الصديقة عمر آخر

أمي حبيبتي صباح الخير وأنتِ كل صباحاتي
أمي غاليتي مساء الخير وأنتِ كل مساءاتي
أمي صديقتي كيف حالك يا أجمل صداقاتي
أرسل لكِ أصدق رسالة لأنك صديقتي المقربة وأنا صديقتك المخلصة وأهمس لكِ..

أتمنى أن أهديكِ صداقتي وكل ما في الصداقة من معنى، لكني ادركت أنه حينما تأتي صديقة العمر من دنيا الحياة تكون الصداقة أعمق، وحينها سيتدفق داخلك إحساس فريد، ففسحة البوح معها تكون أوسع، فأنا لا أكفي ولن أملأ فراغ الصديقة.

فمشاعر الصداقة أحاسيس تختصر المعنى ضمن الحروف، ضمن نبضات القلوب، وأسرار الكلمات، وقداسة الصداقة، ولغة الصداقة، التي تأتي بانسيابية بدون تكلف وبدون اختيار للكلمات.

فبدلاً من أن تملئي وقت الوحدة بالبوح لوحدتك عن الوحدة التي تعانيها، ستملئينه بصديقتك وبألذ فنجان قهوة ترتشفاه معاً، وبذكرياتكما وبسماع صوتها وبتأمل أحاديثكما، وبابتسامة ترتسم على شفتيك حين تهاتفك، فالصديقة هي من تعرف حجم فرحك وحزنك، ومثلها أنتِ، إذاً ستتحدثين أكثر.

لن أهديك قطة ثمينة لتؤنس وحدتك كما يفعل الغربيون، ولا كلباً وفياً يعوض عجزي عن التواصل معكِ باستمرار، أعلم أيضاً أنك تدركي انشغالي، ولأنكِ أمي فلن أكون أنانية التفكير وأجعل جل اهتمامي بنفسي وحياتي الخاصة، فكم أنفقتِ من عمرك وحياتك من أجلي وأجلهم، ولو عجزت أنا عن إهدائك صديقة فأتمنى أن يكون القدر أكرم مني.

أتمنى أن تكون صديقتك بقربك دائماً، أتمنى أن يأتيكِ صباحها ومساؤها قبل صباحي ومسائي، أتمنى أن يأتيكِ سؤالها كيف حالك اليوم قبل سؤالي، أتمنى أن تتبادلا الهدايا، فمهما كان ثمنها فقيمتها قلبية، وأن تلتقطا بعض الصور معاً لتملئي بها روحك وقت فراغها، أتمنى أن تريني تذكرة سفر لبلد ما أحببتما أن تقضيا به بضعة أيام تنسيكما بعض هموم الدنيا.

أعلم أن للصداقة أبعادًا لا تبحر في أعماقها إلا الصديقات، تعرف من نظرة العيون إن كنتِ سعيدة أم حزينة.

لن أتملكك يا أمي، فمهما أعطيتِ صديقتك لن ينقص من عطائك لي قطرة، ولن أستكثر عليك نوعاً من أنواع السعادة في الحياة، وتلك سعادة حقيقية أن تكون لكِ صديقة حميمة تشعرك بالأمان والطمأنينة معها، حينها سيكون لوجعك صوت وسيكون له دواء، فبعض الأوجاع لا يستحملها الأبناء، ولا يسمعها القريبون.

الصداقة قدر جميل يأتي صدفة بدون موعد، لكن تستمر المواعيد بعد تلك الصدفة، وكم أتمنى أن تعيشي تلك الصدفة.

قرأت ذات مرة: يطير الأصدقاء ليقفوا بجوار بعضهم.

لن أقول قدرك أتى متأخراً ولا كم بقي من العمر، ولا يا أسفي على العمر الذي مضى بدون صديقة،، لا لن أقول لأن الصداقة عمر آخر يأتي بكل قوته وصدقه واحترامه، خاصة إذا أتى متأخراً، يأتي بكل خبراته ونضوجه وبكل ثقة وأمان.

كم أتمنى يا أمي أن تقولي لصديقتك أحبك ولا أستغني عنك يوماً، بدون خجل من المحيطين بكِ، فما أجمل الحب الصادق بين الصديقات، وما أثرى تلك الكلمة في أعماق الروح، والتي لن تحتاجي لأكثر منها بوحاً، فداخل كل امرأة مخزون من الحب يكفي أن تكون به أماً وأختاً وابنة وزوجة وصديقة.

عبري عن مشاعرك بحرية، ضعي كفيك بين كفيها وكفيها بين كفيك وقولي أحبك واسمعي منها أحبك أنا أيضاً، حينها تبتسم لكِ الحياة ويخفق قلبك بالسعادة وتمتلئ روحك بالأمل، وكأنها تملأ كفيها بالماء وتسقيك.

لا تسمعي لمن يقول كبرنا على تلك الكلمة، فالأحاسيس الجميلة لا وقت لها ولا عمر ولا حدود، ولكِ الحرية في مشاعرك.

استمعي لها حتى لو أرسلت لكِ بيتاً من الشعر، إذاً، أنتِ تستحقيه منها وتذكرتك به وحرك مشاعر حبها لك، اهديها أنتِ أيضاً بداية أغنية كلماتها تشبهها، بل تشبهكما معاً، وأثارت مشاعر الصداقة والشوق إليها.

لا تدعي أحداً يقول لكِ “حركات صغار”، فأنتِ قبل كل شيء، والكل يحب ولكن بصمت، ما الفائدة!!

أشعري من تحبيها بحبك ولا تشعري بالتردد أن تهديها دعاءً أو شعراً، فلا أحد يستطيع أن يفسر تلك المشاعر سواكما.

لا تدمع عيناكِ عندما ينتقدك أحد من عمق صداقتك وقوة مشاعرك، لا أحد يستحق دموعك عندما يقضون على مشاعرك الجميلة، فأنتِ وحدك من تصنعي قرارك.

لا تطفئي روحك فقلبك دليلك، ولا تضيعي أيامك الحلوة بالوحدة، وفقط بتحية صباحية من المحيطين بك المنشغلين في أمور الحياة، حتى لو كانوا أبناءك، لتمضي باقي يومك تنتظرين متى يأتي صباح غد لتسمعي منهم صباحاً آخر، ويضيع العمر مع دمعة ساخنة على مرسى الانتظار، وأمل اللقاء.

صديقتك وأنتِ ستملآن فراغ بعضكما، وسيكون لكما بحر خاص تبحران به وقتما تشاءان بعيداً عن الوحدة والاكتئاب.

صديقتك وأنتِ ستنطقان بنفس الكلمة في نفس اللحظة وستزداد دهشتكما من التقاء أرواحكما دوماً.

حينها سأطمئن عليكِ وستزداد سعادتي لإدراكي أن هناك من أعادت لك ملامحك الجميلة.

فمن لا صديق له ليس لديه شيء.


error: المحتوي محمي