تدور عجلة الزمن بغموض لا يدركه العقل ولا يفسره الحدث، تدور لتظهر لنا ما كنا لا نراه وتشرح لنا ما لا نفهمه.
من العلو إلى القاع ومن القاع إلى السماء بين يسر وعسر، راحة وألم، فرح وحزن.
تجري إلى مستقرها بين القضاء والقدر تتأثر بربانها الذي الهمته السماء صلاحها وزودته بما يرد قضاءها ويغير مجراها وصورت له بؤسها ويأسها في حال فسوقها.
بل كان هو بوصلةُ إبحارها وسبيل نجاتها، كان الدقة في دورانها والنظام في مجراها.
لكن..!
ماذا إذا كان لا يدرك ذلك، ماذا إذا كان لا يدرك كبر مسؤوليته ولا يفهم عمق غايته؟
ماذا إذا لم يحدد محطات حياته، ماذا إذا لم يبنِ السور الذي يحمي قيمة حاجاته، ماذا إذا لم يصل إلى عمق العلة من خلقه.
ما بالنا سلمنا زمام الأمور لغيرنا، وارتضينا ما يفعلون في أنفسنا.. ما بالنا وقفنا كالمتفرجين نراقبُ ونتبع دون معرفة حال ولا علم يقين.
ما بالنا تركنا عجلة زماننا تدور بنا بجهل.. تأخذنا حيث تريد وتبحر بنا حيثما تشتهي، ما بالنا لم نربطها بعلةِ خلقنا.. بعبادتنا..!
أجل تلك العبادة التي ليست فقط على سجادة صلاتك.. ولا في مال زكاتك ولا في إحسان صدقاتك.. بل هي أعمق من ذلك.. هي التي يجب أن تكون في كلماتك وهمساتك وأفعالك وحركاتك في مشيتك وفي مجلسك..!
إذا كان كلام الكذب نفاقًا فكلام الصدق هو العبادة.. إذا كان الإعراض عن المحتاج سوءًا فالابتسامة على بساطتها عبادة.. إذا كان المختال في مشيته منبوذًا فالتواضع فيها عبادة… إلخ.
لتكن عبادتك في حسن منطقك وفي غض بصرك وطيب تعاملك.. في حفظ أمانتك وسداد دينك.. في وفائك وإيثارك في عفوك وإحسانك إلى من أساء إليك!
لتكن عبادتك هي نقاء قلبك من سواد أحقادك، فكل عملٍ له فيض أثر.. فاسع دائماً أن تكون أعمالك خيرًا لِترى فيض آثارها الطيبة عليك وتستنشق عطر عبير في حياتك..!
لكي تقود عجلة زمانك بنجاح لابد أن تظهر مضمون عبادتك في كل أمورك الحياتية لتنال بها طيب الأثر وتبلغ منها علو المعرفة..!