هل شعرت يومًا أن المركز الذي يذهب إليه طفلك الذي يعاني من مُشكلةٍ ما عبارة عَن مكان تجمع للأطفال مِن ذوي الاحتياجات الخاصّة فقط، دون مراعاة لمستويات حالتهم المرضية، وهل لامست أن المركز غير المرخص لا يقدم أي خدمات إعادة تأهيل على أسس علمية، غير المطالبات المالية الشهرية أو الأسبوعية التي أثقلت كاهلك؟!
لمناقشة أوضاع هذه المراكز غير المؤهلة وغير المرخصة، التقت «القطيف اليوم» بعدد من المهتمين الذين كشفوا أن هذه المراكز تفتقد إلى أبسط معايير ومقاييس مباني المراكز والكفاءات المهنية التي يعد همها الوحيد الربح المادي المرتفع، والسؤال الأهم؛ لمن يلجأ الوالدان إذا لاحظا أن طفلهما تغير سلوكه فجأة أو تأخر في فعل مهارة ما؟
الاختصاصي في التربية الخاصة عقيل الشعيب أرجع سبب زيادة عدد هذه المراكز غير المرخصة إلى زيادة أعداد ذوي الاحتياجات الخاصة، مشيرًا إلى أن المراكز الموجودة غير قادرة على استيعاب أعدادهم المتزايدة.
وقال “الشعيب”: “مع ارتفاع تكاليف البرامج تميل كثير من الأسر إلى التوجه إلى مراكز غير مرخصة مع “مختصين قليلي الخبرة”؛ أو مع أشخاص دخلوا المهنة بمجرد أن حضروا ورشًا ودورات في مجال التربية الخاصة فأصبحوا يمارسون العمل مع الحالات ظنًا منهم أنهم قادرون على إكساب الأطفال مهارات ومعارف”.
استبيان
وطالب بعمل استبيان للوقوف فعليًا على جودة الخدمات المقدمة لذوي الاحتياجات سواء المراكز المرخصة أو غير المرخصة، كذلك وزارة التعليم وتوجيهها للأسر من ذوي الاحتياجات، وعمل إحصائية عن رضى المستفيد من هذه الخدمات.
معايير المراكز
وعن أهم المعايير التي يجب أن تتميز بها المراكز، أوضح “الشعيب” أن المركّز لابد أن يوفّر فريق عمل يضم مختصين مكوّن من مختص تربية خاصة، ومختص نفسي، ومختص اضطراب اللغة والكلام، ومختص علاج وظيفي، إضافة إلى أن أعداد ذوي الاحتياجات الخاصة يجب أن تكون متناسبة مع البيئة التعليمية وكذلك التجهيزات الملائمة.
معايير المعلم
وعن معايير معلم مختص التربية الخاصة يقول “الشعيب”: “لابد للمعلم من أن يكون حاصلًا على شَهَادَة جامعية تؤهله للعمل مع ذوي الاحتياجات الخاصة مع تنمية وتطوير ذاته من خلال مشاركته في الندوات، وورش العمل، والدورات المتخصصة، وحضور المنتديات، والاطلاع على كل ما هو جديد”.
الآثار السلبية
وبيَّن أن وجود الأطفال من ذوي الاحتياجات في بيئة تعليمية غير مؤهلة ستنعكس آثاره السلبية على الأسرة والطفل معًا؛ مستنزفة أموال الأسرة مع شعورها بعدم الثقة في المراكز الأخرى ومدى فعاليتها، إضافة إلى إصابتها بالإحباط والاستسلام للواقع، وترك الطفل دون تنميته، ويكون عالة بالتالي على الأسرة والمجتمع، أما الآثار المترتبة على الطفل فيظهر عليه الشعور بالدونية والعجز أو قد يكون مضادًا للمجتمع وللأسرة أو يميل للانعزال أو مصاحبة الأشرار.
مراكز تجارية
معلم التربية الخاصة مسار “إعاقة عقلية” منير الشيخ يقول إن الكثير من برامج هذه المراكز تجارية بحتة، تقدم خدماتها بأسعار مرتفعة وخيالية مستغلة ظروف الأطفال الخاصة وأسرهم دون جدوى أو فائدة تعود على الطفل.
