أيها الخطباء..

أعزاءنا الخطباء.. لا شك أن الأجندة تزدحم والقائمة تطول فيما تفكرون في طرحه على المنبر ونحن نستقبل شهر محرم الحرام شهر الحسين وشهر التضحية والعطاء والإصلاح والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

ولا أشك أن الكثير مما وضعتم في القائمة مهم وخطير فجوانب الإصلاح كثيرة وسبله عديدة والواقع ملآن بما يمكن الدعوة إلى إصلاحه من عقيدة وفكر ونواميس اجتماعية وغيرها.

ولكن أرجو أن تكون على قائمتكم دعوة للخير دعوة للعطاء في الجانب الخيري والتطوعي والقضاء على الفقر الذي ود أمامنا علي (عليه السلام) أن يقتله؛ فبين الفقر والجهل متلازمة غير منفكة كل منهما يقود إلى صاحبه فما وجد الفقر إلا قال للجهل والرذيلة وللكفر: خذوني معكم.

ويمكنكم الحديث والمساهمة في هذا المضمار من خلال ثلاثة محاور:
أولها: دعوة الناس إلى البذل المادي والمعنوي. إن الجهد الخيري في البلاد جهد كبير فهناك الملايين التي تجمعها وتصرفها عشرات الجمعيات الخيرية في منطقة القطيف. تصرفها على اليتيم والأرملة والفقير في مأكلهم ولباسهم وسكنهم ودراستهم فالشكر للمحسنين الداعمين واجب ودعوة غيرهم من المجتمع للعطاء أوجب. لا يزال هناك الكثير مما يجب عمله ولا تزال الأموال التي في أيدي هذه الجمعيات قاصرة عن حاجة الناس ولا تزال المشاريع متعثرة لنقص التمويل.

والدعم المعنوي مطلوب من خلال دعوة الناس إلى أن يجودوا بوقتهم فالوقت عديل المال كما يقال وقد قرن الله الجهاد بالنفس والمال في آيات كثيرة. كثير من الأنشطة الخيرية ينقصها الكوادر اللازمة للقيام بقائمة طويلة من المهمات اليومية والتطوع سمة ومؤشر على تطور الأمم ورقيها وقد عكست رؤية المملكة 2030 هذه الأهمية وجعلت من ضمن أهدافها رفع عدد المتطوعين.

بيّنوا للناس أهمية التطوع وثوابه. انشروا ثقافة التطوع بالوقت والجهد فهو لا يقل أهمية عن التبرع بالمال.

ثانيها: ادعوا الناس إلى متابعة الأنشطة الخيرية التطوعية ومحاسبة القائمين عليها. لا يكفي أن تتبرع ولكن اسأل ماذا فعلتم بالأموال التي دفعناها؟ أروني المشاريع التي أنشأتموها؟ أروني الكشوف والميزانيات التي اعتمدتموها. انشروا ثقافة الشفافية والمطالبة بها ومحاسبة المسؤولين واستبدالهم إذا عجزوا عن القيام بمهامهم. طبعا هناك آليات للقيام بذلك وليس بالفوضى والحديث غير المنضبط في المجالس والديوانيات. اذهب إلى مكتب الجمعية واطرح أسئلتك على اللجان. احضر في الاجتماعات الدورية وناقش الميزانيات المعتمدة. هذا الحراك التفاعلي الذي هو أساس النهوض والتقدم يكاد يكون معدوما.

ثالثها: ادعو الناس إلى الاقتصاد. إن الطفرة الاقتصادية التي نعمت بها بلدان الخليج من السبعينات قد آذنت برحيل. الطفرة التي غيرت حياتنا وأنماط سلوكنا في الاستهلاك توشك أن تنتهي لنعيش كما تعيش الأمم الأخرى. كنّا ننفق بلا حساب والآن لا بد أن ننفق بحساب وقد يكون حسابا عسيرا.

إن كثيرا من الأسر الفقيرة تعوزهم القدرة على ضبط مواردهم المالية أو يعوزهم التدبير وهذا يجعلهم عالة على المجتمع ولو اقتصدوا ودبروا أمورهم كما ينبغي لخرجوا من دائرة الفقر والعوز.

أيها الخطباء.. ادعو الناس إلى الاقتصاد والتدبير وحسن التقدير في معايشهم كذلك ادعو المتخصصين في الاقتصاد والتدبير المنزلي واقتصاديات الأسرة إلى تكثيف جهودهم في التوعية بأهمية هذا الجانب في محاربة الفقر وتقليل نسبه.

أسأل الله أن يكون الموسم موسم خير وبركة وعطاء.. قبسة من عطاء صاحب المناسبة.


error: المحتوي محمي