اعتدنا حال إنجاز أبنائنا وبناتنا مهامهم المدرسية أو المنزلية أن نرويهم بالثناء، وقد يكافئ البعض نظرًا لوعد أودعه لهم، وهو من السلوكيات التي تبرمجنا عليها منذ صغرنا ونتائجه من المؤكد إيجابية على النفس والأداء، حيث أجرى باحثون بجامعتي شيكاغو وستانفورد مشروعًا تعاونيًا للتعرف على تأثير كلمات الثناء التي يقدمها الوالدان أثناء مرحلة التكوين لأطفالهم بين عامين وأربعة أعوام، وجد أن الأطفال الذين تلقوا كلمات الثناء قبل تخطيهم المشي أقرب لاختيار المهام الصعبة ونسب النجاح والفشل إلى حجم الجهد المبذول واستحداث إستراتيجيات للتحسين من سن سبعة إلى تسعة أعوام.
من هنا ندرك أن تقديم الثناء يجعل الأطفال تفكيرهم ثابت عند حد الانتهاء من المهمة التي ستتضمن الثناء الذي يريحهم، لكن من زاوية أخرى إذا فرضنا أن طفلنا لم يتمكن من إحراز الدرجة المطلوبة أو أنه لم يوفق في تنفيذ المهمة الموكلة إليه، فما هي ردة فعلنا كوالدين نود أن يكون أطفالنا يفكرون ويتصرفون بذكاء حال حدوث أي مأزق وألا يداخلهم شعور الإحباط حين الإخفاق في أي عمل.
غالبًا يأخذ الوالدان منحى التعاطف مع الأطفال، في محاولة منهم أن يُذهبوا عنهم الحزن أو القلق الذي ينتابهم متوقعين نتائج أفضل، لكن احتمالية الوقوع في الفشل متوقعة إذا لم يبحث الوالدان في الخطوات التي يترتب عليها إخفاق طفلهم، كما أن متابعة خطوات النجاح التي حققها الطفل ذات أهمية، فمن خلالها يتم تطوير خطوات أخرى تزيد من مهارات التفكير لدى الطفل.
فنحن نقول ما نجده مناسبًا للطفل لا ما يطور تفكيره بعد التنفيذ، فيكون الثناء لتعزيز السلوك أو تحسينه أو إقراره، ولا نتأمل ما يحصل في تفكير الطفل بعد الثناء وسيفقد المتعة المتعلقة بالإنجاز لأنه حقق المطلوب فليس هناك داعٍ لبذل مهارات تفكير أو تدريب أكثر، إننا نوصل من خلال كلمات الثناء التي نقولها لأطفالنا، وإن كانت من غير قصد؛ أن ما تملكون من قدرات هي سمة ولدتم بها، هذا ما يتولد في أذهان أطفالنا فيكون أول إخفاق لهم عامل تدنٍ في القدرات ومسببًا للقلق والإحباط.
ولنقرب مثالًا مما نعنيه أحرز موسى درجة عالية في مادة الرياضيات وحين اطلعت والدته على درجته شعرت بالفخر فقالت له: “أنت موهوب بالفطرة يا موسى”، وكان من الممكن التركيز على أدائه وأن تقول: “اهتمامك بالمادة يا موسى مكّنك من إحراز هذه الدرجة العالية”، هنا يكمن الفرق بين العبارتين؛ العبارة الأولى يكون تفكير موسى ثابت عند حيز الموهبة، أما العبارة الثانية تعزز رغبة موسى للتعلم أكثر.
فالثناء على المجهود أو الإستراتيجية أو المثابرة يُعين أطفالنا على تطوير التفكير، فإبراز خطوات العمل الذي قاموا به طوال الطريق أفضل من إبراز نتائج العمل لديهم.