قلت لولدي الصغير إذا أرادَ أن يكونَ غنيًا، لديه الكثير من المال، فليكن تاجرًا يبيع الأشياءَ للفقراء. ليس لدى الفقراء خيارات عدة في الأماكنِ والأسعار إلا الشراءَ من الذي يبيعهمْ بالسعرِ الذي يريد. بينما التجارة مهنةٌ نظيفةٌ وسمعةٌ ووجاهة، لا تضاهيها أي مهنة أخرى في الربح.
اشتريتُ غرضًا صغيرًا يومَ أمس بستة ريالات، ولمّا عدت ثانيةً للتاجر لم أجد المزيدَ من ذاتِ اللون. طفتُ على تاجرٍ آخر وكان سعر الغرض عشرة ريالات. كانت دهشتي أكبرَ مما استطعت أن أخفيها، الغرض ذاته بزيادة أكثر من 66 بالمائة ومسافة لا تتعدى الألف متر! ولأنني حشري الطبع، سألتُ التاجرَ: لم هذا الفرق الكبير؟ قال: هذا السعر لمن يشتري بالدين، أنتَ لك نقداً بثمانية ريالات. سألته ألا يدفع من يأخذ بالدين؟ قال بلى ولكن أنا أقضي حاجتهم وأعطيهم بالدين عندما يأتون نساءً ورجالاً وليس عندهم الثمن حاضراً، فمن السذاجةِ أن أبيعهمْ بسعر النقد.
لا أعرف تجارةً تساوي المعروفَ عندما يتضاعف سعرها أكثر من أيِّ مصرفٍ تأخذ منه قرضاً! هكذا يزداد الفقيرُ فقراً بصورةٍ مشروعة ويزداد التاجرُ مالاً بطريقةٍ مشروعة. فإن أردتَ أن تصبحَ فقيراً فعليك الاقتراض ممن يعتقد أنه يقدم لك خدمةً من التجار والمصارف، وإن أردتَ أن تكون غنياً كن أنت التاجر الذي يساعد الفقراءَ ويبيع لهم بالمؤجلِ مقابلَ نسبةٍ مضاعفةٍ من الربح!
في بعض الأمثال الشعبية الجمالُ والحكمة، ومن بينها “على قد لحافك مد رجليك”، فإن تعددت الشروحاتُ للمثل فكلها تعني أن مالَ الاستعارةِ لن يكفيك وإن كفاكَ لن يأتي دونَ ثمن، فإن استغنيتَ عن ثوبِ الاستعارة خيراً فعلت، إذ ليس أفضلَ وصفةٍ وأقربَ طريقٍ للفقر من الاستدانة، وليس أفضل وصفةٍ للغنى من الاقتصادِ والاقتصار على ما يلزم.
كان عندي صديق سأل أحد الأغنياء كيف أصبح غنيًا؟ فأجاب الغني: متى ما احتجت حذاءً ولم يكن عندي سوى ريال واحد اشتريت حذاءً بريالٍ واحد، ومتى ما كان عندي عشرة ريالات، اشتريت حذاءً بعشرةِ ريالات، وهكذا صرت غنيًا.