نبارك للمؤمنين جميعاً وفي كل أرجاء الدنيا ذكرى المولد الشريف لسبط النبي محمد صلى الله عليه وآله الإمام الحسن الزكي (عليه السلام)، وندعوا الله أن يعيده علينا أعواماً كثيرة ونحن في خير وصحة وعافية، ونود هنا بهذه المناسبة أن نعرج على بعض من الممارسات التي ظهرت متقاربة أثناء فعالية هذه المناسبة الشريفة وعكّرت أجواءها، وأخذتها وأخذتنا إلى حيث لا يرضاه الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وآله.
وبعض هذه الممارسات جلية واضحة، ونحن نذكر بعضها فقط هادفين إلى اقتراح ما يمكن أن يحد منها ويعطلها بالتدريج.
ما هو مزعج ومؤلم أولاً هو ذلك المنظر البشع والمزعج جداً والمتكرر ليلياً في شهر رمضان، ويزيد بشاعة وإزعاجاً أضعافاً في مناسبة المولد الشريف، وما يصاحبه من مناسبة جميلة وهي الناصفة أو القريقعان، حيث تعكر صفوها هذه الدبابات السائبة بأصحابها على غير هدى، وإلى غير دليل وسبيل.
مناظر بعيدة كل البعد عن التحضر والأخلاقيات التي جبلنا عليها في قطيفنا الغالية والتي تربّينا فيها على القوامة والصلاح لنكون على منهج “كونوا زينًا لنا”، وإذا نحن شينٌ على من قالها (عليه السلام) مخالفين نهجه وهداه ومبتغاه.
للأسف نحن جميعًا نشترك في أسباب انتشار هذه الظاهرة السلبية جداً، وخاصة الآباء وأولياء الأمور الذين هم السبب الأول لما وصلنا له اليوم، وما حصل من فواجع بسبب هذه الظاهرة الممقوتة والبعيدة عن المبادئ، والخارجة عن القوانين التي تكفل حماية المجتمع من هذه الظاهرة وما شاكلها، ونحن على يقين أنها لن تستمر لو اتخذت في حقها الإجراءات التي تكفل سلامة المواطن الكريم.
ومن الظواهر الأخرى والتي يجب أن نتعاون نحن في إيقافها هي إفراغ هذه المناسبة أيضاً من هدفها الأول؛ كونها مناسبة للأطفال يفرحون بها وفيها، متنقلين من منزل إلى منزل في أشكال وجماعات تبعث على الفرح والسعادة والابتهاج، وإذا نحن لا نرى ذلك الآن، بل ما نراه هو أشكال وألوان من النساء والفتيات في مناظر لا تليق بمجتمعنا المحافظ، بل وصل الحال لأن يطوف الرجل مع المرأة، سواء زوجته أو قريبته على البيوت لينال نصيب ذلك الطفل الذي يحاول بين هؤلاء وعلى خوف وخجل وتردد أن يشارك بالمناسبة ولكنه سرعان ما يعود لمنزله خائباً خائفاً وقد حرم من المناسبة المسلوبة منه.
هذه المناسبة أيها الناس هي مناسبة شريفة وعظيمة بشرف وعظمة مولودها، وقد توارثنا ما يصاحبها من جمال جيلاً بعد جيل؛ لتكون نقية وطاهرة بنقاء وطهارة من تقام بسببه، فلماذا كل هذا الهرج والعبث بها، والغريب أننا نرى شكالاً غريبة عن كل حي ومنطقة، يتوافدون فرادى وجماعات يقتحمون البيوت بحجة أصطحاب الأطفال، وفي الغالب لا أطفال مصاحبة الآن، بل الغالبية الطاغية هي نسوة وبنيات وشابات لا ندري ما الذي يدفعهن لما يفعلن، في مناظر بعضها بعيد عن الحشمة والوقار بكل صراحة، ويا للأسف.
إننا نأمل أن تعود المناسبة كما كانت، يفرح بها الطفل، ويخرج من منزله آمنًا فرحًا بثيابه الزاهية، يمر على بيوت حارته، ويعرف الوجوه التي حوله وهو مع أقرانه يرددون الأهازيج التراثية المصاحبة للمناسبة، ثم يعود محملاً بالحلويات والهدايا التي أعطاه إياها إمامه الحسن الزكي (عليه السلام)، لا أن تكون هذه المناسبة وبالاً عليه وعلينا نتمنى انقضاء ليلتها بأسرع وقت ممكن.
علينا العمل جميعًا على إيجاد الحلول المناسبة للحد من الظاهرة السلبية فعلاً، ونحن نقترح هنا وكما بدأ يحصل في بعض المناطق أن تقام مهرجانات قريقعان توضع لها ضوابط خاصة، وأن تكون مهرجانات للطفل فقط وإن صحبه أهله، وأن تكون في كل منطقة، وهي ليست صعبة لأننا نحب المحاكاة والمنافسة، فما أن تقام فعالية جديدة حتى ترى ما يشابهها لاحقاً في مناطق أخرى.
كما نقترح أن يمتنع الأهالي عن إعطاء غير الأطفال بركة المناسبة وألا تفتح أبواب منازلنا سوى للأطفال وأن نكتب على الأبواب ممنوع دخول غير الأطفال، ونظن أن هذا سيكون سبيلاً فاعلاً للحد من هذه الظواهر التي لا تمثل مجتمعنا الموالي.
ونحن إن تغافلنا، بل وتعمّدنا التعافل والتجاهل وعدم الاكتراث، فإن الوضع سوف يزداد، وربما يأخذنا إلى المجهول الذي لن تنفعنا فيه الندامة لاحقاً، ولن نستطيع التحكم فيه والستر عليه.
وكل عام وأنتم بخير…