ويضيف “الشيخ”: “سمعتُ الكثير من القصص التي تحكي عن مختصين أجانب وغيرهم مواطنين يطلبون للجلسة الواحدة للطفل ١٠٠ ريال و٥٠٠ ريال في الأسبوع الواحد”، متسائلًا: “لماذا كل هذا الغلاء وهذه المتاجرة؟ وهل هذا المختص يملك الأدوات الكافية، والوسائل المتنوعة، والمساعدة في تحسين مهارات الطفل سوى الألوان، والكراسات، وبعض الألعاب؟”.
مؤهلات مجهولة
ويتابع: “نحن لا نعرف عن مؤهل هؤلاء العلمي ولم نراه رؤيا العين، وهل إذا كانت شهاداتهم حقيقية معتمدة من جامعات أو كليات مَعروفة”، مشيرًا إلى أن هذه الأمور يجب معرفتها والتأكد منها قبل أن يشرع الأهل في تسجيل أبنائهم في هذه المراكز.
بدائل تغني
ويوضح “الشيخ”: “هدفنا الأول من هذا كله هو توعية الأسر بضرورة أن يكون لديهم بدائل وثقة بأنفسهم أكثر من المعلمات والمعلمين المخادعين، وذلك بأن يعملوا على تدريب أنفسهم على بعض المهارات والبرامج والمقاييس وتطبيقها مع أطفالهم، وهو بالطبع أفضل بكثير من المراكز، وأن يتحمل الأهل مسؤولية تدريب أبنائهم بأنفسهم أسوة بالدول المتقدمة كأمريكا”.
تغير سلوك الطفل
لو لاحظت الأم أن طفلها قد تغير سلوكه فجأة ماذا تفعل ولمن تلجأ في مثل هذه الحالة! استشارية الطب النفسي الدكتورة ساهرة السنان تجيب عن السؤال قائلة: “إذا لاحظت الأم أي تغير سلوكي في طفلها، بمعنى أن سلوكه المتغير مستمر معظم الوقت ويؤثر على الطفل والأسرة؛ فلنفترض أن هذا السلوك هو “نوبات غضب” متزايدة ويصعب معرفة سببها أو إنهائها، ومنه تغير مستوى الطفل الدراسي أو رفضه الذهاب إلى المدرسة، وفي هذه الحالة عليها الإسراع لتحديد موعدٍ مع مختص نفسي كطبيب أو مختص نفسي”.
اضطراب نمائي
وتُضيف “السنان” أنّ الاضطراب النفسي يُصيِّب الأطفال كما يُصيِّب البالغين، وهذه المعلومة لا يعلمها البعض، فمقابلة الأهل والفحص نفسي للطفل للتأكد من وجود اضطراب نمائي مهم جدًا لتشخيص الطفل، بالإضافة إلى عمل خطة علاجية بالتعاون مع الأهل.
كليات التربية
وتوضح أن كليات التربية الخاصة لها مخرجات مختلفة مثل فروع إعاقة ذهنية والتوحد، فخريج التربية الخاصة مع سنوات الخبرة والتمرس بعمله يكون مؤهلًا لأن يقدم التعليم والتأهيل الذي يناسب كل حالة فقط، وليس العلاج السلوكي أو الدوائي.
عمل الطبيب والمختص
وتؤكد “السنان” أن الطبيب النفسي المختص بطب نفسي أطفال هو الذي يعمل على التشخيص ووضع الخطة العلاجية والسلوكية بمشاركة فريق علاجي كمختص تخاطب، ومعالج سلوكي، لافتة إلى أن المختص يقوم بعمل مقاييس لازمة للتأكد من التشخيص مثل فحص الذكاء، وربما يكون هناك معالج وظيفي، إذ إن التدخل والتشخيص يعتمد على وجود فريق متكامل وليس شخصًا واحدًا.
وتبين أن هناك معلومة مهمة تفيد بأن الكثير من الأطفال المصابين باضطرابات نمائية يكون عندهم أكثر من اضطراب؛ فعلى سبيل المثال نسبة من أطفال المصابين باضطراب طيف التوحد يتم تشخيصهم باضطراب فرط حركة، وتشتت انتباه، أو إعاقة فكرية.