بديوانية سنابس.. الكتابة تحت المجهر وآل درويش ينتقد وضع التعليم في القرن 21

طالب المحاضر أحمد قاسم آل درويش بتغيير نهج الكتابة في القرن 21 من مجرد إفصاح وتعبير عن رأي الكاتب، وتحويلها من مجرد عرض إلى نشر أفكار ومسلمات، مع الوعي بأنها نوع من التحدي لمعرفة مدى صحة المعلومات التي تتعدد مصادرها سواء كانت من العلوم الإنسانية أو معلومات تاريخية.

وأكد على أهمية توصيل الكتابة بطريقة مؤثرة من الكاتب الذي يفكر ويفهم العالم من حولنا، من خلال النص الذي يكتبه للقارئ، لتبدأ مرحلة تغير الأفكار، منوهًا بضرورة وجود القيمة المرتبطة بالمعلومات التي تكون متراكمة وممتدة عبر الثقافات المتعددة مع الزمن.

جاء ذلك في حديث آل درويش في لقاء الجمعة الماضي بديوانية سنابس، والمنظم من لجنة التنمية الاجتماعية الأهلية، للحديث حول ” دور الكتابة في القرن الواحد والعشرين” بحضور عدد من المهتمين بالشأن الثقافي والاجتماعي.

استهل اللقاء المحاور سعيد الحداد، مرحبا بالحضور، والذي بدوره عرف بالسيرة الذاتية لآل درويش والانجازات العلمية والعملية التي حققها.

وأعطى المحاضر في بدء حديثه لمحة تاريخية عن جذور الكتابة وأهميتها – بوجود اللغة – مع كبر البيئة وتعاقب الزمن، في وقت كان حفظ اللغة والثقافة بالتدوين، كونها وسيلة لحفظ المعلومات ونوع من المشاركة والتواصل بين الناس ونقل الاحداث والمعلومات بصورة صحيحة بكل تفاصيلها.

وانتقد وضع الكتابة في التعليم العام، وسط ما يعانيه الطلاب والطالبات من غياب مادة التعبير، وعدم وضوح المناهج الخاصة المقدمة، وإن وجدت فمدة تقديم المادة – 45 دقيقةً – ليست كافية أسبوعيًا، وسط تعليمها بطرق تقليدية، مع غياب دور المكتبة في المدرسة والقراءة الحرة لتعزيز الكتابة.

وكشف المحاضر عن دراسة تبين واقع الكتابة عند الطلبة العرب المبتعثين إلى جامعة ميتشغان الأمريكية، مع مثلهم من الطلبة الأمريكيين، حول القدرة على الكتابة، حيث أظهرت نتائجها وجود ضعف التفكير لديهم، وسردها غير واضح، وركاكة المحتوى والخاتمة، بالإضافة إلى أنها مبهمة في عرض الأفكار، مع عدم وضوح رأي الكاتب فيها.

ومن جهته انتقد الدكتور حسن العبندي الدراسة التي ذكرها المحاضر التي تقارب الطلاب المبتعثين والأمريكيين، حيث وقع في خطأ التعميم، داعيًا إلى الدقة عند الخروج بالفروقات كون الطالب العربي يختلف حسب البلد الموجود فيه والمرحلة الدراسية، وعند تعميم معلومات هناك طرق علمية لابد من اتباعها عند عرض أي دراسة، رد عليه آل درويش بقوله: “بإن هذا مؤشر فقط وليس تعميم لأنها قدمت إلى 50 طالبًا فقط”.

مداخلات
وتعددت المداخلات والتساؤلات من الحضور، افتتحها مدير اللقاء سعيد الحداد، حيث سأل آل درويش كمحاضر في كلية المانع كيف يرى مستوى التعبير عن الأفكار لدى الطلبة وما الحل لها؟

أجاب آل درويش بقوله: “يعاني الطلاب من قلة المخرجات، مع عدم النظر إلى المحتوى الكتابي، الذي يغلب عليه الوصف أكثر من الإضافة إلى الموضوع، نتيجة غياب دور القراءة، كما أننا نجد ضعف في محتوى الأفكار وتنظيم الكتابة وتحليلها.

عالج نفسك بالكتابة
من جانبه أكد الاختصاصي النفسي أحمد آل سعيد على دور الكتابة في تخفيف وطأة بعض الأمراض النفسية، مركزًا على الاكتئاب، وكيف تتولد الكتابة من رحم المعاناة عبر التعبير بما يجول في مشاعر المريض والتفريغ عنها بشكل إيجابي.

كاتب ورأي
من جانبه اعتبر الكاتب حسن آل حمادة الكتابات المقدمة في الساحة الأدبية أغلبها لا تمثل رأي الكاتب وهويته، لأنه يعتمد على جمع الآراء والخوف من النقد الاجتماعي، لافتًا إلى أن الكتابة ليست عملية فطرية وموهبة فحسب، بل تحتاج إلى صقل وتدريب، معتبرًا القراءة عملا نخبويًا مع غيابها عند الناشئة والطلبة، مشددًا على ضرورة توفر مكتبة مدرسية ومنزلية.

وأشار الفنان التشكيلي عبد العظيم آل شلي إلى كتاب الدكتور أحمد المعتوق “الحصيلة اللغوية وأهميتها”، الذي تطرق فيه إلى ضعف التعبير عند طلبة الجامعة، وتناول فيه عدة شواهد منها أن الطلبة بعد تخرجهم من الجامعة يكون عندها خلل في الكتابة، وحتى الإنشائية التي تكون أسهل الكتابات.

وتناول آل شلي مسألة اختلاف الكتابة لزمنين، بينهم عقدين من السنوات، حيث وجد سابقًا بروز دور الصحف الحائطية في الأندية والمدارس، التي كانت ميدان سباق بين الأندية والمدارس كأنشطة للمواد وهذه خلقت جيل رائع في الكتابة.

وذكر الصحفي سلمان العيد الفرق بين الكتابة الأدبية التي تعتمد على الخيال في الفكر، والعلمية التي تناقش الأفكار، منوهًا أنه لاحظ من الصعب الجزم أن جميع الكتابات في الجانب العاطفي بل يوجد عقلانية وواقعية في الكتابات المتداولة.

وأكد العيد أن المنتج من الكتاب العربي يستطيع منافسة المنتج الأجنبي، كما أن الكتابة تمثل جمع وتحليل المعلومة ورصد التاريخ، مشددًا على دور معلم اللغة العربية في زرع حب الكتابة والأدب والإبداع للطلبة، متسائلا: إذا كان المعلم لا يطور نفسه كيف نجد الطالب ومن يرشده؟

ودعا محمد آل عمير إلى لمس الجانب الجمالي في اللوحات التشكيلية والفوتوغرافية، والتبحر في مضامينها الذي يقود إلى الكتابة، والرجوع إلى الثقافات، ومعرفة اللغة التي تعطي أبعادًا علمية واسقاطها على الفنون المفاهيمية والتجريدية، وترجمتها لبناء علوم جديدة.

من جانب آخر شهد اللقاء تكريم خاص لأعضاء جمعية البر الخيرية بسنابس بقيادة عبدالله العليوات وشكرهم على عملهم الدؤوب، من إدارة لجنة تنمية سنابس برئاسة أمجد الحبيب، على ما قدموا من عمل مخلص لخدمة أفراد وأسر بلدة سنابس، وختم بتكريم الضيف أحمد آل درويش على قدم من معلومات أثرت الجميع.


error: المحتوي محمي