الشباب كفاعل استراتيجي في الخطاب الوطني

ليس خفيًا أنْ تبدو العلاقة متينة بين صناعة الواقع، أيّ واقع، وبين طبيعة الخطاب الذي يؤسس الواقع ذاته.

فكلّما كانت قدرات الخطاب قوية وحيويته واسعة، فإنّ فرصًا كبيرة من التدفّق أو النموّ، تتشكل كواقع قادر على توفير مستويات متقدمة من التطوّر والحركة داخل المجتمع الإنساني الفاعل.

هنا تتعدد في عالمنا المعاصر أشكال الخطاب كمصطلح صار يتكرر في لغتنا وفي علاقاتنا الاجتماعية، فخطاب سياسي، وآخر إعلامي، وثالث ثقافي، إلى مصفوفة من نواتج هذا المصطلح الحديث نسبيًا في حياتنا.

وقبل عقود قريبة، يتذكر الجميع كم خادعت بعض أشكال الخطاب الزائف بعضًا من شبابنا، ونموذج ما عرف بـ«الصحوة» غير بعيد، بخطابه الإشهاري المعروف والحاشد ثقافيًا واجتماعيًا، وهو ما حاول إرباك المسيرة الوطنية التي بدأها الملك المؤسس «رحمه الله».

إلى أن أفشلت حكومتنا الموقرة بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي عهده الأمين الأمير محمد بن سلمان -حفظهما الله ورعاهما- جميع المخططات التي تستهدف الشباب الذين هم المكوّن الأهم في استشرافات المستقبل، وانطلقت مسيرة التنمية الأكبر في تاريخ السعودية بفكر وقيادة ورؤية صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان «رعاه الله».

في وضع هو الأكثر تميزًا، وحينما تزدهر معالم الخطاب الوطني، كونه الخطاب العابر لجميع أشكال وتصنيفات الخطاب الأخرى، لأنه خطاب استيعابي، وخطاب يحتوي الجميع، فإنّ الناتج الإجمالي لمقدّراته سوف تتناسب مع طبيعة ازدهاره، بينما تتكسر نصال كل خطاب يحمل روحًا تقاوم الخطاب الوطني.

السعودية – بفضل الله تعالى ثمّ باهتمام القيادة الرشيدة لبلادنا – تعيش بركات هذا الخطاب الجامع للخير المنجز، والمانع من هدر الموارد الإنسانية والمعرفية والاقتصادية التي تتميز بها السعودية.

في هذا المشهد المتألق، تدفع استراتيجية التنمية المبدعة بالشباب نحو تحولات ونقلات نوعية غير مسبوقة، لبلد يأتي ضمن مجموعة العشرين كرقم مؤثر سياسيًا واقتصاديًا.

العالم يؤكد أنّ الشباب في كل بلد ينجز بالعلم والمعرفة، وهذا يعيدنا إلى واقع التعليم لدينا، بقسميه العام والجامعي، وكذلك التعليم الفني، فنظامنا التعليمي لا يزال محتاجًا إلى تطوير وتوسيع، مع مراجعة حلقات الجمود التي لا توفر سمات المرونة والاستلهام داخله، ووزارة التعليم في موقع من يشفي صدر الإجابة.

إن تطوير التعليم الفني والتقني سوف يرشح عنه شباب مبدع في التكنولوجيا وصناعات الروبوت، أما الاكتفاء بتخصصات تقليدية، فلن يشكل فارقًا لافتًا، والرسالة هنا صريحة إلى المؤسسة العامة للتدريب التقني والفني!.

إن منجزات الشباب السعوديين عالميًا هي محل فخر، وعلى الوزارات المعنية بتعليم وتوظيف الشباب، أهمية استيعاب هذه القوة الأغلى معنويًا في سوق العمل وبتهيئة الظروف سيكونون الأثمن معنويًا وماديًا.

أبدًا، لا يمكن لفضاء شبابيٍّ أن يسطع ما لم يمتلك الواقع الذي يكون في استراتيجيته عنصرًا فاعلًا وليس منفعلًا، وشباب بلادنا جديرون بذلك، إذ هم مستقبل الوطن وهم حماة الحرم وهم ألماس السعودية.

ليالي الفرج
صحيفة آراء سعودية


error: المحتوي محمي