طالما ترقب ملايين العمال في السعودية قرارًا يقضي بتخفيض ساعات العمل الأسبوعية من 48 ساعة إلى 40، ساعة وزيادة أيام الراحة من يوم واحد إلى يومين في الأسبوع، هكذا تَرقُب كان بعدما أقر مجلس الشورى في شهر ربيع الثاني من العام 1435 هـ تغيير المواد 98,100 و104، من نظام العمل.
ومع أن مجلس الشورى لم يزل يطالب بتغيير المواد المذكورة إلا أنَّ النتيجة هي أن لا قرار حتى الساعة قد صدر من وزارة العمل، بالعمل بتوصية مجلس الشورى المذكورة وإلزام الشركات بهذا الإجراء.
ثمة أزمة حقيقية في فكر كثير من أصحاب المال ملخصها الجملة «نحن في شركة وليس في جمعية خيرية»، تعني هذه الجملة عمليًا أن استثمار العامل بأقصى طاقة ممكنة هو هدف استراتيجي، العامل في عين صاحب المال هو أداة إنتاج يشبه تمامًا أي ماكينة صناعية، وعليه فإنَّ الحديث مع هكذا فكر بلغة الجوانب الإنسانية والمسؤوليات الاجتماعية والأسرية التي ينبغي مراعاتها للعامل، هو حديث غير عملي في الغالب ولا يقود لنتيجة، هكذا هو الحال في معظم بلاد العالم ولا أستثني أحدًا.
ثورة النحيلات في الولايات المتحدة التي قامت بها العاملات في مدينة نيو إنجلاند بولاية ماساتشوستس الأمريكية في العام 1820 وما تلاها من الثورة المسماة بـ«خبز وورود»، ومئات الاحتجاجات العمالية الأخرى في كثير من البلاد الغربية التي تهدف لتحسين ظروف العمال بتقليل ساعات العمل وتحسين الأجور، كلها لم تفلح في إقناع أصحاب المال بشيء، لم تتحسن ظروف العمال إلا حينما تم فرض قرار ملزم لهذه الشريحة بتقليل ساعات العمل وتحسين ظروف العمال.
والحال هو الحال لدينا في السعودية، ليس من المنطقي ولا المحتمل أن تبادر الشركات بتقليل ساعات العمل وسن قانون يومين للإجازة الأسبوعية من تلقاء نفسها، وليس لدعوات مجالس الشورى ومئات المقالات تغيير شيء، الحل هو تمامًا بيد وزارة العمل وهي وحدها ما يمكن أن تعالج هذا الأمر، ودون ذلك فليس ثمة حل يمكن له تغيير شيء.
في اعتقادي أنَّ وزارة العمل هي القادرة على إنهاء معاناة ملايين العمال السعوديين وغير السعوديين الموجودين في السعودية من طول ساعات العمل ويوم الإجازة الواحد، وليس ثمة ما يدعو إلى التأجيل في ظل مباركات ودعوات متكررة من مجالس الشورى بتحقيق ذلك.
من هنا فالأمل كبير في وزارة العمل بتحريك المياه الراكدة وتحقيق هذا المطلب المهم والإنساني، الذي – لا شك – سينعكس إيجابًا على كل المواطنين والمقيمين، وسيمنح القطاع الخاص جاذبية أكبر للعمل من المواطنين.
كاتب رأي – آراء سعودية