هناك صبح يشرق بعد الظلام، ويسر ينفرج من بين قيود العسر، وفي ضمنها هناك من يشعر أنه المُبتلى الوحيد أو الاستثنائي بين أقرانه أو بين غيره من الناس.
بث اليوم الثالث من محرم خاص واستثنائي لمن ظن أنه يقبع في مقاعد البلاء الاستثنائي.
الموقع: حرم الإله في مكة المكرمة.
الزمن: الثالث من شعبان سنة 60.
الحدث: وصول قافلة الرسالة الخائفة لتحتمي بأحضان أمان بيت الله الحرام حيث يأمن من دخله..
القضية: حج مقطوع يؤدى خارج زمانه المعهود وبكيفية مفجعة.
فاصل ليس إعلانيًا
يقال: الموت هادم اللذات، ويختلف ميزان اللذات من فرد لآخر فقد يهدم الموت لذة اللعب والمتعة بالحياة، وهناك موت يهدم لذة روحية مقدسة كما فعل بانتهاك لذة الزهراء (ع) بحجابها، وكذا حين طُبر رأس علي (ع) أثناء تأدية لذته بالصلاة والصوم، وليس بعيدًا معول الهدم لدى الموت الذي تأتي فصول هدمه متدرجة قبل الموت الفعلي حين يهدم حج حسينهم قبل يوم واحد من موعده الحقيقي.
العودة من الفاصل تكشف الستار عن رداء الإحرام الأبيض الذي توسم وسم بطل العرض بهذا اليوم فكان الضوء والصوت موجهًا له.
البياض الطاهر الذي كان يتفاخر بفرح بين أقرانه من الألوان والأقمشة لأنه المحظوظ الذي وقع عليه اختيار يد ابن بنت رسول الله الحسين ابن علي (ع) ليكون هو الكاسي لجسده بإحرام الحج والذي سيراه عليه الملايين من الناس الذين سيقصدون الحج هذا العام ليحجوا حجه.
يتبدل المشهد لمشهد أحرام بائس باكي حين ينكسر خاطره الذي انتظر طوال أربعة شهور ليسمع ترتيل الحسين وهو ينسج لوحة من الشكر في دعاء عرفة في غاية الجمال.
لكن آماله التي كانت تتأمل أن تسقط عليه دموع الحسين الخاشعة في اليوم التاسع من ذي الحجة تبدلت لتكون دموع حسرة وتسليم لأمر الله الذي اقتضى الخروج من مكة في اليوم الثامن من ذي الحجة وتبديل الحج لعمرة مفردة والحل من الرداء الأبيض ليظل في أرض مكة ليرتديه كل عام من يقيم حزنًا حج الحسين المهتضم.
فاصل ليس إعلانيًا
لكل المنتظرين والمستعدين لموعد العيد أو السفر أو الفرح؛ ارجوكم هونًا هونًا على مشاعركم حين تنكسر قبل يوم واحد منه، لأن هناك من هو أعظم منكم بكثير.
المشهد الأخير
بياض يتبدل بلحظة لسواد يملأ عالم الأرض على انكسار خاطر من لا تقوى السماء على كسر خاطره..
فهل تقوى أنت أيها المُشاهد للبث أن تتحدث بعد هذا اليوم عن الخواطر المكسورة التي تظن نفسك عالقة ضمنها أمام خاطره الذي لعمرك كم ذا ينكسر؟!
وحتمًا الجبر بالقادم..