هل خططت لإجازتك؟
هل ستكون لهذه الإجازة لمسة في بناء شخصيتك؟
أم أنك ستتخذ من الإجازة فرصة للراحة من ضغوط العمل والدراسة؟
قبل الإجابة عن هذه الأسئلة دعني أقول لك إننا جميعًا بحاجة إلى إجازة، لما لها من أهمية حيث إن لها الأثر الإيجابي على صحتنا الجسدية والنفسية، ورفع كفاءة العمل وزيادة الإنتاجية. ومن جانب آخر فإن للإجازة فائدة في تعزيز الروابط العائلية. وتشحنك بالإيجابية والسعادة. وهذا لا يتحقق إلا عندما نخطط للإجازة واستثمارها بالطريقة الأفضل من خلال:
الابتعاد عن الأعمال السلبية:
قال تعالى: {وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ} [المؤمنون: 3]…
من أعظم السلبيات أن تعيش حالة من (اللغو) أي أن تمارس أعمالًا سلبية. وتكون وظيفتك في الإجازة فقط التنظير وتناول الطعام ومشاهدة التلفاز أو التصفح الفارغ عبر وسائل التواصل. وهذا ما يكسبك صفة التقاعس ويجعلك على مقربة من الخمول والكسل وربّما اعتياد الجلوس لساعات طويلة ممارسًا أعمالًا لا فائدة منها، فقد ورد عن الإمام علي (عليه السلام) قوله: “من اشتغل بغير ضرورته فوته ذلك منفعته” (1).
السهر دمار الصحة
يعمد الكثير من الناس إلى السهر حتى الصباح الباكر، والنوم طوال ساعات النهار، وهذا يؤدي إلى اختلال في إفراز الكثير من الهرمونات ويضعف الجهاز المناعي ويضر بالجهاز التنفسي والدوري.
لذلك لابد من العودة للطبيعة والنوم بشكل صحيح يقول تعالى: {وَجَعَلْنَا نَوْمَكُمْ سُبَاتًا} [النبأ: 9] جاء في تفسير الأمثل: “ويحمل وصف «النوم» بالسبات إشارة لطيفة إلى تعطيل قسم من الفعاليات الجسمية والروحية للإنسان عند النوم”.
ويعطي التعطيل فرصة: لاستراحة أعضاء البدن.. لتجديد القوى.. لتقوية الروح والجسد، لتجديد النشاط ورفع أيّ نوع من التعب والآلام، والاستعداد لتقبل المرحلة القادمة (بعد النوم) بفاعلية ونشاط متجدد (2).
الفراغ يقتل المواهب
روي عن الإمام موسى الكاظم (عليه السلام): إن الله جل وعز يبغض العبد النوام الفارغ (3).
إن أهم سلبيات وقت الفراغ تتمثل في عدم قدرة الفرد على استثمار وقته، مما يؤدي إلى قتل روح التجدد والإبداع لدى الفرد وبالتالي عدم القدرة على تنمية وتطوير قدراته الشخصية.
روي عن الإمام علي (عليه السلام): “إن يكن الشغل مجهدة فاتصال الفراغ مفسدة” (4).
وعنه (عليه السلام): “مع الفراغ تكون الصبوة” (4).
لذلك لتكن إجازتك خالية من أوقات الفراغ ومليئة بالعمل والنشاط.
اكتساب مهارات جديدة
مهما كانت إجازتك قصيرة أو طويلة فعليك أن تستثمرها لاكتساب مهارات جديدة، يقول الإمام علي (عليه السلام): “الناس أبناء ما يحسنون” (5).
وأقترح عليك أن تحدد المهارة التي ترغب في اكتسابها ثم ابحث في شبكة الإنترنت عن مصادر لتعلّم هذه المهارة، فهنالك العديد من دورات الإنترنت المجانية وورشات العمل التدريبية التي تتناول مختلف المواضيع وتسهم في اكتساب مهارات جديدة.
كلما كانت مهاراتك أكثر كنت كما قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): “أكثر الناس قيمة أكثرهم علمًا، وأقل الناس قيمة أقلهم علمًا” (6).
كن اجتماعيًا
روي عن الإمام علي (عليه السلام): “خالطوا الناس بألسنتكم وأجسادكم، وزايلوهم بقلوبكم وأعمالكم” (7).
هناك من يستفيد من إجازته ليعيش ويتعرف على أبناء مجتمعه ويكون جزءًا فاعلًا في حيه من خلال المشاركة في المناسبات الاجتماعية والفعاليات المحلية المختلفة التي تقام فيه. ولا شك أن المشاركة في مثل هذه الأنشطة تسهم بشكل كبير في توسيع شبكة علاقاتك وتطوير مهارات التواصل لديك وتقوي شخصيتك.
هكذا تكون إجازتك إضافة جديدة في حياتك.
الهوامش:
(1): ميزان الحكمة – محمد الريشهري – ج 4 – الصفحة 2791
(2): تفسير الأمثل، آية الله العظمى الشيخ ناصر مكارم الشيرازي.
(3): ميزان الحكمة – محمد الريشهري – ج 4 – الصفحة 3405
(4): ميزان الحكمة – محمد الريشهري – ج 3 – الصفحة 2412
(5): ميزان الحكمة – محمد الريشهري – ج 3 – الصفحة 2066
(6): ميزان الحكمة – محمد الريشهري – ج 3 – الصفحة 2066
(7): ميزان الحكمة – محمد الريشهري – ج 3 – الصفحة 1978