الله الله في الزكاة

من جلائل وصايا علي (ع) التي أوصى بها أولاده، وأوصى بها جميع المسلمين وهو على الفراش مسجى قال: “الله الله في الزكاة فإنها تطفئ غضب ربكم”.

وهذه الكلمات يريد (ع) بها أن يحقّق غرضين دفعةً واحدة، الغرض الأول يتعلّق بنفس الإنسان، لأنّ الإنسان الذي يُنفق ويتصدّق ويُعطي من ماله، هو يتطهّر ويتزكّى من خلال هذا الإنفاق، ولذلك ورد في الآية الكريمة: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا}.

وهناك الكثير من المؤمنين الذين يهتمون بالسير والسلوك، التي تقرّب إلى الله سبحانه وتعالى، ويمكن أن يتطرّقوا إلى أعمال قد تكون شاقّة جسديّاً، ولكن يغفلون عن الزكاة والإنفاق في سبيل الله.

أيها الأحبة إننا عندما ننفق، فنحن المستفيدون في الدنيا قبل الآخرة، فقد يظنّ البعض ممّن لا يؤمن بالغيب أنّه لو أنفق من هذا المال الذي بحوزته وأعطى منه فقيراً أو محتاجاً فإنّ مقدار هذا المال الموجود لديه سينقص، وذلك طبعاً بحسابات أهل الدنيا، إلا أنّه في الواقع فإنّ هذا المال يزيد بتزكية الله له، وجعل البركة فيه، يقول تعالى: {يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ}، بل وفيه أيضا دفعٌ للبلاء الذي قد يكلف الإنسان الكثير من المال الذي احتفظ به، ولم ينفق بعضاً منه، كأن يمرض مرضاً شديداً، وكان بإمكانه دفعه لو أنفق في سبيل الله، ولذلك ورد عن الإمام الباقر (ع) قال: “الصدقة تدفع البلاء المبرم فداووا مرضاكم بالصدقة”.

الغرض الثاني هو المساهمة في معالجة المشاكل الاجتماعية المستعصية التي يعيشها الناس عموماً ففي كلّ مجتمع بشريّ فقراء وأغنياء، مكتفون ومحتاجون، وأناس قادرون على العمل وآخرون عاجزون عن العمل…

وللتشجيع أيضاً على تحقيق الغرض الثاني (أي المساهمة في معالجة المشاكل الاجتماعية)، نجد أنّ الإسلام لم يشجّع فقط المتصدّقين أنفسهم، بل وعد به أيضاً من يسعى في تأمين الصدقة، ومن يحمل الصدقة من المتصدّق إلى اليتيم أو المحتاج أو الفقير، فقد روي عن رسول الله (ص): “من مشى بصدقة إلى محتاج كان له كأجر صاحبها من غير أن ينقص من أجره شيء”.

ومما يثلج القلب ما تقوم به بعض اللجان في قطيف الخير فقد تمكنت لجنة كافل اليتيم بخيرية القطيف من شراء وبناء 28 مسكنًا، وتحسين وصيانة 147 مسكنًا آخر، بتكلفةٍ إجمالية قدرها 15 مليونًا و960 ألف ريال.

وهذه اللجنة المباركة تستعد لإطلاق الحملة الرمضانية السادسة لشراء 5 مساكن لأسر الأيتام، والتي تشمل المناطق الواقعة ضمن نطاق الجمعية.

فعلينا جميعًا أن نتعاون ونتكاتف لتحقيق وصايا علي (ع) التي منها الله الله في الزكاة.. وكذلك.. الله الله في الأيتام..

———————

اللّهمّ لا تدع خصلةً تُعابُ منّي إلاّ أصلحتها، ولا عائبةً أُؤنّبُ بها إلاّ حسّنتها، ولا أُكرومةً فيّ ناقصةً إلاّ أتممتها، برحمتك يا أرحم الراحمين.


error: المحتوي محمي