وُلِدَ الزَّكيُّ المُجتبى وتلألأت
أنوارُهُ في الخافقين وأزهرا
فبهِ نُهنِّي المُرتضى مع فاطمٍ
وبِهِ نُهنِّي المُصطفى خيرَ الورى
في أوَّلِ السِّبطين بانَ سُرورُهُ
والدِّينُ مِن ألَقِ المُحَيَّا استبشرا
ماذا عسايَ بأن أقولَ بمدحِهِ
وهوَ الذي منَحَ المكارمَ مِنبَرا
أيُحِيطُ شعري كُنهَهُ كلاّ و لا
بمُجَلّداتٍ كنتُ أبلُغُ أسطُرا
مَن كان في القُرآنِ جَاءَ مديحُهُ
أترى لِمثلي أن يَزيدَ و يُكثِرا ؟!
فَبِآيةِ التّطهيرِ أوضحَ ربُّنا
لمَّا أزالَ الرِّجسَ عَنْهُ و طهَّرا
و بهِ وبالمَولى أخيهِ نبيُّنا
باهى وباهلَ مَن هُناكَ تنصَّرا
و بِآيةِ القُربى إليهِ مَودَّةٌ
وجبَت و مَن يُبدي الخِلافَ تأخَّرا
هوَ غُصنُ أفضل دوحةٍ وُجِدتْ على
أرضٍ وفيها الذِّكرُ جَاءَ مُذَكِّرا
هوَ منبعٌ لمكارمِ الدُّنيا وقد
أعطى لها بينَ البريَّةِ مَظهرا
نصَّ النبيُّ عليهِ قَبْلَ تسلُّمٍ
لِإمامةٍ لَمَّا بذلكَ أخبَرا
ولقد أشادَ بفضلِهِ ومَقامِهِ
بينَ المَلا وبِحُبِّهِ قد أجهَرا
هذا كريمُ الآلِ مَن بعطائهِ
و بجودِهِ الدَّفاقِ يحكي الأنهُرا
ما رامَهُ ذو حاجةٍ إلاّ رأى
مِنْهُ النَّوالَ ولَم يجِدْهُ مُقَصِّرا
عن وصفِ جُودِ ابنِ النبيِّ تقاصَرت
أقلامُنا والفكْرُ فِيهِ تحيَّرا
إنَّ المناقِبَ إن تكُن في ساحِهِ
فهوَ القَمِينُ بها وكانَ الأجدَرا
حازَ الكمالَ و نالَ كُلَّ فضيلةٍ
و لَدَى المعالي شأنُهُ لن يُنكَرا
ما عابَهُ صُلحٌ مَعَ الخصمِ الذي
ألوى على الغدرِ القديمِ و أضمَرا
و عليهِ ضيّعَ ما يرومُ بحكمةٍ
كشفت غويّاً غادراً مُتَجبِّرا
بالصُّلحِ مَهَّدَ للحسينِ طريقَهُ
ليخوضَ مَلحمةَ الفِداءِ مُزمجِرا
و هو العليمُ بما أتاهُ وكانَ في
أمرٍ سدِيدٍ حازَ مِنْهُ مَفخَرا
هوَ معدِنٌ للعلْمِ والحِكَمِ التي
مِن طِيبِها في الرَّوضِ فاحت عَنبَرا
قد كانَ يسألهُ أبوهُ مَسَائلاً
فيراهُ بحراً في العُلومِ و مصدرا
يتنزَّلُ الوحيُ الأمينُ لجدِّهِ
لِيُنِيلَهُ اِسماً جميلاً نيِّرا
و عليهِ قد أجرى النبيُّ مَراسِماً
بقيَت و تَبقى للبريَّةِ أدهُرا
طابت مآثرُهُ السَّنيَّةُ إذ بها
طابَ الحديثُ و ذِكرُها قد عُطِّرا
شهِدتْ لَهُ سُوحُ الوغى بمواقفٍ
إذ قامَ للجملِ المشُومِ لينحرا
مَن ذَا سَيرميهِ بِجُبنٍ بعدما
في النَّقعِ أشبَهَ في الكريهةِ حَيدرا
عرَفَ المُهيمنَ فارتقى بعبادةٍ
فيها يُمَجِّدُ خالقاً و مُدَبِّرا
يمشي على قدَميهِ يقصُدُ بيتَهُ
يرجو الإلهَ بأن يَمُنَّ و يغفِرا
قالوا و ترتعِدُ الفرائصُ إن أتى
لِصَلاتِهِ و الّلونُ مِنْهُ تغيَّرا
و هوَ الحليمُ و لو تَحَمَّلَ غيظَهُ
جبلٌ لَخَرَّ و في البسيطةِ بُعثِرا
قد سادَ شُبَّان الجِنانِ كما أتى
عن جَدِّهِ ذاكَ الحديثُ وبشَّرا
صَلَّى عليهِ اللهُ ما هَبَّ الصَّبا
أو قامَ عَبْدٌ لِلصَّلاةِ و كَبَّرا