الأجهزة الذكية ووسائل الانفصال الاجتماعي!!

كان منشغلًا بالهاتف وضغط على الرقم 7 بدلًا من 9 بالمصعد، ولم ينتبه عند وصوله إلى باب الشقة بأنها شقة الجيران، فتح الباب الذي لم يكن مغلقًا بالمفتاح، ودخل وجلس وما زال مشغولًا بقراءة الواتس آب، بينما زوجة جاره كانت منشغلة أيضًا بالمسلسل التليفزيوني وناولته فنجان الشاي دون أن تنظر إليه، وفجأة دخل زوجها وكان أيضًا مشغولًا بالهاتف، وعندما نظر ووجد رجلًا غريبًا اعتذر وقال: “آسف فقد دخلت إلى الشقة بالغلط” (إنها وسائل الانفصال الاجتماعي)، ذات يوم وصلتني هذه الرسالة في أحد جروبات الواتس آب، فجزء من الناس يضحك بينما الآخر يبكي، فهل فعلًا سمحنا لتلك التطبيقات بأن تتمكن منا وتفصلنا عن حياتنا الواقعية وتبعدنا عن أهالينا وفلذات أكبادنا!!

لقد سمعنا عن ادمان المواد المخدرة وربما رأينا أناسًا قد أدمنوا القهوة أو الشاي، ولكن الغريب اليوم أن نرى أناسًا قد أدمنت أجهزتهم وبالخصوص هواتفهم الذكية، إن من علامات الشخص المدمن هو أنه لا يستطيع أن ينفصل أو يبتعد عن جهازه ويحرص دائمًا على وجوده معه حتى في دورات المياه، كذلك نجد هذا الشخص في أغلب الأحيان يلجأ إلى جهازه من دون الحاجة إليه، وهذه في الواقع مشكلة حقيقية قد تستدعي مساعدة نفسية من مختصين لعلاج الأضرار التي قد تنتج من هذا الإدمان وأهمها العزلة، حيث إن مدمن الهاتف الذكي قد يصبح فريسة لخطر هذا الإدمان، وبالتالي سيبتعد عن مجتمعه الطبيعي ليعيش مع نفسه وجهازه فقط، أيضًا يصاب المدمن بتشتيت في الذهن وعدم التركيز وكثرة النسيان.

لقد أجريت دراسة لمعرفة التأثير على الرؤية والضوابط الحركية وعلى تنظيم وظائف الدماغ المختلفة مثل القلق والنعاس، وباستخدام الرنين المغناطيسي أخذ الأطباء صورًا ثلاثية الأبعاد لأدمغة المشاركين وركزوا على مراقبة حمض (GABA) وهو ناقل عصبي في الدماغ الذي يمنع أو يبطئ إشارات الدماغ، وكانوا يبحثون أيضًا عن الأحماض الأمينية الغلوتامات والغلوتامين التي تتفاعل مع (GABA)، فاتضح أن المراهقين المدمنين لديهم كميات من (GABA) أعلى من الغلوتامات والغلوتامين في القشرة الحزامية الأمامية (جزء معين من الجزء الأمامي من الدماغ الداخلي)، كما لاحظ الباحثون وجود علاقة وثيقة بين القياسات ومستويات الإدمان والاكتئاب والقلق، ثم خضع 12 شخصًا من المشاركين المدمنين في برنامج العلاج السلوكي المعرفي، ورجعت بعد ذلك نسبة (GABA) إلى طبيعتها عند المرضى الذين تلقوا العلاج مدة تسعة أشهر.


error: المحتوي محمي