى أصحاب الظلم والفساد ومزيلة ما علق في الدين الإسلامي من أدران، فكانت كربلاء منفردة في أبطالها ومواقفها، بعض جيش العدو مال حباً إلى معسكر الإمام الحسين (ع)، لكن لم نرى أحداً من معسكر الإمام مال إلى الجيش العدو، فتخرج في أكاديمية عاشوراء أبطالاً حملوا النبل وقدموا تضحياتهم ليلحقوا بالركب الكربلائي.

علي الأكبر بن الحسين (ع) أحد أبطال مدرسة كربلاء وله نصيب يوم تاسع في ذكره الشريف، فكان نسخة مطابقة إلى النبي محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) خلقةً وخُلُقاً ومَنطِقاً، فحين يشتاقون إلى نبي الرحمة ينظرون إلى هذا الشاب، فعندما تجهز هذا الشاب ابن الـ٢٥ سنة إلى المعركة خرجت عماته و أخواته ومنعنه من العزيمة، ثم أخذ الإمام بيد ابنه الأكبر وأخرجه من بينهن، فنظر إليه نظر آيس منه، فتغير وضع الحسين (ع) بحيث أشرف على الموت الأول.

المشهد الثاني بعد فترة من القتال في المعركة، أتى الشاب إلى أبيه وقد أصابته جراحات كثيرة، والدم يجري منه، وقد اشتد به العطش ويريد شرب الماء، فهاجت عواطف الحسين في عدم القدرة على تلبية طلب ابنه بتقديم الماء فاحتضر الحسين (ع) في المرة الثانية، أما المشهد الأخير في احتضار الإمام الحسين (ع) للمرة الثالثة عندما أبصر الإمام الحسين (ع) وابنه قد سقط من على الجواد وجيوش الأعداء تضرب الشباب.

فنحن نحتاج إلى دروس كربلاء التي أبرزت مسرح طبيعي حقيقي من الإصلاح والتضحية التي زرعها الإمام الحسين (ع) وإدارة حقيقية إلى هذه المسرح الطبيعي، فليس هتافات وسمفونيات في كل مناسبة دينية ليس لها صدى بدون إدارة فعلية كأنك في مسرح تمثيلي لا غير.

ملاحظة:
التراجيديا: (المأساة) لفظ أدبي قديم يقصد به القصة ذات النهاية الحزينة.


error: المحتوي محمي