البكاء يتوغل في أعماق قلبي

عاشوراء ليست ذكرى موسمية تفتقر إلى الحركة الديناميكية والحيوية الفكرية، وليست احتكارًا إلى ناس معينين يقومون بتحنيطها مثل المومياء في المتاحف، إنما عاشوراء امتداد إلى منهجية الرسول محمد صلى الله عليه وآله وسلم، كما قال الله تعالى {وما أرسلناكَ إلّا رحمةً للعالمين}، فحركة عاشوراء تسير في خط الرحمة والإصلاح والعدالة إلى العالم.

ما يثير عاشوراء على المستوى الإنساني هو قيام مجزرة ضد ناس عزل بغض النظر منهم هؤلاء الناس وما يملكون من الطهارة والشرف، قتل طفلهم الرضيع الذي لم يبلغ العمر ٦ أشهر، ومحاولة قطع نسل عائلة بالكامل، إيذاء النساء والأطفال وسبيهم فاجعة المجزرة تحرك شعور من يسمعها ويعيش في إطارها. الإنسانية جعلت النبي يعقوب يبكي على ولده حتى أصابه بياض العين، فالبكاء شعور فطري.

فأنا لم أتماد وأفرط في العزاء إلى رجل ضحى بماله وعياله للأسر والسبي وقدم أصحابه وأقاربه إلى القتل وذلك لهدف الدين، إحساسي الشعور بالبكاء ربما يكون أصعب من الشعور بالضحك، حيث البكاء يحتاج إلى أدوات تتوغل في أعماق القلب.

أستأذنك القارئ الكريم في سرد موقف حصل لي ربما يخدم العنوان، في احتفال بيوم المهنة سنة 2019 قام شخص من الحضور بتقديم نفسه ويتكلم عن الولاء للوطن والدموع تذرف من عينه، حيث ارتفع صوته في البكاء والدموع: “لماذا بعض الشركات تفضل المواطن الأجنبي على المواطن المحلي؟”، بالفعل جميع الحضور ومدراء الشركات تأثر بهذا الشخص ورفعوا القبعات احترامًا وتقديرًا له، وأصبحت الشركات تستقبل أكثر من المواطنين المحليين.

فالرسالة مصحوبة بعاطفة وجو مشحون بالبكاء تتغلغل في الوجدان وتأخذ أكبر أثر من الناس، نحن محتاجين إلى شحن روحنا بالعاطفة من البكاء على الحسين وأهل بيته عليهم السلام في أيام الحسين (ع).


error: المحتوي محمي