في كل عامٍ لنا بالعشر واعية
تطبق الدور والأرجاء والسككا
ما إن تحلّ ذكرى عاشوراء إلا وأعاد المؤمنون ضبط بوصلتهم نحو الحسين عليه السلام وحقن أدمغتهم بهرمون الحزن على رجل المبادئ والقيم، وأيقونة الشهداء ، ولأن مَن قال : “شاء الله أن يراني قتيلًا” شاءَ ربُه له الخلود وأن ترويَ دماؤه الطاهرة شجرة الدين لتبقى طرية ما بقي الدهر.
لنا مع الحسين قصة عشق..
قصة دمعة سقى بذرتها رسول الله صلى الله عليه وآله قبل شهادة سبطه بخمسين سنة وتعهدها الأئمة بالرعاية بعده وهي دمعة لا ترقأ أبدًا ” إن لقتل الحسين حرارة في قلوب المؤمنين لا تبرد أبدًا”..
هذه الدمعة ليست طقسًا ناتجًا عن عصبية أو طريقة للتعبير عن انفعالات نفسية وإنما هي مشروع يبني الروح ويوقظ مشاعر العزة والشموخ ؛ ولذا أكد عليها المعصومون عليهم السلام في أكثر من رواية : “فَعَلَى مثل الحسين فليَبكِ الباكون ، فإن البكاء عليه يحطّ الذنوب العِظام”.
كما “خُط الموت على ولد آدم مخط القلادة على جِيد الفتاة” خُط البكاء على الحسين في محاجر العيون وقد تفطن الظالمون على مر الزمان إلى خطورة هذه الدمعة الساكبة على الحسين فحاربوها وصوروها ضربًا من الجنون أو جَلْدًا للذات وأفعالًا لا تتناغم مع المنطق والعقل!
بكاؤنا على الحسين عليه السلام وعلى ما جرى عليه بكاء على انعدام الإنسانية والتجرؤ على مقام الإمامة..
بكاء لطمس أعداء الدين للمبادئ والقيم كما ورد في زيارة الناحية المقدسة : “لقد قتلوا بقتلك الإسلام” وهذا البكاء ليس صفقة تجارية وإنما هو حالة من الذوبان المتساوق مع جبلة الإنسان ومَن لا يبكي حسينًا منحرفٌ عن الفطرة لأن الحسين الذي أرخص دمه وعياله من أجل الدين والقيم والمبادئ سطر ملحمة الخلود فاستحق البكاء عليه :
تبكيك عيني لا لأجل مثوبة
لكنما عيني لأجلك باكية
وتبقى هذه الدمعة صرخة تستنهض داخلنا المبادئ والشموخ، وتغذي العاطفة الإنسانية وتضع أمامنا أجلى صورة للمثل الأعلى .
مجالس الحسين مدرسة لتهذيب النفس وتزكيتها وتنقيتها من شوائب الذنوب ناهيك عن دروس العزة والإباء والتضحية والكرامة وهي مصداق لما ورد عن الإمام الصادق عليه السلام : “إنّ تلك المجالس أُحبها فأحيوا أمرنا”.
لكل الأجيال القادمة..
احرصوا على هذه الدمعة الساخنة على الحسين واستشعروا وجود صاحب الزمان في مجلس العزاء وتذكروا الألم الذي يعتصره روحي فداه لتجري دموعكم مواساة له فهو المعزى وهو الخبير بما جرى على جده الحسين من فظائع يندى لها الجبين.
عن الإمام الرضا عليه السلام في حديث: (يابن شبيب! إن كنت باكيًا لشيء فابكِ للحسين بن عليّ بن أبي طالب عليه السلام، فإنّه ذبح كما يذبح الكبش).
اللهم ارزقني شفاعة الحسين يوم الورود، وثبت لي قدم صدق عندك مع الحسين وأصحاب الحسين الذين بذلوا مهجهم دون الحسين عليه السلام.