الله الله في القرآن

توجد علاقة وطيدة ورباط متين بين القرآن وشهر الصيام، تلك العلاقة التي يشعر بها كل مؤمن في قرارة نفسه مع أول يوم من أيام هذا الشهر الكريم، فيُقْبِل على كتاب ربه يقرأه بشغف بالغ، فيتدبر آياته ويتأمل فيه.

إذ هو شهر القرآن، وربيعه قال جل وعلا: {شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان}.

ومما ينبغي أن يُعْلَم أن ختم القرآن ليس مقصوداً لذاته، وأن الله عز وجل إنما أنزل هذا القرآن للتدبر والعمل، لا لمجرد تلاوته والقلب غافل لاه، قال سبحانه: {كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته}.

وقال: {أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها} وقد وصف الله في كتابه أمماً سابقة بأنهم {أميون لا يعلمون الكتاب إلا أماني} وهذه (الأمية) هي أمية عقل وفهم، وأمية تدبر وعمل، لا أمية قراءة وكتابة، و”الأماني” هي التلاوة -كما قال المفسرون- بمعنى أنهم يرددون كتابهم من غير فقه ولا عمل.

إذن، فختم القرآن ليس مقصوداً لذاته، وليس القصد من تلاوته أن نقرأ دون تدبر ولا خشوع ولا ترقيق للقلب ووقوف عند المعاني، ليصبح همُّ الواحد منا الوصول إلى آخر السورة، أو آخر الجزء، أو آخر المصحف.

وكما يقول أحد العلماء: “إن الأُنس بالقرآن يُقوِّي ويُعمِّق المعرفة الإسلامية في أذهاننا”.

لكن نلحظ هذه الأيام المجالس متنورة بالقرآن إلا أن الكثير لا يتأمل ولا يتفكر في كلام الله، وربما هو جالس في جلسة قرآنية إلا أن القصص والطرائف يلتفت إليها أكثر من كلام الله، ويكون الضحك ورفع الصوت مع وجود تلاوة القرآن.

أخي المؤمن تذكر قول الله تعالى: {وَإِذَا قُرِئ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُواْ لَهُ وَأَنصِتُواْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ}.

وتذكر كذلك قول النبي “ص”: “مَنْ أعْطَاهُ الله القُرْآن فرَأى أنَّ رجُلاً أُعْطِيَ أَفْضَلَ ممّا أُعْطِيَ فقَد صغَّرَ عَظِيْماً وعَظَّمَ صغيراً”.

وقال “ص”: “إِنْ أَرَدْتُّمْ عَيْشَ السُّعَدَاءِ، ومَوْتَ الشُّهَدَاءِ، والنَّجَاةَ يَوْم الحَسْرَة، والظِّل يَوْم الحَرُور، والْهُدَى يَوْم الْضَّلَالَة، فَادْرُسُوا القُرآنَ، فإنّه كَلَامُ الرَّحْمن، وحِرْزٌ مِن الشَّيْطَانِ، ورجَحَانٌ فِي الْمِيزَان”.

وأختم حديثي بوصيةِ علي “عليه السلام”: “الله الله في القُرْآن، لا يَسْبِقكُمْ بالعَمَلِ بِهِ غَيْرُكُمْ”.

اللهم لا تحرمنا بركات كتابك العظيم، وارزقنا الأنس به، اللهم بدِّد به أحزاننا واشف به أسقامنا، اللهُـم لا تحرمنا خيَرك بقلةِ شُـكرنا.


error: المحتوي محمي