الحب ربما يكون كساحر يرضى بقرابين تستمد قداستها من التضحية إلى المحبوب، البعض وصف المحبة لها سحر الكيمياء في تحويل المذاق المر إلى مذاق حلو كما يتحول الحديد إلى ذهب في الكيمياء. من مضامين العشق في عدم الشعور في الأم الحديد قصة النبي يوسف مع نسوة المدينة، قال الله تعالى {فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ وَقُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ مَا هَٰذَا بَشَرًا إِنْ هَٰذَا إِلَّا مَلَكٌ كَرِيمٌ}.
نسوة المدينة قطّعن أيديهنّ ولم يشعرن بأن السكين تجرح أيديهنّ لمّا رأين يوسف عليه السلام، حيث كان انشغالهن في يوسف “عليه السلام”، كذلك بعض علماء النفس يصرحون من إذا توجّهت إلى شيء معيّن توجّهاً تامّاً انشغلت بذلك عن غيره فلم تعد تشعر بأي شيء من حولك.
فليس عجبًا في تحول الموت المر إلى عسل حلو المذاق عند القاسم بن الحسن (ع) في التضحية للإسلام وإعلاء كلمة الدين ونصرة عمه الحسين (عليه السلام)، فالدفاع عن القيم والأمر بالمعروف تجعل الحدث مقبول الأقدام عليه، لكن عند القاسم كان الدفاع لنصرة الإمام (ع) ليس مقبولًا فقط بل كان يطلبه.
ملحمة عاشورا شكلت لنا طريقًا حاسمًا في مضمار التاريخ، واليوم نأخذ من درها الجوهر الجميل في أجمل نماذج لإيمان، القاسم يضحي بأغلى ما عند الإنسان النفس في سبيل نصرة خط عمه الحسين (ع)، فلا يقاس الشخص بعمره أو بضخامة جسمه، فربما يكون شخصًا بجسم مفتول وعمر يقارب 45 سنة ولكنه يحمل من الإيمان الصالح القليل، بينما القاسم بن الحسن عمره 14 سنة تقريبا وليس عنده الخبرة في قتال المعارك الكبيرة فخلد في مجال التاريخ بدوره البطولي وإيمانه الراسخ، فحب الحسين يحول الموت المر إلى عسل، فما أجمل من الإنسان أن يصفي حساباته في الدنيا مثل القاسم وأنصار الحسين (ع) ليصبح الموت أحلى من العسل.