في القطيف.. 250 طفلًا يكشفون عن إبداعاتهم الفنية بـ«لؤلؤة المحيط»

يحظى الأوبريت الإنشادي بإقبال لحضوره لما يشعر به المشاهد بمدى كفاءة المؤدين فيه حين يكون التواصل معه بلغة الجسد حاضرًا دون حواجز للشاشات، ودون فلاتر ومقصات بالمونتاج، لعرض لوحة متناغمة ينساب بها هدف المشهد مع حروف أناشيدها وحركاتها.

وماذا إذا كان الأوبريت مؤديه هم أطفال يزهرون بأعمارهم الصغيرة التي كانت بين الخامسة والسادسة، تتراقص زهراتهم على نغم أصوات إنشادهم، فحينها نجزم أن تكون العفوية هي بطلة الأوبريت بجدارة، كما وُجدت في أوبريت “لؤلؤة المحيط” الذي أداه قرابة 250 طفلًا وطفلة مثّلوا تسعة فصول على خشبة أحد مسارح رياض الأطفال وتوزعو على ثلاثة أيام بواقع ثلاثة فصول لكل يوم، حيث كان ختامه يوم الاثنين 15 إبريل 2019م.

وحمل الأوبريت فكرة وسيناريو الكاتبة زينب أكريكيش، وقصائد الشاعرة أمل الفرج، وقام بالهندسة الصوتية محمد الزاير، وبتدريب معلمات فصول التمهيدي والتكميلي، وكان الأداء الصوتي لمحمد الزاير، وزهراء الزاير، ومحمد كريكيش وبشرى البشراوي.

المُلهم الأول

وعن فكرة الأوبريت قالت زينب أكريكيش لـ«القطيف اليوم»: كان الملهم الأول لكتابة الأوبريت بيت الشاعر القائل:
أنا البحـر في أحشائه الدر كامـن
فهل سائلو الغواص عن صدفاتي

فعلى أثر هذا البيت تولّدت فكرة الأوبريت والتي تحمل رسالة العلم والتعلم كهدف نبيل وطموح سامٍ، ويسعى الإنسان بكل طاقته لتحقيقه فهو سبيله للنجاة والعيش الكريم.

وتابعت: وكعادتنا نقدم للطفل عملًا يتضمن عدة أهداف تربوية ودينية فكان العمل يحمل أكثر من هدف، بدأ بالسعي في طلب الرزق الحلال من مصادره التي وهبها الله للإنسان كالأرض وخيراتها والبحر وكنوزه وغيرها، وبتتابع الأحداث بتسلسل يحوي رغبات الإنسان والصراع الداخلي في نفسه في اختيار طريق حياته ليكتشف أن العلم هو سبيله الأخير لتحقيق كل رغباته وأنه سلاحه الأقوى لتحدي ظروف الحياة والارتقاء بالنفس.

شهر من التدريب

كل من ينخرط في عالم الأطفال ويتعامل معهم يدرك صعوبة تنظيمهم، خاصة إذا كان عددهم كبيرًا، لكن نتيجة شهر من التدريبات التي تلقاها الأطفال أثمر عن إخراج لوحات إنشادية منظمة بالأوبريت عكسها أداء الأطفال، وتحدثت أكريكيش عن الصعوبات التي واجهتهم بالتدريب بقولها: واجهتنا بعض الصعوبات في التدريب حيث إن التدريب يتم خلال اليوم الدراسي والأطفال في مرحلة تمهيدي يتلقون مهارات أساسية ومن الصعب أخذهم لفترات طويلة خارج الصف.

وعن مدى صعوبة محاكاة الكلام المسموع الذي يؤدون دوره بالنسبة للأطفال، قالت: الأصعب من وجهة نظري أن يحاكي الطفل النص فقط دون حفظ، والأفضل أن يحفظ النص ويؤديه في البروفات بصوته قبل مرحلة المحاكاة لأنه يجعله أكثر ثقة في الأداء إذا كان حافظًا للنص بشكل جيد ويسهل عليه مرحلة محاكاة التسجيل الصوتي.

لهذا فقد تدربوا على النص وحفظوه وأدوه خلال البروفات بصوتهم دون سماع التسجيل كمرحلة أولى، والمرحلة الثانية كانت سماع التسجيل الصوتي وفي هذه المرحلة يرتبك الطفل في البداية لأنه يختلف عليه الأسلوب في الإلقاء، لكنه سرعان ما يدخل في الجو ويحاكي التسجيل بصورة عفوية ويندمج معه.

اكتشاف للذات

ومن جانبها، قالت اختصاصية الطفولة والأسرة فاطمة الحليلي: يعتبر المسرح خطاباً تربوياً يعلم الأطفال اكتشاف الذات ومن خلاله تتم عمليه اكتشاف العالم، وتعمل هذه الاحتفالات كدعم لغرس المبادئ والقيم في نفس الطفل.

وتتابع: فعلى المستوى التعليمي تمنح الطفل نموذجاً للتعليم الفردي في تقنيات البيداغوجيا وعلى المستوى النفسي تحقق الشفاء النفسي من الظواهر النفسية كالخوف والخجل والانطواء، وتساعد الطفل على استخدام وسائل الاتصال الفعّاله للتعبير عن فكرة أو مفهوم أو شعور ما عن طريق اللغة وحركة الجسم وتعبيرات الوجه والإشارات وأسلوب الكلام.

واختتمت الحليلي بقولها: وعلى المستوى الاجتماعي تعوّد الطفل على كيفية الاندماج في جماعة وربط حياتهم الاجتماعية مع الوسط التعليمي وذلك عن طريق ربط الاهتمام بقضايا المجتمع، حيث إن مسرح الطفل يُنشئ أفرادًا سعيدين متوازنين، فهو قناة من القنوات التربوية المهمة في مجال تكوين وبلورة شخصية الطفل نفسياً واجتماعياً ووجدانياً علاوة على ما يحقق من إشباع لرغبة الطفل في اللعب والمحاكاة والتعبير وصقل مواهبه حيث إن مسرح الطفل يمتلك قوة دفع كبيرة للوصول لنتائج بعيدة المدى.


error: المحتوي محمي